وزارة المالية تعتمد آلية جديدة لحوكمة تأسيس وتملك الجهات العامة للشركات بالسعودية

الوزارة المالية السعودية
كتب بواسطة: ليلى سعد | نشر في  twitter

تمثل حوكمة دراسة الطلبات والموضوعات المحالة إلى وزارة المالية أحد الأطر التنظيمية المتقدمة التي تسعى إلى تعزيز مستوى الانضباط المالي والإداري في ما يتعلق بتأسيس أو تملك الجهات العامة للشركات والكيانات ذات الطابع الاستثماري أو الهادف إلى الربح، وتستند هذه الحوكمة إلى قرار مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الصادر تحت الرقم (1-46/9/ق) بتاريخ 14/08/1446هـ، والذي جاء مكملاً لما تضمنه قرار مجلس الوزراء رقم (804) وتاريخ 16/09/1445هـ، والذي أرست بموجبه القواعد الأساسية للتعامل مع طلبات الجهات العامة ذات العلاقة بتأسيس الكيانات الاستثمارية.

وقد شملت الحوكمة عدداً من المفاهيم الأساسية التي توضح الإطار التنظيمي العام، حيث تم تعريف مصطلحات محورية مثل "الجهة العامة"، و"الشركة"، و"الكيان"، و"الجهات الداعمة"، إضافة إلى تحديد الأدوار المؤسسية المناطة بكل طرف، بما في ذلك وزارة المالية باعتبارها الجهة المركزية التي تتلقى الطلبات وتبتّ في جدواها ومناسبتها وفق معايير محددة.


إقرأ ايضاً:انقطاع مفاجئ في منصة "إكس" ويؤثر على ملايين المستخدمين حول العالمرياح وغبار وأمطار رعدية تضرب مناطق عدة في المملكة اليوم بحسب "الأرصاد"

من بين الأهداف التي وضعتها الحوكمة رفع جودة الإشراف على الطلبات المتعلقة بتأسيس الشركات أو الكيانات، وتحديد ضوابط وإجراءات واضحة ومنظمة لهذه العمليات، وذلك في سبيل ضمان الشفافية وتعزيز مبادئ الحوكمة الرشيدة في القطاع العام، كما تهدف إلى إيجاد إطار منهجي يحدد متى ولماذا يجب أن تتدخل الجهة العامة في تأسيس شركة أو التملك فيها، وذلك للحد من الازدواجية وتضارب المصالح مع القطاع الخاص أو الكيانات المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة.

كما أكدت الحوكمة على أن تأسيس الشركات أو الكيانات أو تملكها من قبل الجهات العامة لا يكون إلا لضرورات ترتبط بعدم قدرة القطاع الخاص على توفير بعض السلع أو الخدمات، أو تلك التي تستوجب استقراراً دائماً في تقديمها، خصوصاً للشرائح المجتمعية ذات الاحتياجات الخاصة، فضلاً عن تلك المرتبطة بالأمن الوطني أو تتطلب درجة عالية من السرية في البيانات والمعاملات.

وحددت الحوكمة بوضوح نطاق التطبيق، بحيث تنطبق أحكامها على جميع الطلبات المحالة إلى وزارة المالية بموجب البندين (أولاً) و(سادساً) من القواعد، مع استثناءات محددة وردت في القرار الوزاري السابق، كما فصّلت في طبيعة الطلبات التي تقع تحت نطاق هذه الحوكمة، ومنها نقل ملكية الشركات القائمة، أو تأسيس شركات جديدة، أو شراء حصص في كيانات قائمة، أو تأسيس كيانات استثمارية.

كما شددت على ضرورة تقديم الطلبات كتابة، وتضمينها كافة المستندات والمعلومات المطلوبة، على أن تتحمل الجهة مقدمة الطلب مسؤولية التأكد من دقة البيانات وحداثتها، وتزويد الوزارة بأي توضيحات إضافية تطلبها خلال المهلة المحددة، وإذا لم تلتزم الجهة بهذه المتطلبات، فللوزارة الحق في إغلاق الطلب بعد منح الجهة مهلة كافية لتصحيح النواقص، مع إمكانية تقديم الطلب مرة أخرى وفق الإجراءات النظامية.

وتضمنت الحوكمة أيضاً قائمة تفصيلية بالمستندات الواجب إرفاقها بالطلب، شاملة البيانات المتعلقة بالنشاط، والملكية، والخطة الزمنية، والنموذج المالي، ودراسات السوق، والتحليل التنافسي، وغير ذلك من المؤشرات التي تمكّن الوزارة من اتخاذ قرار مدروس يستند إلى أدلة ومعايير واضحة، وتختلف هذه المستندات باختلاف نوع الطلب، سواء كان متصلاً بتأسيس كيان جديد أو شراء حصص في شركة قائمة.

ومن أبرز ما ورد في الحوكمة أن الوزارة تُعنى بدراسة الطلبات خلال فترة لا تتجاوز 90 يوماً من تاريخ استكمال المتطلبات، وذلك بالاشتراك مع الجهة مقدمة الطلب، وتستند عملية التقييم إلى معايير موضوعية تتضمن تحليل الحاجة، والارتباط بالخطط الوطنية والقطاعية، ومدى الكفاءة في استخدام الموارد، وتقييم الحوكمة الداخلية، وقياس الأثر على القطاعين العام والخاص، وأخيراً مدى الاستدامة المالية والتشغيلية للكيان المقترح.

ومنح القرار وزارة المالية صلاحية الاستعانة بالجهات الداعمة بحسب طبيعة كل طلب، مثل وزارات التجارة والاستثمار والاقتصاد، إضافة إلى هيئات السوق المالية والمنافسة وكفاءة الإنفاق، وغيرها من الجهات التنظيمية، على أن تلتزم هذه الجهات بتقديم ما يُطلب منها من معلومات خلال المدة الزمنية المحددة.

وفيما يخص مآلات دراسة الطلبات، فإن الوزارة تملك خيارين رئيسيين: إما الموافقة على الطلب، حيث تُشعَر الجهة المعنية كتابياً لاستكمال الإجراءات النظامية، مع تحديد صلاحية المالك لوزير المالية ورئيس الجهة؛ أو رفض الطلب في حال رأت الوزارة عدم مناسبته، مع توضيح الأسباب بشكل كتابي للجهة مقدمة الطلب.

وتُمثل هذه الحوكمة نقلة تنظيمية مهمة في مسار إدارة الأموال العامة واستثمارات الدولة، إذ تُرسي أسساً متينة لصنع القرار المؤسسي الرشيد، وتُسهم في الحد من الازدواجية بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص، وتدعم في الوقت نفسه الرؤية الاستراتيجية للمملكة في تعزيز الكفاءة وتحقيق مستهدفات رؤية 2030، كما تضمن الحوكمة عدم تكرار المحاولات غير المدروسة من الجهات العامة لتأسيس كيانات قد تتعارض مع السياسات التنموية للدولة أو تُحدث تشويشاً في السوق المحلي، وذلك من خلال إخضاع كل طلب لرقابة وتحليل متخصص ومتكامل.

بهذا، تعكس هذه الحوكمة توجهاً حكومياً نحو مزيد من الشفافية والفعالية في التعامل مع الموارد العامة، وتؤسس لمرحلة جديدة من الانضباط المؤسسي الذي يراعي الكفاءة المالية والمصلحة العامة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook