تلاعب بالشهادات ومدربون غير معتمدين.. "التدريب التقني" تكشف 288 مخالفة

المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني
كتب بواسطة: فواز حمدي | نشر في  twitter

في خطوة حازمة تهدف إلى ضمان جودة مخرجات التدريب وحماية مستقبل الشباب السعودي، كشفت المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني عن رصدها لـ 288 مخالفة على منشآت تدريبية أهلية، وذلك خلال حملاتها الرقابية المكثفة التي جرت في النصف الأول من العام الجاري 2025.

هذا الرقم، الذي أعلنه المتحدث الرسمي للمؤسسة فهد العتيبي، لا يمثل مجرد إحصائية، بل هو جرس إنذار يكشف عن وجود ممارسات غير نظامية في قطاع حيوي، يعول عليه بشكل كبير في تزويد سوق العمل بالكفاءات والكوادر الوطنية المؤهلة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030.


إقرأ ايضاً:النصر السعودي يشعل الميركاتو الأوروبي بعرض ضخم يربك حسابات آرسنال!أسعار الذهب تتراجع بالسعودية وعيار 21 يسجل 352 ريالًا

وقد تنوعت المخالفات المرصودة بين إدارية وفنية، حيث شملت أبرزها، بحسب العتيبي، عدم التزام بعض المنشآت بتجديد رخصها التدريبية قبل ثلاثة أشهر من انتهائها، وهو ما يعد استهتارًا بالأنظمة ويعكس نقصًا في الجدية والمهنية لدى القائمين على تلك المنشآت.

الأخطر من ذلك، هو رصد مخالفات تتعلق بجوهر العملية التدريبية نفسها، حيث عمدت بعض المراكز إلى إجراء تغييرات على البرامج المعتمدة لديها، سواء في اسم البرنامج أو محتواه أو حتى مدته وعدد ساعاته، دون الحصول على موافقة مسبقة من المؤسسة، في ممارسة تضلل المتدربين وتفرغ الشهادات من قيمتها الحقيقية.

ولم تقف المخالفات عند هذا الحد، بل وصلت إلى حد التلاعب في مسوغات التسجيل والسجلات والوثائق، بل وحتى في نتائج المتدربين، في سلوك يرقى إلى مستوى الاحتيال، ويهدر أموال وأوقات الشباب الذين وضعوا ثقتهم في هذه المعاهد لتطوير مهاراتهم وتعزيز فرصهم الوظيفية.

كما تمكنت فرق الرقابة من ضبط هيئات تدريبية وإدارية غير معتمدة من المؤسسة، مما يطرح تساؤلات جدية حول كفاءة المدربين وجودة المادة العلمية التي يقدمونها، ويؤكد على أن الهدف لدى بعض هذه المنشآت هو الربح المادي فقط، وليس تقديم قيمة تدريبية حقيقية.

إن هذه الحملات الرقابية ليست إجراءً عقابيًا فحسب، بل هي صمام أمان لحماية الاستثمار الأهم للمملكة، وهو رأس المال البشري، فالمتدرب الذي يقع ضحية لمعهد تدريبي مخالف، لا يخسر ماله ووقته فقط، بل قد يفقد ثقته في منظومة التدريب بأكملها، وقد يدخل سوق العمل بمهارات وهمية لا تؤهله للمنافسة.

وتلعب المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني دورًا محوريًا كمنظم وحارس لجودة هذا القطاع، فمع التوسع الكبير في الاقتصاد السعودي وظهور قطاعات جديدة واعدة، أصبحت الحاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى لوجود برامج تدريبية عالية الجودة، قادرة على سد الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق.

إن أي تهاون في جودة التدريب يمثل خطرًا مباشرًا على خطط التنمية الوطنية، فالكوادر البشرية المؤهلة هي الوقود الحقيقي الذي سيحرك عجلة الاقتصاد في القطاعات غير النفطية، وأي خلل في عملية إعداد هذه الكوادر سينعكس سلبًا على تحقيق الأهداف الاستراتيجية الكبرى.

وقد أكد العتيبي أن المؤسسة مستمرة في جولاتها الرقابية المكثفة والمفاجئة على كافة المنشآت التدريبية الأهلية في مختلف مناطق المملكة، وأنها لن تتهاون في اتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة بحق كل منشأة لا تلتزم بالضوابط والمعايير المعتمدة، والتي قد تصل إلى حد الإغلاق النهائي وسحب الترخيص.

هذه الرسالة الحازمة تهدف إلى تنقية السوق من الدخلاء وغير الجادين، وفي الوقت نفسه، حماية المنشآت التدريبية الملتزمة وذات السمعة الجيدة، والتي تستثمر في توفير مدربين أكفاء ومناهج متطورة وبيئة تدريبية مناسبة، فمن غير العدل أن تنافس هذه المنشآت نظيراتها التي تعتمد على التحايل والغش.

إن حماية حقوق المتدربين تقع في قلب أولويات المؤسسة، فمن حقه أن يحصل على البرنامج التدريبي الذي سجل فيه بنفس المحتوى والجودة المعتمدة، ومن حقه أن يتم تدريبه على يد مدرب مؤهل، وأن يحصل في النهاية على شهادة موثوقة تعكس بصدق ما اكتسبه من مهارات.

إن الكشف عن هذه المخالفات، رغم كونه مؤشرًا على وجود تحديات، إلا أنه في الوقت ذاته دليل على يقظة الأجهزة الرقابية وفعاليتها، وتأكيد على أن هناك متابعة دقيقة لكل ما يجري في هذا القطاع الهام، وأن لا أحد بمنأى عن المحاسبة.

وفي المحصلة، فإن هذه الجهود الرقابية هي جزء لا يتجزأ من بناء اقتصاد معرفي قوي ومستدام، يقوم على أساس الجودة والكفاءة، ويضمن أن يكون الشباب السعودي مسلحًا بأفضل المهارات والمعارف للمشاركة بفاعلية في بناء مستقبل وطنه.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook