لماذا يُعد الشتاء أقصر الفصول فلكيًا؟ المسند يكشف السبب وراء هذه الظاهرة

لماذا يُعد الشتاء أقصر الفصول فلكيًا؟
كتب بواسطة: احمد باشا | نشر في  twitter

في تفسير علمي مثير للاهتمام، أوضح أستاذ المناخ بجامعة القصيم سابقًا، الدكتور عبدالله المسند، السبب الفلكي الذي يجعل فصل الشتاء هو الأقصر من بين الفصول الأربعة في السنة. 

وفي وقت تتجدد فيه الأسئلة الشعبية حول سر تفاوت طول الفصول، قدّم المسند شرحًا علميًا مبسطًا يدور حول قوانين الجاذبية وحركة الأرض المدارية، في سياق يربط علم الفلك بالجغرافيا المناخية.


إقرأ ايضاً:بلاغ كاذب يهز مطار الكويت.. السلطات تتحفظ على المتسبب وتؤكد: الرحلات لم تتأثرلا عوائق أو تأخير.. "حرس الحدود" يؤكد: نعمل لعودة كل حاج إلى وطنه بسلام ويسر

وقال الدكتور المسند، عبر منشور له على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، إن فصل الشتاء يُعد دائمًا الأقصر من بين الفصول الأربعة، إذ لا تتجاوز مدته في المتوسط 89 يومًا، في مقابل فصل الصيف الذي يعتبر الأطول بمتوسط زمني يصل إلى نحو 93.65 يومًا، وأثار المسند هذا الطرح كمقدمة لسؤال جوهري: لماذا الشتاء أقصر؟

وقد جاء الجواب من منظور فلكي دقيق، حيث أرجع المسند السبب إلى طبيعة مدار الأرض البيضاوي حول الشمس، وهو ما يعرف بالفلك باسم "المدار الإهليلجي". 

وأوضح أن الأرض في أوائل يناير من كل عام، تكون في أقرب نقطة لها من الشمس، وتُعرف هذه النقطة علميًا بـ"الحضيض الشمسي"، وفي هذا الموضع من المدار، تزداد قوة جذب الشمس للأرض لتبلغ ذروتها.

ونتيجة لهذه القوة، تزداد سرعة الأرض المدارية بشكل ملحوظ، وهذا ما يفسره "قانون كبلر الثاني" في الفيزياء الفلكية، والذي ينص على أن الكوكب يتحرك بسرعة أكبر عندما يكون أقرب إلى الشمس، وسرعته تقل عندما يكون أبعد عنها. 

وبذلك، فإن الأرض تقطع الجزء الخاص بفصل الشتاء من مدارها بسرعة أعلى، فتقضي وقتًا أقل في هذه المرحلة، وهو ما ينعكس على قصر هذا الفصل من الناحية الفلكية.

وعلى الجانب الآخر من المدار، عندما تصل الأرض إلى أبعد نقطة عن الشمس المعروفة بـ"الأوج" في أوائل يوليو، تضعف الجاذبية الشمسية نسبيًا، وبالتالي تقل السرعة المدارية للأرض، مما يؤدي إلى أن تقضي وقتًا أطول في الجزء المقابل من مدارها، والذي يتزامن مع فصل الصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.

وبحسب توضيحات المسند، فإن هذا الفرق في السرعة بين الحضيض والأوج يؤدي إلى زيادة عدد أيام فصل الصيف مقارنة بالشتاء بنحو خمسة أيام تقريبًا، وهي ظاهرة فلكية تتكرر سنويًا، لكنها لا تؤثر بأي شكل على الطقس أو درجات الحرارة أو الشعور البشري بالفصول.

وقد لفت المسند إلى نقطة مهمة تتعلق بضرورة التمييز بين المفهوم الفلكي للفصول والمفاهيم المناخية أو الجوية التي ترتبط بدرجات الحرارة وهطول الأمطار، وأكد أن التفاوت في طول الفصول هو نتيجة مباشرة لشكل المدار وسرعة الأرض حول الشمس، وليس له علاقة بدرجة برودة الشتاء أو حرارة الصيف.

وأضاف: "هذا الفارق في طول الفصول لا علاقة له بالطقس، بل هو ناتج عن شكل مدار الأرض البيضاوي، وتأثير قوة الجذب الشمسي وسرعة الأرض المدارية حول الشمس"، قبل أن يختتم منشوره بتأمل ديني جميل: "ولله في خلقه شؤون".

وتحظى منشورات الدكتور عبدالله المسند بمتابعة واسعة من المهتمين بالظواهر الفلكية والمناخية في المملكة وخارجها، لما تتميز به من تبسيط علمي ودقة في الطرح.

ويُعرف المسند بنشاطه التوعوي على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يشارك جمهوره بمعلومات علمية محدثة حول الطقس، وحركة الكواكب، والأحداث الفلكية، مثل الاعتدالات والانقلابات الفصلية، ومواعيد الكسوف والخسوف، وغيرها من الظواهر الكونية.

ويأتي هذا الشرح من المسند في سياق تساؤلات تتكرر مع كل فصل، خصوصًا مع اختلاف طول النهار والليل، والتغيرات التي تطرأ على المناخ خلال العام.

ويشكل هذا النوع من التوضيح العلمي جسرًا بين المفاهيم الأكاديمية المجردة وفضول الجمهور العام، حيث يتطلع الكثيرون لفهم العالم من حولهم بلغة سهلة ودقيقة في آنٍ معًا.

ولفهم الظاهرة بشكل أوضح، تجدر الإشارة إلى أن الأرض تدور حول الشمس في مدار بيضاوي الشكل، وليس دائريًا كما يتصور البعض، وهذا الشكل غير المنتظم يؤدي إلى تفاوت في المسافة بين الأرض والشمس على مدار العام، مما ينتج عنه اختلاف في السرعة المدارية بحسب قوانين الفيزياء الفلكية التي وضعها يوهانس كبلر في القرن السابع عشر.

وتنقسم السنة الشمسية إلى أربعة فصول نتيجة ميل محور الأرض بمقدار 23.5 درجة عن العمودي، ما يؤدي إلى اختلاف زاوية سقوط أشعة الشمس على سطح الأرض، ولكن هذا الانقسام الزمني ليس متساويًا بسبب طبيعة المدار الإهليلجي، وهو ما يفسر علميًا لماذا تختلف مدة كل فصل عن الآخر.

ويبقى التفسير العلمي الذي قدمه الدكتور المسند مثالًا على أهمية العلم في تفسير الظواهر الطبيعية التي نعيشها يوميًا دون أن نُدرك خلفياتها المعقدة، وبينما يُعد الشتاء أقصر فصول السنة فلكيًا، فإن ذلك لا يُقلل من حضوره القوي في الذاكرة المناخية للمجتمعات، ولا من تأثيره الفعلي في حياة الناس من حيث الطقس والنشاطات الموسمية.

ويُعَد فهم هذه الفروقات الدقيقة بين الفلك والمناخ ضرورة لتطوير الوعي العلمي في المجتمع، وتعزيز تقديرنا للنظام الكوني الدقيق الذي نعيش فيه، بكل ما يحمله من مظاهر الحكمة والإبداع في الخلق.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook