جامعة محمد بن زايد تفتتح مركزًا بحثيًا في وادي السيليكون

في خطوة تعكس الطموح الإماراتي المتسارع نحو ريادة الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي، أعلنت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي عن تدشين مركز بحثي جديد في قلب وادي السيليكون، وتحديدًا في مدينة سانيڤيل بولاية كاليفورنيا الأمريكية، يأتي هذا التوسع ضمن مبادرة "معهد النماذج التأسيسية" (IFM)، وهي مبادرة بحثية عالمية أطلقتها الجامعة، تسعى من خلالها إلى ترسيخ مكانتها كمحور رئيس في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
المركز الجديد ينضم إلى شبكة المراكز البحثية التابعة للجامعة في كل من أبوظبي وباريس، ليشكل بذلك نقطة ارتكاز استراتيجية تُمكن الجامعة من التفاعل المباشر مع واحدة من أكثر البيئات ابتكارًا في العالم، وادي السيليكون، المعروف بكونه الحاضنة الأهم للشركات التقنية والناشئة، يوفر بيئة خصبة تجمع بين العقول الرائدة والبنية التحتية المتقدمة، وهو ما يجعل من وجود الجامعة هناك خطوة نوعية تتجاوز البعد الأكاديمي نحو التأثير العملي.
إقرأ ايضاً:استعدادات نارية للأخضر قبل موقعة البحرين الحاسمة!مبادرة نوعية: فرص تطوعية في مخيم ضيوف الرحمن استعدادًا لموسم الحج
هذا التوسع البحثي يعكس الرؤية الإماراتية الشاملة نحو بناء اقتصاد معرفي مستدام، فدولة الإمارات لا تدخر جهدًا في دعم المبادرات التي تركز على الابتكار والتكنولوجيا، واضعة الذكاء الاصطناعي في صميم خططها المستقبلية، ويُعد إطلاق معهد النماذج التأسيسية بمراكزه المتعددة نموذجًا لهذا التوجه، حيث تركز الجامعة على تطوير أبحاث الذكاء الاصطناعي ذات التأثير الواقعي والاقتصادي، بما يسهم في التحول المنشود نحو اقتصاد متنوع يرتكز على المعرفة.
وفي معرض تعليقه على هذه الخطوة، صرّح البروفيسور إريك زينج، رئيس الجامعة، بأن إنشاء المركز في وادي السيليكون يهدف إلى تعميق التعاون العالمي في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة.
وأوضح أن هذا التوسع يمنح الجامعة فرصة الاستفادة من منظومة الذكاء الاصطناعي الأكثر ديناميكية في العالم، مما يُعزز من قدرتها على تبادل المعرفة مع مؤسسات كبرى، واستقطاب أفضل المواهب العلمية والتقنية.
وقد شهد حفل الإطلاق عرضًا لنموذج PAN، وهو نموذج رائد يُعرف بمحاكي العالم متعدد الوسائط، ويُعد هذا النموذج قفزة نوعية في عالم الذكاء الاصطناعي، حيث يتجاوز الأنماط التقليدية المعروفة لإنتاج النصوص أو الصور، ليقدم تصورات تنبؤية متكاملة للمواقف الواقعية، من خلال دمج مدخلات متنوعة تشمل اللغة، والفيديو، والبيانات المكانية، والعمليات الفيزيائية، وغيرها.
نموذج PAN لا يُحاكي فقط المشاهد أو الأصوات، بل يُمكنه التفاعل مع عدد لا نهائي من السيناريوهات، بدءًا من الأحداث الفيزيائية الدقيقة، وحتى سلوك الأنظمة الذكية في بيئات معقدة، هذا النموذج، كما وصفه القائمون عليه، يُعد خطوة أولى نحو بناء أنظمة قادرة على الفهم العميق والتفاعل الشبيه بالبشر مع العالم الحقيقي، وهو ما يمثل تطورًا نوعيًا في قدرة الذكاء الاصطناعي على التفاعل مع الحياة اليومية.
المعهد الجديد لا يقتصر على الجانب النظري أو الأكاديمي، بل يُعد بمثابة جسر حيوي يربط بين الأبحاث والتطبيقات، فوجوده في قلب وادي السيليكون يفتح المجال أمام تعاون وثيق مع شركات التكنولوجيا الكبرى.
كما يُتيح الفرصة للباحثين والمهندسين من مختلف أنحاء العالم للمساهمة في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة ضمن بيئة غنية بالتجارب والخبرات.
وتسعى جامعة محمد بن زايد من خلال هذا التوسع إلى التأكيد على التزامها برسالة البحث العلمي العابر للحدود، إذ لم يعد تطوير الذكاء الاصطناعي خيارًا أكاديميًا بحتًا، بل ضرورة استراتيجية للدول والمؤسسات التي تسعى لمستقبل أكثر ذكاءً واستدامة، وبهذا التوجه، تضع الجامعة الإماراتية نفسها ضمن شبكة النخبة العالمية التي تشكّل ملامح المستقبل التقني والاقتصادي للبشرية.