استثمارات صينية تتجاوز 9 مليارات دولار تعيد رسم خريطة الاقتصاد المصري

الصين تتمدد اقتصادياً في مصر
كتب بواسطة: فواز حمدي | نشر في  twitter
آخر تحديث

تشهد العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين تطورًا غير مسبوق، حيث تزايدت وتيرة الاستثمارات الصينية في السوق المصري لتشمل قطاعات استراتيجية حيوية، بدءًا من الطاقة والصناعة والتكنولوجيا وصولًا إلى الزراعة والبنية التحتية، في مؤشر واضح على التوجه الصيني نحو ترسيخ نفوذ طويل الأمد في مفاصل الاقتصاد المصري.

وبلغ حجم الاستثمارات المباشرة الصينية في مصر نحو 9 مليارات دولار بنهاية عام 2024، موزعة عبر أكثر من 2066 شركة صينية تنشط في مجالات متنوعة. هذا التوسع الاستثماري تجسد مؤخرًا في ملتقى اقتصادي مشترك احتضنته القاهرة بمشاركة 23 شركة كبرى تمثل أبرز اللاعبين في صناعة الغزل والنسيج، ما يعكس رغبة متزايدة في تعزيز الشراكة الاقتصادية بين البلدين.


إقرأ ايضاً:أرخص عروض لاندكروزر برادو في السعودية لعام 2025 بحالة ممتازة الداخلية: تنفيذ أحكام بالقتل لمهربي هيروين وحشيش في مكة ونجران

ويأتي هذا التوجه الصيني في ظل إدراك متزايد للأهمية الجيواقتصادية لمصر، التي تُعد حلقة وصل بين الأسواق الأفريقية والأوروبية، وتملك موارد بشرية واسعة، وموقعًا فريدًا يجعل منها نقطة جذب لوجستية واستثمارية.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وحدها جذبت في العامين الماضيين نحو 128 مشروعًا استثماريًا بقيمة 6 مليارات دولار، بلغت حصة الصين منها نحو 40%. كما أن مشاريع عملاقة مثل "البرج الأيقوني" في العاصمة الإدارية الجديدة، الذي تنفذه شركة صينية بقرض قيمته 3 مليارات دولار، تكشف عن عمق الحضور الصيني في مشروعات البنية التحتية والتنمية الحضرية.

ورغم الفوائد الاقتصادية الواضحة، يثير هذا التمدد الصيني نقاشات مستمرة حول مدى توازن المنافع بين الجانبين، فبينما تسهم هذه الاستثمارات في خلق فرص العمل وتحسين البنية الصناعية المصرية، يرى البعض أن الاعتماد المفرط على الشركاء الخارجيين قد يحول البلاد إلى سوق استهلاكي بدلاً من مركز إنتاجي متكامل. ويخشى مراقبون من أن تؤدي وفرة المنتجات الصينية إلى تهديد الصناعات المحلية الناشئة في ظل تفاوت القدرات التنافسية، إلا أن المسؤولين المصريين والخبراء يرون أن وجود مصانع صينية داخل مصر يخفف من هذه المخاوف عبر توطين الصناعة واستخدام العمالة المحلية.

وفي المقابل، تشير آراء خبراء اقتصاديين إلى أن المزايا التي تجنيها مصر من التعاون مع الصين تتفوق على التحديات المحتملة، خاصة أن هذه الشراكة لا ترتبط بشروط سياسية مسبقة، وتعتمد على التمويل الذاتي والتقنيات المتطورة، ما يقلل من الأعباء التمويلية على الحكومة المصرية. وتستفيد مصر من تحويل بعض الديون الصينية إلى مشاريع تنموية خضراء في إطار اتفاق مبادلة ديون وقع في أكتوبر 2023، ما يعزز جهود البلاد في التنمية المستدامة وتحسين مؤشرات الاقتصاد الأخضر.

ويُجمع الخبراء على أن دخول الشركات الصينية إلى السوق المصري يعكس مسارًا تصاعديًا لتحولات جيوسياسية أوسع، إذ تبحث الصين عن بدائل لأسواقها التقليدية في ظل توتر علاقاتها التجارية مع الولايات المتحدة وأوروبا. وتتيح مصر، عبر شبكة اتفاقيات التجارة الحرة التي وقعتها، للصين منفذًا مثاليًا لتصنيع منتجاتها محليًا وتصديرها إلى الأسواق المجاورة دون قيود جمركية، ما يعزز مكانتها كمركز إقليمي للانتاج والتصدير، ويمنح الصين موطئ قدم راسخ في قلب الاقتصاد العربي والأفريقي.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook