حقائق مقلقة .. حملات رقابية تكشف مبيدات زائدة في مزارع مكة

كشفت نتائج فحوصات مخبرية حديثة أجراها فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكة المكرمة عن وجود نسب مرتفعة من متبقيات المبيدات في عدد من المنتجات الزراعية المحلية، الأمر الذي أثار تساؤلات حول مدى التزام بعض المزارع بالمعايير المعتمدة للسلامة الغذائية وحماية المستهلك.
وجاءت هذه النتائج ضمن حملة رقابية موسعة نفذها الفرع في عدد من المحافظات والأودية التابعة لمنطقة مكة المكرمة، ضمن خطة رقابية دورية تهدف إلى مراقبة جودة المنتجات الزراعية والتأكد من سلامتها للاستهلاك البشري، بما يتماشى مع التوجهات الوطنية لتعزيز الأمن الغذائي والحفاظ على الصحة العامة.
إقرأ ايضاً:قرار استثنائي.. النيابة العامة تؤكد الإعفاء التام من العقوبة في هذه الحالة!نداء هام لجميع المعتمرين القادمين.. "الجوازات" تشدد على هذا الشرط الأساسي قبل الوصول
وخلال الحملة، تم سحب 187 عينة من مختلف المنتجات الزراعية، شملت 171 عينة من الخضروات و16 عينة من الفواكه، إضافة إلى عينات من التمور والعسل ومحاصيل الحقول، حيث أُرسلت جميع العينات إلى مختبر متبقيات المبيدات في محافظة جدة لتحليلها وفقًا للمواصفات السعودية والأوروبية المعتمدة.
وأظهرت التحاليل أن الغالبية العظمى من العينات كانت مطابقة للمعايير، حيث جاءت 167 عينة خالية تمامًا من متبقيات المبيدات، و14 عينة ضمن الحدود المسموح بها، إلا أن المفاجأة كانت في تسجيل 6 عينات تجاوزًا واضحًا للحدود الآمنة، وهو ما يمثل نسبة 3.2% من إجمالي العينات المفحوصة.
ومن بين العينات غير المطابقة، سجل النعناع المنتج في محافظة جدة أعلى معدلات التجاوز، إلى جانب نباتات أخرى مثل الحبق والدوش والقرع والبطاطس، بالإضافة إلى الجرجير من محافظة الطائف، مما يشير إلى وجود تحديات في بعض المزارع فيما يتعلق بالالتزام باستخدام المبيدات بشكل آمن ومسؤول.
ورغم انخفاض النسبة العامة للعينات المخالفة، إلا أن اكتشاف هذه المنتجات في الأسواق المحلية قد يثير مخاوف المستهلكين بشأن مدى موثوقية ما يتم تداوله من محاصيل زراعية، ويطرح علامات استفهام حول كفاءة الرقابة في بعض المواقع الزراعية التي لم تلتزم تمامًا بالإرشادات والتوصيات الفنية.
وفي هذا السياق، أكد مسؤولو الفرع أن هذه الحملات لا تقتصر على الفحص فقط، بل تشمل أيضًا التوعية والإرشاد الميداني للمزارعين، حيث قامت الفرق الرقابية خلال الجولات بتقديم نصائح مباشرة للعاملين في الحقول حول الممارسات الزراعية السليمة وأهمية تحديد نوع الآفة قبل استخدام أي مبيد.
وشددت الفرق الرقابية على ضرورة الالتزام بفترات التحريم قبل الحصاد، وهي المدة الزمنية التي يجب أن تنقضي بين آخر استخدام للمبيد وتوقيت جني المحصول، لضمان خلو المنتجات من أي بقايا قد تضر بصحة المستهلك أو البيئة المحيطة.
وتأتي هذه الجهود ضمن برنامج وطني شامل لرصد متبقيات المبيدات في المنتجات الزراعية، تشرف عليه إدارة الزراعة في فرع الوزارة، ويُعد من أبرز البرامج التي تهدف إلى رفع معايير السلامة الغذائية وضمان توفير غذاء صحي وآمن للمستهلكين في المملكة.
ويسعى البرنامج إلى ترسيخ ثقافة الزراعة النظيفة بين المزارعين، وتقديم الدعم الفني اللازم لهم في سبيل تحسين جودة الإنتاج المحلي، وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية السعودية في الأسواق المحلية والدولية على حد سواء.
وتعكس هذه الخطوة حرص الوزارة على تبني سياسات استباقية في مجال الرقابة الغذائية، في ظل تزايد الطلب على المنتجات الزراعية المحلية، وارتفاع مستويات الوعي لدى المستهلكين بأهمية السلامة الغذائية وجودة المحاصيل.
ويُتوقع أن تستمر هذه الحملات الرقابية خلال الفترة المقبلة، مع توسيع نطاقها لتشمل المزيد من المواقع الزراعية والأسواق المركزية، حيث سيتم التركيز على المزارع التي ظهرت بها ملاحظات أو سجلت نتائج غير مطابقة، لضمان تصحيح الوضع ومتابعة الأداء.
كما تعمل الوزارة على تطوير آليات الفحص والتحليل، وتعزيز قدرات المختبرات المعتمدة لديها، وذلك بهدف تسريع عمليات الكشف وتوسيع نطاق التغطية، بما يُسهم في توفير بيانات دقيقة تسهم في اتخاذ قرارات فعالة وسريعة عند رصد أي تجاوزات.
ويُنتظر أن تسهم هذه الإجراءات في رفع مستوى ثقة المستهلكين بالمنتجات المحلية، ودعم رؤية المملكة في تحقيق أمن غذائي متكامل ومستدام، قائم على ممارسات زراعية حديثة ومسؤولة.
وتؤكد الوزارة في كل مناسبة أن سلامة المستهلك خط أحمر، وأنها لن تتوانى عن اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد أي مخالفة تهدد صحة المواطنين والمقيمين، سواء من خلال التحذير أو الغرامات أو إحالة المخالفين إلى الجهات المعنية.
وتدعو الوزارة جميع المزارعين إلى الالتزام التام بالتعليمات الفنية المتعلقة باستخدام المبيدات، والاستفادة من البرامج التوعوية التي تقدمها الإدارات الزراعية، في سبيل تعزيز الوعي بالممارسات السليمة والآمنة للزراعة.
وتواصل الجهات المختصة التأكيد على أن مثل هذه الجولات تُعد أداة فعالة لتحديد مواطن الخلل وتحسين جودة الإنتاج، بما يسهم في تعزيز مكانة القطاع الزراعي كأحد أعمدة التنمية المستدامة في المملكة.