مبادرة "أصدقاء الحي" تشعل روح التطوع في الطائف وتحوّل الأحياء إلى مساحات خضراء

في خطوة تُعد نموذجًا رائدًا في التنمية الحضرية والتفاعل المجتمعي، أطلقت أمانة محافظة الطائف مبادرة "أصدقاء الحي" بإشراف مباشر من الإدارة العامة للإعلام والاتصال المؤسسي، وتهدف المبادرة إلى إشراك المتطوعين في زراعة الأشجار داخل وحدات الإسكان التنموي، في محاولة لتحويل الأحياء السكنية إلى بيئة أكثر حيوية وجمالًا، وتعزيز ثقافة المسؤولية المجتمعية.
وتأتي هذه المبادرة في سياق سعي أمانة الطائف إلى رفع مستوى الوعي البيئي بين السكان، وتحقيق الاستدامة البيئية عبر خطوات عملية ملموسة، حيث تم التركيز على تشجير الوحدات السكنية لمستفيدي الإسكان التنموي، مما يعكس التزام الأمانة بتحسين جودة الحياة، ودمج السكان في رؤية تنموية شاملة.
إقرأ ايضاً:آمال الأخضر تتراجع.. أمريكا توقف الزحف السعودي في الكأس الذهبيةنشرات الطقس .. أمطار مع برد ورياح غبارية تقلب جازان وعسير رأسًا على عقب
وتسير المبادرة على خطى رؤية المملكة 2030 التي تولي أهمية كبيرة لجودة الحياة والاستدامة البيئية، وقد حرصت الأمانة من خلالها على الجمع بين العمل التطوعي والخبرات التخصصية، حيث شارك فيها مهندسون ومختصون في المجال البيئي والهندسي لتقديم الدعم الفني والإشراف على عمليات التشجير، مما يمنح المبادرة صبغة احترافية واضحة.
وأكد أمين محافظة الطائف، المهندس عبد الله بن خميس الزايدي، أن الأمانة حريصة على أن تكون شريكًا فعالًا في التنمية المجتمعية، مشيرًا إلى أن مبادرة "أصدقاء الحي" تجسد تقاطعًا مهمًّا بين المشاركة المجتمعية والتنمية الحضرية، لافتًا إلى أن هذه الرؤية التعاونية تُعد خطوة نحو بناء أحياء مزدهرة ومستدامة.
وأضاف الزايدي أن العمل المشترك بين السكان والجهات الرسمية والمختصين يخلق تفاعلًا إيجابيًّا، ويُسهم في وضع حلول واقعية لمشكلات الأحياء، خاصة تلك المتعلقة بالإسكان التنموي، مشيرًا إلى أن التواصل المباشر مع المستفيدين يُعد ركيزة أساسية في نجاح هذه النوعية من المبادرات.
وتعتمد المبادرة على تشكيل فرق تطوعية من أبناء الأحياء أنفسهم، يتم تأهيلهم ومتابعتهم بشكل دوري، ويُكلّفون بمهمات زراعة الأشجار، ورصد المشكلات البيئية، واقتراح حلول، الأمر الذي يجعلهم جزءًا فاعلًا من الحل لا مجرد متلقين للخدمة، وهي خطوة تضع الأمانة في موقع ريادي على مستوى المبادرات البيئية والاجتماعية.
ولم تغفل المبادرة أهمية حصر احتياجات الوحدات السكنية التابعة للإسكان التنموي، حيث يتم تنفيذ زيارات ميدانية بصفة دورية من قبل الفرق التطوعية لرصد الملاحظات ورفع التقارير للجهات المختصة، مما يُعزز كفاءة الاستجابة لمطالب السكان، ويقلص الفجوة بين المواطن والجهة التنفيذية.
ويأتي إطلاق المبادرة في توقيت بالغ الأهمية، في ظل التحديات المناخية التي تواجهها مدن المملكة، مما يجعل من التحول نحو المدن الخضراء أولوية وطنية، خاصة أن التشجير يُعد أحد أكثر الحلول فعالية لمكافحة التصحر وتلطيف الأجواء في المناطق الحضرية.
وقد وجدت المبادرة تفاعلًا واسعًا من قبل سكان الأحياء المستهدفة، حيث عبّر العديد منهم عن سعادتهم بهذه الخطوة التي تُعيد الحياة إلى الأحياء السكنية، وتجعلهم يشعرون بأنهم جزء من التنمية، لا مجرد مستفيدين منها، كما ساهمت المبادرة في خلق روابط اجتماعية بين المتطوعين وسكان الحي.
وفي الجانب التوعوي، ركّزت الأمانة على أهمية غرس ثقافة المسؤولية الاجتماعية لدى الأفراد، عبر توجيه رسائل إعلامية مدروسة، تُبرز أهمية العمل التطوعي في بناء المجتمعات، كما سلطت الضوء على دور كل فرد في صناعة الفرق وتحقيق التحول البيئي المستدام.
وتسعى أمانة الطائف إلى توسيع نطاق المبادرة مستقبلًا لتشمل أحياء جديدة، وزيادة عدد المتطوعين، وتعزيز الشراكة مع الجهات الأخرى، بما فيها المدارس والجامعات والجمعيات البيئية، وذلك في إطار استراتيجية شاملة تهدف إلى جعل الطائف مدينة خضراء نموذجية.
ويُشار إلى أن محافظة الطائف تمتلك مقومات بيئية وجغرافية تجعلها مهيأة لتبني مبادرات تشجير واسعة النطاق، فالمناخ المعتدل نسبيًّا، وتضاريس المنطقة، والبنية التحتية القائمة، جميعها عناصر مساعدة تسهم في نجاح مثل هذه المبادرات إذا ما تم دعمها واستدامتها.
وتعكس هذه الخطوة وعي الأمانة بأهمية تكامل الجهود بين الجهات الرسمية والمجتمع، لا سيما في المشاريع التنموية ذات الطابع الإنساني والبيئي، حيث إن خلق بيئة صحية ومستدامة لا يمكن أن يتم إلا عبر شراكة حقيقية تشمل الجميع.
وفي ضوء هذه الجهود، يبرز دور الأمانة في إعادة تعريف العلاقة بين المواطن والإدارة المحلية، إذ لم تعد العلاقة مقتصرة على تقديم الخدمة، بل أصبحت علاقة تفاعلية قائمة على المبادرة والتشارك وتحقيق أهداف مجتمعية كبرى.
وتشكل هذه المبادرة سابقة محلية يمكن أن تُحتذى في مدن ومحافظات أخرى، خاصة أنها نجحت في الجمع بين عناصر فنية وتطوعية ومجتمعية في آن واحد، مما يجعلها نموذجًا قابلًا للتكرار والتطوير، ويزيد من فرص تحقيق تأثير أوسع على مستوى المملكة.
ويبدو أن الأمانة تراهن على خلق وعي بيئي واجتماعي طويل الأمد، لا يتوقف عند حدود النشاط التطوعي المؤقت، بل يمتد إلى ترسيخ قناعة لدى الأفراد بأن التنمية مسؤولية مشتركة، وأن دور المواطن لا يقل أهمية عن دور المسؤول.