الحلم أصبح حقيقة.. الكشف عن موعد نهائي لإطلاق فيزا "الشنغن الخليجي" قريبًا جدا

في خطوة تاريخية طال انتظارها، ومع تتويج لسنوات من الجهود الحثيثة والتنسيق المتواصل، باتت منطقة الخليج العربي على أعتاب إطلاق مشروع التأشيرة السياحية الموحدة، في قرار من شأنه أن يعيد رسم خريطة السياحة الإقليمية والعالمية ويفتح الأبواب أمام حقبة جديدة من التكامل والازدهار.
فقد علمت مصادر مطلعة أن اتفاقًا نهائيًا قد تم بالفعل بين إدارات الجوازات في دول مجلس التعاون الست، للإعلان عن الانطلاق الفعلي للمشروع خلال الفترة القريبة المقبلة، وهو ما يمثل نقلة نوعية في مسيرة العمل الخليجي المشترك، ويحول حلم "الشنغن الخليجي" إلى واقع ملموس.
إقرأ ايضاً:كارثة محتملة تهدد أحلام الهلال في مونديال الأندية.. 6 نجوم في مهب الإيقاف!قرارات حاسمة من "الحج والعمرة" توقف 4 شركات عمرة.. فماذا حدث؟
هذا الإعلان المرتقب جاء بعد اجتماع تنسيقي رفيع المستوى عُقد في العاصمة السعودية الرياض، يوم أمس، وجمع المديرين العامين للجوازات بدول المجلس، بحضور ومباركة الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، السيد جاسم البديوي، الذي اطلع على آخر ما توصلت إليه الفرق الفنية المعنية بالمشروع.
وأشاد البديوي بالجهود الكبيرة التي بذلتها إدارات الجوازات في وزارات الداخلية بدول المجلس، مؤكدًا أن الجميع يعمل بروح الفريق الواحد لمواكبة التطورات التقنية وتلبية المتطلبات الأمنية، بهدف تعزيز أواصر التعاون وتسهيل حركة التنقل بين دول المجلس، تحقيقًا لتطلعات قادة المنطقة.
إن هذا المشروع الطموح يعني ببساطة أن السائح أو الزائر الأجنبي سيتمكن من الحصول على تأشيرة واحدة فقط، تفتح له أبواب ست دول، هي المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، والكويت، والبحرين، وسلطنة عمان، ليتنقل بينها بحرية تامة طوال مدة صلاحية التأشيرة.
هذا التحول سيقضي على الإجراءات المعقدة والروتين الطويل الذي كان يواجهه السائح الراغب في زيارة أكثر من دولة خليجية، وسيسمح له بتصميم رحلات إقليمية ممتدة ومتنوعة، يجمع فيها بين سياحة الأعمال في دبي، والفعاليات الثقافية في الرياض، والطبيعة الخلابة في صلالة، والأجواء المونديالية في الدوحة.
الأثر الاقتصادي لهذه الخطوة من المتوقع أن يكون هائلًا، فهي لن تزيد من أعداد السياح القادمين إلى المنطقة فحسب، بل ستطيل من مدة إقامتهم، وبالتالي سترفع من حجم إنفاقهم، مما سينعش قطاعات الضيافة والطيران والترفيه والتجزئة، وسيخلق آلاف الفرص الوظيفية الجديدة لأبناء وبنات المنطقة.
كما أن هذا المشروع يمثل جزءًا لا يتجزأ من الرؤى الوطنية الطموحة لدول المنطقة، وعلى رأسها رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط، وجعل قطاع السياحة أحد الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، وجذب 150 مليون سائح سنويًا بحلول نهاية العقد.
الوصول إلى هذه المرحلة لم يكن سهلًا، بل تطلب سنوات من العمل الدؤوب في الكواليس، حيث عملت الفرق الفنية على تحديات تقنية وأمنية معقدة، لربط أنظمة الجوازات والبيانات بين ست دول مختلفة، وتوحيد الإجراءات والمتطلبات، وضمان انسيابية تبادل المعلومات بشكل آمن وفوري.
ويمكن اعتبار النجاح الباهر في تسهيل تنقل الجماهير خلال فترة كأس العالم 2022 في قطر، بمثابة تجربة مصغرة أثبتت جدوى وفائدة هذا النوع من التعاون، وشجعت القادة على تسريع وتيرة العمل لإطلاق المشروع بشكله الكامل والدائم ليشمل جميع الزوار.
إن التأشيرة الموحدة تتجاوز في دلالاتها الأبعاد السياحية والاقتصادية، لتمثل رسالة سياسية قوية تعبر عن وحدة الصف الخليجي، وتؤكد على عمق الروابط والتكامل بين دول المجلس، ففي وقت يشهد فيه العالم تحديات وتكتلات، تبرهن منطقة الخليج على أنها تسير بخطى ثابتة نحو المزيد من التقارب والعمل المشترك.
هذا المشروع سيضع منطقة الخليج على الخريطة ككتلة سياحية موحدة وقوية، قادرة على المنافسة مع الوجهات العالمية الكبرى مثل دول الاتحاد الأوروبي أو دول جنوب شرق آسيا، وستقدم للعالم منتجًا سياحيًا فريدًا يجمع بين الحداثة والأصالة والتنوع.
ومع اقتراب موعد الإعلان الرسمي، تتجه أنظار العالم وشركات السياحة الكبرى نحو منطقة الخليج، التي تستعد لفتح صفحة جديدة في تاريخها، صفحة عنوانها الانفتاح والتكامل والترحيب بالعالم لاستكشاف كنوزها وتاريخها وثقافتها الغنية، من خلال بوابة واحدة.
وفي نهاية المطاف، فإن "الشنغن الخليجي" ليس مجرد تأشيرة، بل هو جسر جديد للتواصل الحضاري والثقافي، ومحرك جبار للتنمية الاقتصادية، وتجسيد حقيقي لرؤية مشتركة لمستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا لشعوب ودول مجلس التعاون الخليجي.