ثورة طبية جديدة: الذكاء الاصطناعي يرصد التوحد عبر حركات يومية

 الذكاء الاصطناعي يرصد التوحد عبر حركات يومية
كتب بواسطة: سماح عبده | نشر في  twitter

في تطور علمي لافت قد يُحدث نقلة نوعية في طرق تشخيص اضطراب التوحد، توصل باحثون إلى إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في رصد علامات التوحد بدقة تصل إلى 89%، وذلك من خلال تحليل حركات اليد البسيطة التي نقوم بها بشكل يومي، هذه النتائج جاءت ضمن دراسة جديدة أجراها فريق بحثي من جامعة يورك البريطانية، حيث قاموا بمراقبة كيفية استخدام الأشخاص للإبهام والسبابة في التقاط أجسام صغيرة، في محاولة لفهم الأنماط الحركية المرتبطة باضطراب التوحد.

الدراسة تركز على سلوك حركي غاية في البساطة: إمساك جسم مستطيل الشكل بالإبهام والسبابة، وهو ما قد يبدو تصرفًا اعتياديًا لا يحمل أهمية تُذكر، لكن عند تحليله بعين الذكاء الاصطناعي، ظهرت مؤشرات دقيقة تكشف الكثير عن طريقة عمل الدماغ، خصوصًا في ما يتعلق بالأفراد المصابين بالتوحد، فقد تم تسجيل البيانات عبر مستشعرات دقيقة موضوعة على الأصابع، لتتبع سرعة الحركة، واتساع القبضة، ومسار اليد، وعدد من السمات الأخرى التي تشير إلى اختلافات واضحة في النمط الحركي بين الأفراد،


إقرأ ايضاً:"بقيمة 200 مليون دولا" الإعلان عن قرب إطلاق مشروع برج ترمب في دمشق بسوريااحذر تطبيقات التجسس: هاتفك مراقب حتى وهو في جيبك!!

واستخدم الفريق البحثي أكثر من 12 سمة حركية مستخلصة من مهمة الإمساك، وقام بتغذية خمسة نماذج مختلفة من خوارزميات التعلم الآلي بهذه البيانات، وقد أظهرت النتائج قدرة الذكاء الاصطناعي على التفريق بدقة كبيرة بين الأشخاص المصابين بالتوحد وغير المصابين، حتى النماذج الأقل دقة من بين الخمسة المستخدمة، حافظت على أداء تجاوز 84%، ما يعكس موثوقية التقنية وإمكانية تطويرها لتصبح أداة تشخيصية فعلية.

ما يجعل هذا التقدم مثيرًا للاهتمام هو بساطة الطريقة المستخدمة مقارنة بالوسائل التقليدية، فبدلاً من الاعتماد على فحوص دماغية معقدة أو تقييمات سلوكية طويلة تتطلب خبراء ومتخصصين، يمكن الاكتفاء بمستشعرين صغيرين وتحليل حركة الأصابع لبضع ثوانٍ فقط، هذا الأمر قد يُحدث فارقًا كبيرًا في اكتشاف التوحد في مراحله المبكرة، مما يفتح الباب أمام تدخلات أسرع وأكثر فاعلية لتحسين جودة حياة المصابين.

رغم النتائج المشجعة، فإن الباحثين يشيرون إلى بعض التحديات التي لا تزال قائمة، أبرزها أن الدراسة شملت شبابًا يتمتعون بقدرات معرفية طبيعية، في حين أن الفئة الأكثر احتياجًا للتشخيص المبكر هم الأطفال في سن النمو، وبالتالي، هناك حاجة لإجراء دراسات إضافية تشمل فئات عمرية أوسع لتأكيد فعالية هذه الطريقة في البيئات الواقعية.

كما أن أحد الأسئلة المطروحة هو مدى قدرة الذكاء الاصطناعي على رصد اضطراب معقد مثل التوحد بمستوى من الدقة يكفي للاعتماد عليه في المجال الطبي، فالتوحد ليس حالة واحدة، بل طيف واسع يتفاوت في شدته وأعراضه، وهو ما يتطلب أن تكون الأدوات التشخيصية مرنة وشاملة بما يكفي لالتقاط هذا التنوع.

ومع ذلك، لا يمكن إنكار أن هذه الدراسة تمثل خطوة أولى مهمة نحو تبسيط تشخيص التوحد باستخدام التكنولوجيا الحديثة، ففهم العلاقة بين الحركات الجسدية والوظائف العصبية قد يفتح آفاقًا جديدة لا تقتصر فقط على التوحد، بل تشمل مجموعة من الاضطرابات العصبية الأخرى، الذكاء الاصطناعي قد يتحول من أداة دعم إلى جزء أساسي في منظومة التشخيص الطبي خلال السنوات القادمة.

إذا ما تم تطوير هذا الابتكار ليشمل فئات عمرية متنوعة، ودمجه بتطبيقات محمولة أو أدوات سهلة الاستخدام، فقد يصبح الوصول إلى التشخيص المبكر للتوحد متاحًا على نطاق أوسع، وهذا بدوره قد يؤدي إلى تحوّل في السياسات الصحية والتعليمية التي تعنى بالأطفال المصابين بالتوحد، ويعيد تشكيل طريقة تعامل المجتمع مع هذا الاضطراب.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook