متحف "آسان" يبدأ تشييده في الدرعية ليحفظ التراث بروح المستقبل

متحف آسان
كتب بواسطة: مروى علوي | نشر في  twitter

في مشهد يعكس التقاء الحاضر بالماضي، أعلن متحف مسك للتراث "آسان" رسمياً انطلاق أعمال بناء مقره الجديد في قلب الدرعية، أحد أبرز المواقع التاريخية والثقافية في المملكة العربية السعودية، وجاء هذا الإعلان متزامناً مع الاحتفاء باليوم العالمي للمتاحف، في فعالية خاصة حضرها ممثلون عن مؤسسة محمد بن سلمان "مسك" وشركة الدرعية، إلى جانب عدد من الإعلاميين المحليين، في لحظة رمزية تعكس التقدير العميق للتراث الوطني، والحرص على إبرازه بطرق حديثة تناسب تطلعات المستقبل.

هذا المشروع لا يعد مجرد مبنى يشيد، بل هو بداية لرحلة ثقافية كبرى تستهدف صون التراث السعودي وإعادة تقديمه للعالم من زاوية تفاعلية معاصرة، تأسيس متحف "آسان" في الدرعية، ليس فقط اختياراً لموقع له رمزيته التاريخية، بل هو تأكيد على أن الحفاظ على الموروث لا يقتصر على جمع القطع الأثرية، بل يشمل صناعة تجربة حية تتفاعل مع الجمهور وتعزز من فهمه لهويته الثقافية.


إقرأ ايضاً:غروك في أزور… هل يشعل غروك صراعاً بين مايكروسوفت و"أوبن إيه آي"؟بعد فقدان أمل آسيا.. هل يعيد النصر هيبته أمام الخليج؟

الرئيس التنفيذي للمتحف، خالد الصقر، أوضح أن توقيت انطلاق المشروع مع اليوم العالمي للمتاحف يحمل دلالة خاصة، حيث يمثل خطوة استراتيجية على طريق حماية التراث السعودي وتقديمه للعالم ضمن سردية حديثة تراعي البعد التفاعلي والإبداعي، وأشار إلى أن متحف "آسان" لن يكتفي بعرض المقتنيات، بل سيتبنى منهجاً ثقافياً شاملاً من خلال تقديم تجارب تفاعلية تربط الأجيال المعاصرة بماضيها العريق، وتساهم في تعزيز روح الفخر بالهوية السعودية.

من اللافت في الرؤية التي يحملها المتحف الجديد أنه لا يعمل فقط كمكان للاحتفاظ بالماضي، بل كمنصة لتوليد المعاني الجديدة للتراث من خلال إشراك المجتمع في مختلف برامجه، وهو ما أكده الصقر بقوله إن المتحف سيطرح برامج وأنشطة متنوعة بإشراف خبراء، تتيح للزوار من كافة الأعمار التفاعل المباشر مع عناصر التراث، سواء عبر ورش العمل أو العروض الحية أو حتى التجارب الحسية المصممة لتعزيز الانتماء الوطني والإبداع الثقافي.

هذا التوجه يتماشى مع فلسفة مؤسسة مسك التي تهدف إلى تمكين الشباب السعودي وإثراء المشهد الثقافي من خلال مبادرات تدمج بين الحداثة والأصالة، وبين التقنية والموروث، وبهذا يكون "آسان" أحد الأذرع الحيوية في تنفيذ رؤية المملكة 2030 التي تضع الثقافة والتراث ضمن ركائز التحول الوطني، وتعمل على نقل هذه الكنوز من رفوف التاريخ إلى مساحات الحاضر والمستقبل.

من جانبه، وصف الرئيس التنفيذي لمجموعة شركة الدرعية، جيري إنزيريلو، متحف "آسان" بأنه إضافة نوعية للمنظومة الثقافية المتنامية ضمن مشروع الدرعية، الذي يُعاد صياغته ليكون وجهة عالمية تحتفي بالهوية السعودية العريقة بطرق حديثة، وأشار إلى أن المتحف سيكون نقطة التقاء حيوية لكل من الزوار المحليين والعالميين، حيث سيجدون فيه تجارب ثقافية متنوعة تعكس عمق الحضارة السعودية وتنوعها.

ويُنتظر أن يُحدث المتحف نقلة نوعية في طريقة تقديم التراث، من خلال دمج الفنون البصرية والتقنية الحديثة والسرد القصصي المبتكر، ما يجعله وجهة تعليمية وسياحية وترفيهية في آن واحد، وستسهم هذه المقاربة في إيصال رسالة التراث السعودي بلغة عالمية، مع الحفاظ الكامل على الخصوصية والهوية المحلية.

في هذا السياق، يمثل "آسان" بوابة جديدة لعرض التاريخ السعودي، ليس على هيئة محطات زمنية ساكنة، بل كمادة حيّة تتحرك وتنقل عبر الأجيال، وهذا ما يعزز فكرة أن المتاحف ليست مجرد صالات لعرض القطع الأثرية، بل مختبرات للذاكرة الوطنية، ومراكز للإلهام الجمعي، ومنصات لترسيخ الهوية على المستويين المحلي والدولي.

ومع بدء تنفيذ أعمال البناء، يبدأ فصل جديد في سجل الثقافة السعودية، فصل يحمل بين سطوره وعياً جديداً بقيمة التراث، وإصراراً على أن يكون جزءاً من المستقبل لا مجرد ماضي يحكى، فمتحف "آسان" هو شاهد على هذا الالتزام الوطني، ومشروع حضاري يُجسد ما يمكن أن يحدث عندما تلتقي الإرادة الثقافية بالتصميم المعماري والرؤية الاستراتيجية.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook