تفاصيل لا تعرفها عن قواعد بطاقات الائتمان الحديثة .. إعلان رسمي من المركزي السعودي

في خطوة تنظيمية بارزة، أعلن البنك المركزي السعودي "ساما" عن إصدار القواعد المحدثة لإصدار وتشغيل بطاقات الائتمان، في إطار مساعيه المستمرة لتعزيز كفاءة القطاع المالي، وتحديث الأطر التنظيمية بما يتماشى مع التحولات السريعة في البيئة الاقتصادية والمالية داخل المملكة وخارجها، وتأتي هذه القواعد الجديدة كبديل للضوابط المعمول بها سابقًا بشأن بطاقات الائتمان والحسم الشهري.
وتمثل هذه القواعد الجديدة تطورًا نوعيًا في تنظيم العلاقة بين الجهات المصدرة للبطاقات والعملاء، حيث تهدف بشكل مباشر إلى تخفيض التكاليف على حاملي البطاقات، وزيادة الشفافية في التعاملات، وهو ما يسهم في بناء بيئة مالية أكثر وضوحًا وثقة، خصوصًا في ظل النمو المتسارع للمدفوعات الرقمية وتوسع استخدامها في مختلف أوجه الحياة اليومية.
إقرأ ايضاً:أزمة تضرب الهلال في توقيت حساس.. والجمهور يترقب القرار المصيريآمال الأخضر تتراجع.. أمريكا توقف الزحف السعودي في الكأس الذهبية
وتُعَد هذه الخطوة جزءًا من رؤية البنك المركزي السعودي نحو تطوير السوق المالية المحلية، وتحقيق مستويات أعلى من التنافسية والجاذبية للمستثمرين والمستهلكين، حيث أُعدت القواعد بعد مراجعات دقيقة لأفضل الممارسات العالمية في هذا المجال، لتواكب بذلك النمو المتزايد في المنتجات والخدمات المالية الرقمية.
وركزت القواعد المحدثة على جوانب متعددة أبرزها تنظيم إجراءات إصدار وتشغيل البطاقات الائتمانية، ووضع آليات واضحة لاحتساب الرسوم والفوائد، بالإضافة إلى تقديم معلومات مفصلة للعملاء عن حقوقهم وواجباتهم، مما يعزز مبدأ الإفصاح ويحد من الغموض الذي قد يحيط ببعض المنتجات المالية.
ومن الجوانب التي نالت اهتمامًا خاصًا في القواعد الجديدة، توفير أدوات لتقييم الجدارة الائتمانية للعملاء قبل منحهم البطاقات، بما يضمن توافق المنتجات الائتمانية مع قدرة العميل على السداد، ويسهم في تقليل معدلات التعثر المالي، وهي خطوة تنسجم مع جهود حماية المستهلك المالي وتعزيز الثقافة المصرفية.
وشملت القواعد كذلك ضوابط متقدمة تتعلق بالرسوم السنوية ورسوم السحب النقدي ومعدلات الفائدة، حيث شددت "ساما" على ضرورة توضيح هذه التكاليف بشكل دقيق وشفاف في العقود والمستندات المرفقة بالبطاقات، مع ضرورة تزويد العميل بكافة المعلومات التي تتيح له اتخاذ قرارات مالية مدروسة.
وأكد البنك المركزي السعودي أن العمل على إعداد هذه القواعد تم بالتنسيق مع عدد من شركات الدفع العالمية، إذ أُجريت مراجعة شاملة لتكاليف استخدام البطاقات الائتمانية، ونتج عن ذلك تقليص ملحوظ في بعض الرسوم المرتبطة بعمليات الشراء والسحب، ما يصب في مصلحة العملاء ويعزز تجربتهم الشرائية داخل المملكة وخارجها.
ويأتي هذا التحديث أيضًا في سياق الخطة الوطنية لتحفيز الدفع الرقمي وتوسيع استخدام التقنيات المالية الحديثة، وهو أحد المستهدفات الاستراتيجية لرؤية السعودية 2030، التي تدعو إلى رفع نسبة التعاملات غير النقدية وتعزيز البنية التحتية للمدفوعات الرقمية.
ويلاحظ أن بطاقات الائتمان أصبحت أداة رئيسية في سلوك المستهلك المالي، ما يجعل من التنظيم المحكم والشفاف لها ضرورة تفرضها ديناميكية السوق، خاصة مع تعدد العروض وتنوع أنظمة السداد والفوائد المرتبطة بها، وتزايد استخدام البطاقات في السفر، والتجارة الإلكترونية، والخدمات اليومية.
وتسعى القواعد الجديدة إلى تحسين وعي العميل المالي، وتزويده بالمعلومات الكافية لفهم طبيعة المنتج الذي يستخدمه، بما في ذلك المصطلحات المالية، والخيارات المتاحة للسداد، والعواقب المترتبة على التأخر أو التخلف عن الدفع، وهو ما يسهم في تقليل المخاطر وتحسين الانضباط المالي للفرد والمجتمع.
وتبرز في القواعد أهمية توفير وسائل دعم وخدمة عملاء متقدمة تضمن الرد على استفسارات العملاء وحل مشكلاتهم بسرعة وفعالية، وهو ما يعزز العلاقة بين العميل والمؤسسة المالية، ويُكرس ثقافة الثقة والشفافية التي تعد ركيزة أساسية لأي نظام مصرفي متطور.
ويعد تحديث القواعد مؤشرًا على توجه "ساما" نحو بيئة تنظيمية مرنة ومحفزة، تسمح بظهور منتجات مالية مبتكرة، وتفتح المجال أمام الشركات لتقديم حلول جديدة تخدم احتياجات العملاء المتغيرة، دون أن تتعارض مع مبادئ الحوكمة والمخاطر المصرفية.
ويشهد القطاع المالي في المملكة تحولات جذرية في السنوات الأخيرة، وقد شكلت بطاقات الائتمان محورًا رئيسيًا لهذه التغيرات، مما يتطلب من الجهات التنظيمية مواكبة المستجدات، وتحديث القوانين باستمرار، وهو ما تعكسه هذه الخطوة التنظيمية الجديدة التي استندت إلى تقييم دقيق لتجربة السوق.
وتؤكد هذه القواعد على التزام المملكة بتحقيق بيئة مالية مستدامة وآمنة، تدعم النمو الاقتصادي وتضمن حقوق جميع الأطراف، في ظل تطلع المستثمرين إلى بيئة تنظيمية توازن بين حرية السوق والانضباط الرقابي.
كما تعكس القواعد الجديدة روح الشراكة بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، إذ تم إعدادها بالتعاون مع شركات عالمية متخصصة، مما يعزز من تكامل الجهود ويسهم في رفع مستوى الجاهزية التقنية والتجارية للقطاع المالي السعودي.
وتتجه التوقعات إلى أن تُحدث هذه القواعد أثرًا ملموسًا خلال الفترة المقبلة، سواء على مستوى استخدام البطاقات، أو في تحسين تجربة العملاء، أو في تحفيز الابتكار في المنتجات المصرفية، في وقت تشهد فيه المملكة نقلة رقمية شاملة تطال مختلف جوانب الحياة.
وفيما ينتظر العملاء مزيدًا من التسهيلات والمزايا، تبقى مسؤولية التوعية المالية حجر الزاوية في تعزيز الاستخدام المسؤول للبطاقات الائتمانية، وتفادي التحديات المرتبطة بالديون والفوائد، وهو ما تحرص "ساما" على تأكيده في جميع مبادراتها وتنظيماتها.