احذر تطبيقات التجسس: هاتفك مراقب حتى وهو في جيبك!!

في عصر أصبحت فيه الهواتف الذكية امتداداً فعلياً لحياتنا اليومية، لا يكاد أحد يستغني عنها في لحظة واحدة، تلوح في الأفق تحذيرات خطيرة تعيدنا إلى أصل النقاش حول الخصوصية الرقمية والأمن السيبراني، فالمخاطر التي تهدد بياناتنا ومحتوياتنا الشخصية لم تعد تقتصر على الرسائل أو الصور، بل تطورت لتصل إلى مستوى اختراق الكاميرا والميكروفون دون علم المستخدم، عبر أدوات تجسسية متطورة تتخفى خلف واجهات بريئة.
تطبيقات وهمية، برمجيات خبيثة، وأدوات تتنكر في هيئة تحديثات نظام أو أدوات تحسين أداء الجهاز، كلها أبواب مفتوحة أمام القراصنة لاقتحام حياتنا الخاصة، وفي أحدث تحذير صادم، كشف خبير في الأمن السيبراني لموقع "العربية،نت" عن وجود برمجية تجسس متقدمة تعمل بمجرد تشغيل الهاتف الذكي أو اتصاله بالإنترنت، دون الحاجة إلى أي تفاعل من المستخدم، الأخطر من ذلك أن هذه البرمجية قادرة على تشغيل الكاميرا والميكروفون خفية، وتسجيل كل ما يدور بالصوت والصورة، ثم إرسال البيانات إلى خوادم خارجية يتحكم بها المهاجم.
إقرأ ايضاً:القصيم تزرع السمك ونجاح باهر في طريق الريادةسهم ارامكو يتراجع بحدة وتوصية باركليز بالشراء وتعتبره فرصة
الخبر ليس وليد اللحظة، ولكنه يكتسب خطورته من بساطة الطريقة التي يتم بها الاختراق، وتعقيد التقنية المستخدمة فيه، فالهجوم لا يعتمد على ضعف المستخدم أو جهله التقني، بل على استغلال ثغرات داخل النظام، أو انتحال تطبيقات ذات مظهر شرعي، في بعض الحالات، قد تظهر للمستخدم نافذة إذن استخدام الكاميرا أو الميكروفون، وفي حالات أخرى لا يظهر شيء على الإطلاق، إذ تقوم البرمجية بتجاوز نظام الأذونات وتفعل أدوات التسجيل في الخلفية.
وما يثير القلق أكثر أن هذه البرمجيات "الذكية" لا تُظهر أي مؤشرات مرئية أو صوتية تدل على عمل الكاميرا أو المايكروفون، مثل الضوء الأخضر الذي يظهر عادة عند استخدام الكاميرا، وبالتالي، قد يكون المستخدم تحت المراقبة دون أن يلاحظ أي شيء غريب، حتى لو كان في غرفة نومه، أو خلال اجتماعاته الخاصة، أو أثناء تسجيل مقاطع الفيديو الشخصية، إنها ببساطة عملية اختراق صامتة.
الخبير أشار أيضاً إلى أن أكثر الطرق التي يتم بها زرع هذه البرمجيات تتم عبر روابط مشبوهة تُرسل للمستخدمين عبر رسائل وهمية على واتساب أو بريد إلكتروني، وقد تأتي أحياناً مرفقة بتطبيقات مزيّفة تحمل أسماء مشابهة لتطبيقات شهيرة، وبمجرد النقر على الرابط أو تحميل التطبيق، يبدأ التجسس دون أي إشعار، بعض هذه البرمجيات يتمتع بقدرات عالية على التخفي، حيث يصعب اكتشافها حتى باستخدام بعض أدوات الحماية المعروفة.
ويضيف الخبير أن هذه البرمجيات لا تستهدف الأفراد العاديين فقط، بل تمتد لتشمل الصحافيين، والنشطاء، ورجال الأعمال، وحتى المسؤولين الحكوميين، حيث يسعى مطورو هذه البرمجيات إلى جمع أكبر قدر ممكن من البيانات الحساسة لأهداف تجارية أو سياسية أو حتى للابتزاز، وبالتالي، فإن خطرها لا يتعلق فقط بالخصوصية الفردية، بل يمتد إلى الأمن القومي للدول والمؤسسات.
أمام هذا الواقع، تبقى الوقاية خير من العلاج، إذ يحث الخبراء على ضرورة تحديث أنظمة التشغيل والتطبيقات بشكل دوري، وعدم تحميل أي برنامج من خارج المتاجر الرسمية، كما يُنصح باستخدام تطبيقات موثوقة لمراقبة الأذونات الممنوحة للتطبيقات الأخرى، والاطلاع المستمر على أي تغييرات غير معتادة في أداء الجهاز، كارتفاع حرارة الهاتف المفاجئ أو استنزاف البطارية السريع، وهي مؤشرات قد تدل على نشاط تجسسي في الخلفية.
ومع تقدم التكنولوجيا، تزداد مهمة المستخدمين تعقيداً في التفريق بين التطبيقات الآمنة والمزيفة، وبين التحديثات الشرعية والمخترقة، ما يجعل الوعي الرقمي ضرورة ملحة وليست رفاهية، فكلما زادت درجة اعتمادنا على الهاتف في حياتنا اليومية، زادت أهمية اتخاذ التدابير الكفيلة بحماية خصوصيتنا من أعين لا نعلم بوجودها.
ولعل الخطر الأكبر لا يكمن فقط في إمكانية التجسس، بل في الإحساس بالعجز أمام هذا النوع من الهجمات، الذي لا يترك لنا خياراً سوى أن نكون أكثر حذراً، وأن نعيد التفكير في سلوكياتنا التقنية، وأن ندرك أن الخصوصية في هذا العصر لا تُمنح، بل تُنتزع بالمعرفة واليقظة المستمرة.