الاتحاد الأوروبي يرفع العقوبات عن سوريا استجابة لدعوة سعودية

الاتحاد الأوروبي
كتب بواسطة: حكيم الحاج | نشر في  twitter

في تطور دبلوماسي لافت يعكس تنامي الحضور السعودي على الساحة الدولية، وافق الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء، على رفع جميع العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة جاءت استجابة لدعوة مباشرة من المملكة العربية السعودية، وهذا القرار الأوروبي المفاجئ جاء بعد أيام قليلة من مطالبة الرياض العلنية للاتحاد باتباع الخطوة الأمريكية التي أعلنتها واشنطن مؤخرًا بشأن إلغاء العقوبات المفروضة على دمشق، وهو ما فتح الباب أمام تحولات إقليمية ودولية محتملة تتعلق بالعلاقة مع النظام السوري ومستقبل الوضع الإنساني والسياسي في البلاد.

المملكة، ومن خلال تصريحاتها الرسمية في الأسبوع الماضي، شددت على ضرورة أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته تجاه الشعب السوري، لا سيما في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تفاقمت نتيجة سنوات من الحرب، والعقوبات المفروضة، والتي انعكست بشكل مباشر على الحياة اليومية للمواطن السوري، وكانت الرياض قد أعلنت موقفها بوضوح، معتبرة أن رفع العقوبات الأوروبية، شأنه شأن القرار الأمريكي، يمكن أن يسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية، وفتح نوافذ جديدة لحوار سياسي شامل، يعيد التوازن إلى المشهد السوري.


إقرأ ايضاً:بدء أعمال الصيانة في حائل: طرق مغلقة وتحذيرات لقائدي المركباتصفقة حرة تشعل سوق الانتقالات السعودي.. الاتحاد يحسم صفقة مدافع النصر

ويبدو أن هذه الدعوة لم تكن مجرد موقف دبلوماسي عابر، بل شكّلت ضغطًا فعليًّا داخل أروقة صنع القرار الأوروبي، حيث ناقش المجلس الوزاري للاتحاد هذا الملف خلال الأيام الماضية، ليُعلن اليوم رسميًا قراره الشامل برفع العقوبات، ويؤكد مراقبون أن الموقف السعودي بات يلعب دورًا مؤثرًا في صياغة المواقف الدولية تجاه عدد من الملفات الساخنة، وهو ما تعززه تحركاتها الأخيرة على أكثر من صعيد، بدءًا من الوساطات الإقليمية، مرورًا بالجهود الإنسانية، ووصولًا إلى التأثير في قرارات الكيانات الدولية الكبرى.

وتأتي هذه الخطوة الأوروبية في توقيت حساس، إذ تتصاعد فيه الضغوط من منظمات إنسانية دولية تطالب بتغيير منهج العقوبات، الذي أثبت فشله في دفع الأنظمة نحو التغيير، مقابل ما سبّبه من تدهور في حياة المدنيين، وفي الوقت ذاته، فإن هذه التحولات تعكس تغيرًا في الأولويات الغربية، وتفتح الباب أمام مراجعة شاملة للسياسات المتبعة حيال سوريا، خصوصًا مع بروز توجهات إقليمية متزايدة لإعادة دمج دمشق ضمن المنظومة العربية والدولية، ضمن ما يُعرف بسياسة "الاحتواء عبر الانفتاح".

ويشير محللون إلى أن الدور السعودي في هذا السياق لم يأتِ من فراغ، بل هو ثمرة لسنوات من إعادة بناء الثقة مع المجتمع الدولي، ونجاح الرياض في تقديم نفسها كطرف محوري قادر على التأثير في المعادلات السياسية الدولية، فالسعودية لم تكتفِ بمواقف إعلامية، بل تحركت فعليًا على مستوى الكواليس الدبلوماسية، مستندة إلى شبكة من العلاقات الواسعة التي طورتها في السنوات الأخيرة مع مراكز القرار الأوروبية.

ولا يغيب عن المشهد أن هذه الخطوة الأوروبية قد تُعيد تشكيل خريطة العلاقات والتحالفات في الشرق الأوسط، كما أنها تمثل مؤشرًا على بداية تحول تدريجي في السياسة الأوروبية التي ظلت لعقدي من الزمان تراهن على عزل النظام السوري دون أن تحقق النتائج المرجوة، أما الآن، فيبدو أن هناك رغبة حقيقية في تبني منهج واقعي أكثر براغماتية، يُركّز على فرص الحلول السياسية، ومعالجة الأزمات من جذورها بدلاً من الاكتفاء بالعقوبات كأداة ضغط.

القرار الأوروبي، وإن كان يحمل بعدًا سياسيًا، فإنه أيضًا يحمل رسائل إنسانية مهمة، تعكس مدى إدراك العواصم الأوروبية لأثر العقوبات على الشعب السوري، كما أن الاستجابة لدعوة المملكة تُعد بمثابة إشادة ضمنية بالدور الذي تلعبه الرياض في تعزيز الاستقرار الإقليمي والدولي، بما في ذلك ملف إعادة إعمار سوريا، والبحث عن تسويات سلمية للنزاعات المزمنة في المنطقة.

وفي ظل هذه التطورات، يبقى السؤال مفتوحًا حول الخطوات التالية، سواء من جانب سوريا التي قد تجد نفسها أمام مسؤوليات جديدة في ظل الانفتاح المتصاعد، أو من جانب الدول الكبرى التي قد تراجع سياساتها السابقة، ولكن ما بات واضحًا هو أن الرياض نجحت مرة أخرى في تحريك المياه الراكدة، وأن نفوذها لم يعد يقتصر على حدود الجغرافيا الإقليمية، بل بات يُسمَع صداه في مراكز القرار العالمية.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook