السعودية تترقب أطول نهار في السنة.. الانقلاب الصيفي يطرق الأبواب

الانقلاب الصيفي
كتب بواسطة: حكيم الحاج | نشر في  twitter

ترقّب عشاق الفلك والمهتمون بالتغيرات المناخية واحدة من أبرز الظواهر الفلكية الموسمية التي تتكرر سنويًا، إذ يُصادف يوم السبت المقبل، الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة 1446هـ، الانقلاب الصيفي وتعامد أشعة الشمس على مدار السرطان، الذي يُعد أقصى نقطة تصل إليها الشمس شمال خط الاستواء، هذه الظاهرة، التي تقع بشكل دقيق بالقرب من محافظة حوطة بني تميم جنوب منطقة الرياض، تُعد لحظة فارقة تُعلن رسميًا دخول فصل الصيف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وفقًا لما أوضحه الباحث في الطقس والمناخ عبدالعزيز الحصيني.

ويُعد تعامد الشمس على مدار السرطان، الذي يحدث مرة واحدة كل عام، علامة فارقة في الحراك الفلكي والطقسي، حيث تتعامد أشعة الشمس بشكل عمودي على هذا المدار، وتكون الشمس في أعلى نقطة لها في السماء عند الظهيرة، ما يؤدي إلى تسجيل أطول نهار وأقصر ليل خلال العام، وبعد هذه النقطة تبدأ ساعات النهار بالتناقص تدريجيًا، مقابل ازدياد تدريجي في ساعات الليل، في دورة فلكية تتكرر بدقة كل عام.


إقرأ ايضاً:رينارد يُعلن قائمة المنتخب السعودي المشاركة في الكأس الذهبية 2025 وسط غياب نجوم الهلال"سعود عبد الحميد يحدد مستقبله الكروي.. وخطوة الهلال تنتظر الحسم!"

ويضيف الحصيني أن العرب قديمًا كانوا يُدركون هذا التحول الفلكي بدقة، ويُعرف في الموروث الشعبي بـ"حر الانصراف"، حيث كانت المقولة الشائعة تقول: "لا حر إلا بعد الانصراف"، في إشارة إلى أن أشد أيام الحرارة تأتي بعد أن تبدأ الشمس في الانحدار جنوبًا، مغادرة تعامدها السنوي على مدار السرطان، فهذه اللحظة، على الرغم من كونها ذروة تعامد الشمس شمالًا، إلا أنها تُعد مقدمة لما يُعرف بفترة اشتداد الحر، حيث تكون الأرض قد خزّنت كميات كبيرة من الحرارة، وتبدأ درجات الحرارة في الارتفاع بشكل ملموس خلال الأسابيع التالية.

وتُعطي هذه الظاهرة الفلكية دلالة دقيقة على مدى تقدم العلوم الفلكية والمناخية في تفسير سلوك الفصول والطقس، فهي ليست مجرد حدث نظري يُرصد من قبل الفلكيين فحسب، بل تُترجم إلى تغيرات محسوسة في المناخ والطقس اليومي، ما يجعلها محط اهتمام لدى المختصين، والمزارعين، وحتى عامة الناس الذين يلاحظون التغير في طول النهار أو اشتداد درجات الحرارة.

وتُعتبر نقطة التعامد على مدار السرطان، والتي تحدث تحديدًا عند خط عرض 23،5 درجة شمالاً، الحد الفاصل الفلكي بين الربيع والصيف، حيث ينتقل مسار الشمس الظاهري من التحرك شمالًا إلى التحرك جنوبًا، وهذا الميل الزاوي يُشكل العمود الفقري لتقسيم الفصول الأربعة على الأرض، ويُستخدم مرجعًا فلكيًا لتحديد بداية الصيف والانقلاب الصيفي في الكثير من الدول حول العالم.

وعلى الرغم من أن كثيرًا من الناس يربطون بداية الصيف بارتفاع درجات الحرارة، إلا أن التحديد الفلكي للصيف أكثر دقة وانتظامًا، ويعتمد على الموقع الظاهري للشمس بالنسبة إلى الأرض، فهذه اللحظة تمثل ذروة ميل الشمس شمالاً، أي أن الشمس قد بلغت أقصى انحراف لها عن خط الاستواء، قبل أن تبدأ في التحرك جنوبًا من جديد، نحو مدار الجدي الذي يمثل الانقلاب الشتوي في ديسمبر من كل عام.

وتؤكد هذه الظاهرة مدى ارتباط حركة الشمس الظاهرية في السماء بتوزيع الحرارة والضوء على كوكب الأرض، إذ تلعب هذه الحركة دورًا رئيسيًا في توزيع الفصول، وتحدد أنماط الزراعة، وحركة الرياح، ودرجات الحرارة، وحتى السلوكيات البشرية في التعامل مع التغيرات المناخية الموسمية.

وفي السعودية، يكتسب هذا الحدث طابعًا خاصًا بسبب وقوع مدار السرطان داخل أراضيها، ما يُمكّن المختصين من رصد الظاهرة بشكل مباشر ودقيق، وهو ما يعزز من قدرة المملكة على متابعة التحولات الفلكية والبيئية بشكل علمي يعكس تقدمها في مجالات الأرصاد الجوية وعلوم المناخ.

ومع اقتراب موعد الانقلاب الصيفي هذا العام، يتأهب المهتمون لمتابعة تعامد الشمس بدقة، مستفيدين من الفرص التي تتيحها هذه الظواهر الفلكية لفهم العلاقات المعقدة بين الأرض والشمس، وكيف تؤثر حركة الأجرام السماوية في تفاصيل الحياة اليومية على الأرض، من ضوء الشمس إلى طول النهار ودرجات الحرارة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook