قفزة نوعية في سياسات التوظيف: الكويت تفتح آفاقًا جديدة للعمالة الوافدة

العمالة الوافدة في الكويت
كتب بواسطة: سماح عبده | نشر في  twitter

تشهد الكويت حاليًا تحولًا اقتصاديًا واجتماعيًا غير مسبوق، مدفوعة بإطلاق مشروعها الاستراتيجي الكبير ضمن رؤية الكويت 2035، ألا وهو نظام نقل الإقامة في الكويت 2025، هذا النظام ليس مجرد تعديل إداري عابر، بل هو قفزة نوعية تعيد صياغة المشهد الكويتي على مستويات عدة، بدايةً من سوق العمل المحلي وصولًا إلى تعزيز جاذبية البيئة الاستثمارية أمام أصحاب الكفاءات العالمية.

 يمنح هذا الإطار الجديد حرية غير مسبوقة للعمالة الوافدة في الانتقال بين جهات العمل المختلفة دون توقف خدماتهم، وهو ما يبشر باستقرار مهني أكبر ويسهم بشكل مباشر في تسريع عجلة النمو الاقتصادي للبلاد.


إقرأ ايضاً:الرياض تحتضن طاولة مستديرة لتعزيز التعاون الرياضي بين السعودية وبريطانياأمانة الأحساء تتيح تصاريح ذبح مؤقتة للمطاعم وفق اشتراطات صارمة

يهدف هذا التحرك الحكومي الجريء إلى معالجة اختلالات لطالما عانت منها سوق العمل، وفي مقدمتها احتكار العقود وتقييد حركة العمالة فالقانون الجديد ينقل السياسات التوظيفية والتنقل الوظيفي إلى آفاق أوسع، متجاوزًا التحديات القائمة، وتتوقع وزارة التخطيط أن يحدث النظام تحولات جذرية وملموسة.

 بدءًا من إنقاذ أكثر من 50 ألف وظيفة من خطر الزوال، وذلك عبر تسهيل انتقال العمالة من الشركات التي تواجه صعوبات إلى مؤسسات أخرى مزدهرة، هذا الإجراء يعد بمثابة طوق نجاة، خاصة وأن 70% من الوافدين يواجهون تحديات جمة في العثور على فرص عمل بديلة بعد فقدان وظائفهم، مما كان يؤثر سلبًا على استقرارهم المالي والمهني.

كما يحمل نظام نقل الإقامة في طياته وعودًا بتحسين كفاءة القطاع الخاص بنسبة 35% بحلول عام 2026، هذا التحسن يأتي من خلال قدرة النظام على استقطاب الكفاءات المطلوبة بسلاسة ودون الحاجة لإجراءات استقدام معقدة ومكلفة.

 وتشير تقديرات غرفة التجارة والصناعة الكويتية إلى أن هذه الآلية الجديدة من شأنها تقليل التكاليف التشغيلية بنحو 22%، إلى جانب توقعات بارتفاع إنتاجية الموظفين بنسبة 18% نتيجة لتحسين بيئة العمل وتقليل الضغوط المرتبطة بفقدان الوظيفة، هذا المناخ الإيجابي سيعزز من قدرة الشركات على النمو والابتكار، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني ككل.

ولعل من أبرز الأهداف الاستراتيجية لهذا النظام هو تحفيز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الكويت، فالتوقعات تشير إلى إمكانية ضخ نحو ملياري دينار كويتي سنويًا من هذه الاستثمارات، لا سيما في قطاعات حيوية مثل التكنولوجيا والطاقة.

 هذا التدفق الاستثماري، الذي من المتوقع أن يتم بالشراكة مع كيانات دولية كبرى مثل "سيمنز" و"بيونك"، سيعمل على ترسيخ مكانة الكويت كبيئة استثمارية أكثر جاذبية وتنافسية على مستوى المنطقة، مما يعزز من مكانتها كمركز اقتصادي إقليمي رائد.

للاستفادة القصوى من هذا النظام، وضعت وزارة العمل شروطًا واضحة ومحددة لضمان الشفافية والفعالية، فبالنسبة للعامل، يتطلب الأمر خبرة عملية موثقة لا تقل عن 18 شهرًا، بالإضافة إلى سجل أمني نظيف خالٍ من أي مخالفات جسيمة.

أما صاحب العمل الجديد، فيجب أن يكون مصنفًا ضمن فئة "صاحب عمل ممتاز"، وأن يلتزم بشكل كامل بدفع الأجور عبر نظام حماية الأجور الإلكتروني (WPS)، وهو ما يضمن حقوق العمال ويحد من أي تجاوزات محتملة، هذه الشروط تهدف إلى بناء سوق عمل منظم ومستقر يحمي حقوق جميع الأطراف.

وفي إطار التوجه نحو التحول الرقمي وتسهيل الإجراءات، أصبح نقل الإقامة ممكنًا إلكترونيًا عبر خمس خطوات يسيرة، تبدأ العملية بتسجيل الدخول إلى منصة "سهل" التابعة للهيئة العامة للقوى العاملة، ثم اختيار خدمة "نقل إقامة العاملين من الشركات الموقوفة"، بعد ذلك، يتم رفع الوثائق المطلوبة كعقد العمل المصدق وإثبات سريان الإقامة، ومن ثم سداد رسوم النقل البالغة 75 دينارًا كويتيًا إلكترونيًا، وأخيرًا، يمكن للمتقدم متابعة حالة طلبه بسهولة عبر تطبيق Kuwait Mobile ID، مما يوفر وقتًا وجهدًا كبيرين.

تؤكد الدراسات الاقتصادية المعتمدة أن نظام نقل الإقامة سيحقق مؤشرات اقتصادية إيجابية ملموسة بحلول عام 2030، فمن المتوقع أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.8%، وأن ينخفض معدل بطالة الوافدين بنسبة 27%.

بينما سترتفع إنتاجية القطاع الخاص بنسبة 35%، ويزداد حجم الاستثمار الأجنبي بنحو ملياري دينار كويتي، هذه الأرقام تعكس التفاؤل بمستقبل اقتصادي مزدهر للكويت، مدعومًا بسياسات عمل مرنة ومحفزة.

وللإجابة على بعض التساؤلات الشائعة، يقتصر نظام نقل الإقامة حاليًا على القطاعين التجاري والصناعي، مع وجود خطة طموحة لتوسيعه ليشمل قطاعات أخرى مثل العمالة المنزلية في عام 2026، كما أن النظام يشترط وجود عقد عمل مسجل رسميًا في وزارة العمل، مما يعني أن العمالة غير المنتظمة تحتاج لتصحيح أوضاعها قبل الاستفادة من هذا النظام.

في الختام، لم يعد نقل الإقامة في الكويت 2025 مجرد تعديل إداري، بل أصبح ركيزة أساسية في التحول الاقتصادي والاجتماعي لدولة الكويت، نحو أن تصبح مركزًا إقليميًا لجذب الكفاءات والاستثمارات، تماشيًا مع رؤيتها الجديدة التي تضع الإنسان والكفاءة في قلب التنمية.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook