تصعيد بلا هوادة: حصيلة الشهداء في غزة ترتفع إلى أكثر من 53 ألفاً وسط استمرار الغارات واستهداف المدنيين

ارتفعت حصيلة الشهداء الفلسطينيين في قطاع غزة إلى 53822 شهيداً، منذ بدء العدوان الإسرائيلي المكثف على القطاع في السابع من أكتوبر 2023، فيما وصل عدد المصابين إلى 122382 جريحاً، غالبيتهم من النساء والأطفال، وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم الخميس، أن الساعات الأربع والعشرين الماضية وحدها شهدت استشهاد 60 شخصاً وإصابة 185 آخرين، نتيجة قصف جوي ومدفعي عنيف استهدف مناطق سكنية وخياماً للنازحين في أنحاء متفرقة من القطاع المحاصر.
وهذا التصعيد الدموي المتواصل يأتي في ظل ظروف إنسانية مأساوية، ومع غياب أي أفق حقيقي لوقف إطلاق النار، وسط تحذيرات أممية من كارثة إنسانية تزداد اتساعًا يوماً بعد يوم، وفي التفاصيل، أوضحت المصادر الطبية في غزة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي صعّدت من عمليات القصف الليلي على مناطق وسط القطاع وجنوبه، مع تركيز مكثف على رفح وخان يونس، حيث تقيم آلاف العائلات الفلسطينية في خيام عشوائية بعد أن فقدت منازلها خلال الأشهر الماضية.
إقرأ ايضاً:الفيفا يُحدد مسار كأس العرب 2025: تصنيفات ومواجهات حاسمةضربات أمنية متزامنة تُسقط مروّجين ومهرّبين في 6 مناطق بالمملكة: الشبو والحشيش والقات في قبضة العدالة
وقد وثّق الهلال الأحمر الفلسطيني وقوات الدفاع المدني عشرات الحالات من تحت الأنقاض، فيما لا تزال فرق الإنقاذ عاجزة عن الوصول إلى بعض المواقع المستهدفة بسبب شدة القصف وخطورة الأوضاع الميدانية.
وأشارت وزارة الصحة إلى أن الانهيار شبه الكامل للنظام الصحي، بسبب نفاد الوقود والأدوية وتدمير المستشفيات، يجعل من مهمة إسعاف الجرحى ومعالجة المصابين تحديًا بالغ الخطورة، في وقت تزداد فيه الحاجة الملحة إلى تدخل عاجل لوقف النزيف الإنساني المستمر.
وفي الوقت ذاته، تستمر قوات الاحتلال في عملياتها العسكرية متذرعة بوجود عناصر مسلحة في المناطق المستهدفة، إلا أن التقارير الواردة من منظمات حقوق الإنسان، ومن بينها هيومن رايتس ووتش وأطباء بلا حدود، تؤكد أن النسبة العظمى من الضحايا هم من المدنيين العزّل، وأن إسرائيل تستخدم القوة المفرطة بشكل لا يتناسب مع الأهداف المعلنة.
وقد وُثق خلال الأيام الأخيرة استهداف مباشر لمدارس تأوي نازحين، وأسواق شعبية، ومراكز إيواء تديرها الأمم المتحدة، الأمر الذي أثار موجة تنديد دولية متزايدة، لكنها حتى اللحظة لم تُترجم إلى ضغط فعلي لوقف العدوان أو فرض هدنة إنسانية، كما أفادت مصادر محلية بأن مناطق كاملة من شمال غزة باتت خالية من السكان، بعد أن أجبر القصف المتكرر العائلات على النزوح جنوباً، حيث لا تتوفر أدنى مقومات الحياة أو الحماية.
وفي ضوء هذا التصعيد، أكدت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان صدر صباح اليوم، أن ما يجري في غزة يرتقي إلى مستوى "جرائم حرب مكتملة الأركان"، داعية المجتمع الدولي إلى الكفّ عن الاكتفاء ببيانات الإدانة، والتحرك الفوري من خلال آليات ملزمة لوقف المجازر المتكررة بحق المدنيين.
كما طالبت السلطة الفلسطينية بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، لبحث تداعيات العدوان الإسرائيلي المتواصل، والانتهاكات المتكررة للقانون الدولي الإنساني، ومن جهتها، أعربت عدة عواصم عالمية، من بينها باريس ومدريد وكوالالمبور، عن "قلقها العميق" من ارتفاع أعداد الضحايا، داعية إلى هدنة فورية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عراقيل.
ولا تزال الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تتدهور بشكل متسارع، حيث يعاني أكثر من مليوني فلسطيني من نقص حاد في الغذاء والمياه الصالحة للشرب، في ظل الحصار الخانق المستمر منذ أكثر من سبعة أشهر، وتعطل معظم المرافق الحيوية.
كما تشير تقارير برنامج الغذاء العالمي إلى أن ما يقارب 80% من سكان القطاع مهددون بانعدام الأمن الغذائي، مع نفاد المخزون الاستراتيجي من المواد الأساسية، وغياب القدرة على توزيع المساعدات داخل المناطق الأكثر تضررًا، وفي هذا السياق، حذّرت وكالة الأونروا من انهيار شامل قد يطال مؤسساتها في غزة، نتيجة نفاد التمويل وتدمير البنية التحتية، مما سيؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة في المنطقة.
ومع استمرار شلال الدم في قطاع غزة، لا تلوح في الأفق أي بوادر حقيقية لوقف العمليات العسكرية أو التوصل إلى هدنة شاملة، في ظل تمسك الجانب الإسرائيلي بموقفه، وتصاعد الدعوات الفلسطينية والدولية لفرض وقف فوري لإطلاق النار، وبينما تسابق المؤسسات الإنسانية الزمن لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، تبقى حياة آلاف المدنيين رهينة لصمت المجتمع الدولي، وتجاهل العالم للأرقام التي تتزايد يومًا بعد يوم، في مشهد يعكس حجم المأساة التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع منذ أكثر من نصف عام.