5 لجان وهدف واحد: شراكة سعودية تركية نحو المستقبل

في خطوة تعكس عمق العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية تركيا، عقد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، ونظيره التركي هاكان فيدان، اليوم الأحد، بالعاصمة الرياض، الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي التركي، لمناقشة مستجدات الأوضاع في المنطقة، وتعزيز أطر التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة، الاجتماع الذي استضافته الرياض يأتي في ظل تحولات إقليمية متسارعة، ورغبة مشتركة من قيادتي البلدين في دفع العلاقات الثنائية إلى آفاق أرحب وأكثر شمولاً.
وأكد الأمير فيصل بن فرحان، في كلمته خلال الاجتماع، على أهمية مجلس التنسيق السعودي التركي بوصفه منصة استراتيجية فاعلة تنظم وتنسق الجهود بين الرياض وأنقرة، مشيرًا إلى أن المجلس يجسد الاهتمام الكبير الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بتعزيز العلاقات التاريخية والأخوية التي تربط الشعبين الشقيقين، وأضاف أن المجلس ليس مجرد إطار رسمي، بل يمثل إرادة سياسية حقيقية نحو ترسيخ شراكة متكاملة تُبنى على التفاهم والمصالح المشتركة.
إقرأ ايضاً:استعدوا للعيد: إليكم الموعد المؤكد لوقفة عرفات وعيد الأضحى في مصرأستاذ مناخ سابق يحذر من التنبؤات المطولة غير الدقيقة لصيف هذا العام
ويُعد مجلس التنسيق السعودي التركي آلية مؤسسية تم تأسيسها عام 2016، ويترأسها وزيرا خارجية البلدين، ويهدف هذا المجلس إلى تطوير العلاقات الثنائية ومتابعتها ضمن إطار متكامل، يراعي كافة الأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية، وهو ما يمنح المجلس ميزة شمولية، تجعله حجر الزاوية في مسار العلاقات السعودية التركية الحديثة.
وتشارك في أعمال المجلس خمس لجان فرعية تمثل القطاعات الحيوية التي يتقاطع فيها التعاون بين البلدين، وتشمل لجنة الدبلوماسية والسياسة، لجنة الشؤون العسكرية والأمنية، لجنة الثقافة والرياضة والإعلام والسياحة، لجنة التنمية الاجتماعية والصحية والتعليمية، بالإضافة إلى لجنة التجارة والصناعة والاستثمار والبنية التحتية والطاقة، وتضطلع هذه اللجان بدور محوري في تحويل مخرجات الاجتماعات العليا إلى برامج عمل فعلية ومبادرات واقعية تعزز الروابط الثنائية وتدعم الاستقرار الإقليمي.
ويحمل انعقاد هذا الاجتماع الثاني دلالات كبيرة في توقيته ومكانه، إذ يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات جيوسياسية معقدة، وتُظهر فيه كل من السعودية وتركيا تقاربًا متصاعدًا قائمًا على إدراك مشترك لأهمية التنسيق في الملفات الإقليمية والدولية، فضلًا عن تعزيز التبادل الاقتصادي والتجاري، وفتح آفاق جديدة للاستثمار والتكامل في مجالات حيوية مثل الطاقة والبنية التحتية والسياحة والتقنية.
ومن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة المزيد من خطوات التعاون النوعي بين الرياض وأنقرة، خاصة في ضوء التوافق الواسع حول العديد من القضايا الإقليمية والدولية، إضافة إلى توافق الرؤى التنموية في البلدين، لاسيما ما يتعلق بمشروعات التحول الاقتصادي الكبرى في المملكة، والتي تندرج تحت مظلة "رؤية السعودية 2030"، وما يقابلها من مساعي تركية لتعزيز مكانتها الاقتصادية إقليميًا ودوليًا.
ويعكس اللقاء اليوم بين الأمير فيصل بن فرحان وهاكان فيدان استمرار الدفع بالعلاقات نحو مستويات متقدمة من التنسيق والتكامل، وهو ما قد يُترجم في المستقبل القريب إلى اتفاقيات نوعية، وشراكات استراتيجية تخدم مصالح البلدين، وتسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، في وقت تشتد فيه الحاجة إلى العمل الجماعي وتوسيع دوائر التعاون الثنائي والإقليمي.
ويُمثل هذا الاجتماع علامة فارقة على طريق تطوير العلاقات السعودية التركية، وخطوة مهمة نحو ترسيخ شراكة طويلة الأمد، تُبنى على أسس التعاون المتين، وتستند إلى مصالح استراتيجية تتجاوز الجغرافيا إلى أفق أرحب من التفاهم السياسي والاقتصادي والثقافي بين بلدين محوريين في الشرق الأوسط.