قرار استثنائي.. النيابة العامة تؤكد الإعفاء التام من العقوبة في هذه الحالة!

في خطوة توعوية نوعية تعكس اهتمام الدولة بأمن المجتمع وصحته، أطلقت النيابة العامة بالشراكة مع عدد من الجهات الحكومية، الحملة الوطنية التوعوية تحت عنوان "مبادرتك تعفيك"، التي تهدف إلى فتح باب الأمل أمام من تورطوا في قضايا المخدرات وتشجيعهم على اتخاذ القرار الصعب نحو الإنقاذ الذاتي.
وتسعى الحملة إلى تسليط الضوء على جوانب النظام القانونية التي تتيح الإعفاء من العقوبة لمن يبادر بالإبلاغ عن الجريمة أو يطلب العلاج طوعًا، وذلك وفقًا لما نصّت عليه مواد نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، في توجه يعزز مفهوم العدالة الإصلاحية ويمنح الأولوية لإنقاذ الأرواح قبل معاقبتها.
إقرأ ايضاً:السعودية تنضم لمهمة Ax-4 عبر تجارب "مداك" إلى محطة الفضاء الدوليةالسوق المالية تسدد ضربة قاسية لمخالفي الأنظمة بغرامات تتجاوز 96 مليون ريال
الحملة التي انطلقت مساء الخميس من مدينة الدمام، تمثل رسالة مجتمعية واضحة بأن باب العودة مفتوح، وأن النظام لا يهدف فقط إلى العقوبة، بل يسعى إلى الإصلاح، إذ تمنح مواد النظام فرصًا حقيقية لكل من يبادر إلى طلب العلاج أو التعاون مع الجهات المختصة بالإبلاغ.
وقد أوضحت النيابة العامة أن الهدف الأساسي للحملة ليس فقط التوعية بالأنظمة، بل إحداث تغيير جذري في نظرة المجتمع نحو من يسلك طريق العودة، عبر تعزيز ثقافة المبادرة كخطوة أولى نحو الشفاء والحياة الكريمة، بعيدًا عن دائرة الخوف أو التردد.
وتُعد هذه المبادرة القانونية الإنسانية جزءًا من جهود وطنية متكاملة لمكافحة آفة المخدرات من جذورها، حيث تؤكد الدولة أن المواجهة لا تقتصر على الجوانب الأمنية، بل تمتد إلى الأبعاد النفسية والاجتماعية والصحية، وبما ينسجم مع رؤية السعودية في بناء مجتمع آمن وصحي.
كما شددت النيابة العامة على أن الحملة جاءت لتؤكد أن من يُقبل طوعًا لطلب العلاج، أو من يبلغ عن الجريمة قبل اكتشافها من قبل الجهات الأمنية، يُمكن أن يُعفى من العقوبات المقررة، وهو ما يشكّل فارقًا كبيرًا في مصير الكثيرين الذين يترددون في اتخاذ القرار.
وتُبرز الحملة دور الأسرة والمجتمع في دعم هذا النوع من المبادرات، إذ لا يكفي أن يكون النظام مرنًا، بل يجب أن يجد الفرد بيئة مشجعة تحفزه على التغيير، وتدعمه في تجاوز العقبات النفسية والاجتماعية المرتبطة بطلب العلاج أو الإبلاغ.
وتأتي هذه الحملة في توقيت بالغ الأهمية، في ظل ما يشهده العالم من تحديات متزايدة في مكافحة المخدرات، حيث تسعى المملكة إلى تقديم نموذج يُحتذى في الدمج بين الحزم والرحمة، وبين الردع القانوني والفرصة الثانية.
وتنطلق الحملة كذلك برسائل إعلامية وتوعوية موجهة لكافة شرائح المجتمع، بما في ذلك فئة الشباب، التي تُعد الأكثر عرضة للاستهداف من شبكات التهريب والترويج، وهو ما يضع على عاتق الجميع مسؤولية في نشر الوعي والدعوة للمبادرة.
وتُسهم هذه الجهود في تخفيف الضغط على الجهات المعنية، عبر تقليل عدد القضايا التي تصل إلى مراحل العقوبة، وتحويلها إلى فرص علاج وتأهيل، تعود بالنفع على الأفراد أولًا، ثم على النسيج المجتمعي ككل.
ويؤكد القائمون على الحملة أن التوعية القانونية يجب ألا تبقى حبيسة النصوص، بل يجب أن تُترجم إلى ثقافة مجتمعية قائمة على الفهم الواعي للنظام، وعلى الإيمان بأن القانون يمنح خيارات، وأن "المبادرة" ليست ضعفًا، بل شجاعة.
كما تعكس هذه الحملة البعد الإنساني العميق في فلسفة العدالة السعودية، والتي تمنح الأفراد فرصًا للخروج من الظلام إلى النور، وتؤسس لجيل يعرف حقوقه وواجباته، ويعي أن القانون ليس فقط أداة عقاب، بل مرفق إصلاح وإنقاذ.
وتشكل مبادرة "مبادرتك تعفيك" جرس إنذار لمن يظن أن طريق التوبة والإصلاح مغلق، حيث تفتح المجال أمام كل من ضلّ الطريق، ليبدأ من جديد دون أن تُلاحقه وصمة الإدانة، إذا ما قرر العودة بإرادته.
ومن المتوقع أن تحقق الحملة أثرًا ملموسًا خلال الفترة المقبلة، لا سيما مع تزايد التعاون بين الجهات الحكومية المعنية بمكافحة المخدرات، والمؤسسات الصحية والاجتماعية، بما يُسرع من تحقيق الأهداف المرجوة على أرض الواقع.
وختامًا، فإن إطلاق هذه الحملة يمثّل رسالة أمل جديدة، تُؤكد أن الدولة تضع الإنسان في قلب أولوياتها، وتؤمن أن إنقاذه من براثن الجريمة لا يقل أهمية عن منعها، وأن الباب لا يزال مفتوحًا أمام كل من يختار طريق العودة.