رقم قياسي في "منى".. الشبكة الكهربائية تصمد أمام أعلى حمل بتاريخها
في قلب المشاعر المقدسة، حيث تتقاطع الروحانية مع الجهد البشري الجبّار، تواصل الكوادر السعودية المؤهلة عملها الدقيق في إدارة الشبكة الكهربائية لضمان راحة وسلامة حجاج بيت الله الحرام.
وقد رصدت قناة "الإخبارية" من داخل مركز العمليات والتحكم، الدور الحيوي الذي تقوم به هذه الكوادر، حيث يتم الإشراف على تشغيل ومراقبة الخدمة الكهربائية على مدار الساعة، وبأعلى درجات الاحترافية والدقة، لتوفير الطاقة لملايين الحجاج دون انقطاع.
إقرأ ايضاً:انخفاض أسعار السيارات في السعودية بنسبة عالية والأسباب عالميةعائلة حميدان التركي تصدر بيان عاجل
ويشكّل أول أيام عيد الأضحى – الذي يُعد من أكثر أيام الحج استهلاكًا للطاقة بسبب ارتفاع الأحمال التشغيلية وتزامن المناسك في وقت قصير – اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشبكة الكهربائية على التحمّل والاستجابة السريعة.
ورغم هذا التحدي الكبير، فقد سجلت الشركة السعودية للكهرباء خلال هذا اليوم رقماً تاريخياً غير مسبوق في مشعر منى، بوصول الحمل الكهربائي إلى 351 ميجاوات، وهو الأعلى على الإطلاق، دون تسجيل أي انقطاعات مؤثرة على الخدمة.
ويعكس هذا الإنجاز الجهود التكاملية التي تُدار بصمت واحتراف خلف الكواليس، من خلال منظومة متكاملة تضع سلامة الحجاج وجودة الخدمات فوق كل اعتبار.
فقد أوضح التقرير أن شبكة من التقنيات المتقدمة تعمل على تأمين الأنظمة، وضمان الاتصالات بين كافة المواقع الحيوية داخل المشاعر المقدسة، مما يضمن توجيه الاستجابة السريعة لأي طارئ محتمل.
وتأتي هذه الجاهزية العالية في وقت شهد فيه استهلاك الكهرباء ارتفاعًا بنسبة 5.5% مقارنة بموسم الحج الماضي، نتيجة الزيادة الطبيعية في أعداد الحجاج وتوسع نطاق الخدمات المقدمة لهم.
ورغم هذا الارتفاع، حافظت المنظومة الكهربائية على أدائها المستقر، وسط إشادة من فرق الرصد والمتابعة، وهو ما يؤكد كفاءة التخطيط والاستعداد المبكر لموسم الحج.
وفي مشهد يعكس التطور التقني والرقمي الذي تشهده المملكة، كشف أحد كوادر المركز عن أن شبكة الألياف البصرية تربط ما يقرب من 3 آلاف محطة موزعة على امتداد المشاعر، وتُراقب بشكل مباشر من خلال مركز التحكم، ما يرفع من مستوى موثوقية الشبكة ويقلل من احتمالية الأعطال.
كما أشار إلى أن عمليات المتابعة تتم وفق معايير صارمة لسلامة التشغيل، وتُدار بأيدٍ سعودية شابة مدرّبة على أحدث الأنظمة التقنية في مجال إدارة الطاقة.
ولا تقتصر جهود المركز على مراقبة التيار الكهربائي فقط، بل تمتد إلى التأكد من جودة الطاقة، وسلامة المعدات، وإدارة الطوارئ، وتنسيق العمل مع فرق الصيانة الميدانية المنتشرة في مناطق الخدمة، مما يشكّل مظلة متكاملة للأمن الكهربائي في واحدة من أكثر الفترات كثافة على الشبكة.
ويمثل هذا النموذج من العمل الجماعي الصامت إنجازًا وطنيًا يُضاف إلى سجل النجاحات التي تحققها المملكة موسمًا بعد موسم، في خدمة ضيوف الرحمن، وتقديم أفضل ما توصلت إليه التكنولوجيا من حلول ذكية لضمان راحتهم وسلامتهم.
في النهاية، يبرز مركز العمليات والتحكم في المشاعر المقدسة كأحد أهم النماذج المشرفة للبنية التحتية الذكية التي طورتها المملكة لخدمة الحج، مؤكدًا أن وراء كل لحظة سكينة يعيشها الحاج، هناك عقول وسواعد سعودية تسهر وتعمل دون كلل، لتبقى الخدمة مستقرة، والرحلة الإيمانية متكاملة من دون انقطاع.