غوغل تكشف عن أداة ترصد الذكاء الاصطناعي في الصور والنصوص

في خطوة جديدة لمكافحة طوفان المحتوى المُنتج بالذكاء الاصطناعي، أعلنت شركة "غوغل" عن إطلاق أداة تحمل اسم "SynthID Detector"، مخصصة للكشف عن ما إذا كان المحتوى قد صُنع باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التي طورتها غوغل نفسها، الإعلان جاء عبر مدونة رسمية للشركة، التي أوضحت من خلاله أن الأداة قادرة على التعرف على محتويات متعددة الوسائط، مثل الصور، ومقاطع الفيديو، والملفات الصوتية، وأيضًا النصوص المكتوبة.
الأداة لا تعمل بالتحليل التقليدي أو بالاستدلالات السطحية، بل تعتمد على تقنية خاصة تدعى "SynthID"، وهي تكنولوجيا تابعة لشركة "ديب مايند"، الذراع البحثي المتخصص في الذكاء الاصطناعي تحت مظلة غوغل، وتعتمد هذه التقنية على إدراج علامات مائية رقمية غير مرئية للعين البشرية في المحتوى المُنتَج، بما يسمح لاحقًا لأداة "SynthID Detector" بالتعرف على هذا المحتوى بدقة حتى وإن تم تعديله أو إعادة استخدامه.
إقرأ ايضاً:استعدادات نارية للأخضر قبل موقعة البحرين الحاسمة!مبادرة نوعية: فرص تطوعية في مخيم ضيوف الرحمن استعدادًا لموسم الحج
عملية استخدام الأداة تبدو بسيطة للمستخدم النهائي؛ إذ يمكن رفع أي ملف مشكوك في مصدره، سواء كان صورة أو فيديو أو نص، وستقوم الأداة بتحديد ما إذا كان هذا المحتوى قد تم إنتاجه كليًا أو جزئيًا باستخدام أدوات غوغل للذكاء الاصطناعي، ولكن رغم البساطة في الاستخدام، تبقى الأداة مقيدة بحدود أدوات غوغل فقط، ما يعني أنها غير قادرة على كشف المحتويات التي صُنعت باستخدام منصات ذكاء اصطناعي أخرى مثل تلك التابعة لمايكروسوفت أو "أوبن إيه آي".
هذا القيد أثار بعض الانتقادات، خاصة مع تنامي استخدام أدوات متعددة لإنتاج محتوى رقمي بات من الصعب أحيانًا تمييزه عن الإبداع البشري الحقيقي، وعلى الرغم من هذا، تبقى خطوة غوغل الأولى في هذا المجال، محاولة لوضع معايير لمكافحة الاستخدام الخاطئ أو التضليلي للذكاء الاصطناعي، الذي أصبح يشكل تهديدًا حقيقيًا على موثوقية المعلومات المنتشرة في الفضاء الرقمي.
التقارير الإعلامية، ومنها ما نُشر في "TechCrunch"، تشير إلى أن حجم المحتوى المُنتج بتقنية التزييف العميق ارتفع بنسبة 550% بين عامي 2019 و2024، مما يعكس تحولًا جوهريًا في طبيعة ما يُستهلك من وسائط عبر الإنترنت، ولا يقتصر التأثير على الجانب البصري أو الترفيهي، بل يمتد ليشمل الأخبار والمنشورات ذات الطابع السياسي والمجتمعي، ما يجعل من كشف المصدر أولوية ملحة.
صحيفة "ذا تايمز" البريطانية سلطت الضوء على ظاهرة مشابهة، حيث رصدت أن أربعة من أكثر 20 منشورًا مشاهدة على منصة "فيسبوك" في الولايات المتحدة خلال خريف العام الماضي، كانت "مُنتجة بوضوح" بواسطة الذكاء الاصطناعي، هذه الأرقام توضح مدى التغلغل الذي وصل إليه هذا النوع من المحتوى، ما يدفع الشركات الكبرى مثل غوغل لمحاولة فرض ضوابط تقنية عليه.
ومع ذلك، لا تبدو غوغل واثقة تمامًا من قدرة أداتها على الصمود أمام محاولات التحايل والتلاعب، إذ أقرت الشركة بأن "SynthID Detector" ليست أداة مثالية، وأنه من الممكن التلاعب بالمحتوى أو تحريف العلامات المائية بطريقة قد تُربك الأداة أو تُفقدها فعاليتها، وهذا ما يفتح الباب أمام سؤال أكبر: هل يمكن أن تكون هناك تقنية قادرة فعلًا على مواجهة هذا الزخم التقني المتسارع، أم أن الحلول الحالية ما هي إلا محاولات مؤقتة أمام موجة يصعب إيقافها.
في النهاية، يمثل إطلاق "SynthID Detector" خطوة مهمة نحو الشفافية الرقمية، ومحاولة لاستعادة الثقة في المحتوى المُشاهد والمُقروء على الإنترنت، ورغم محدودية إمكانياتها في الوقت الحالي، إلا أن اعتماد غوغل على حلول متطورة قائمة على العلامات الرقمية المضمّنة قد يرسم مستقبلًا مختلفًا لكيفية التحقق من صحة المحتوى في العالم الرقمي.