أبوظبي وواشنطن تطلقان شراكة رقمية عملاقة لإعادة هندسة العالم الرقمي!

تتجسد ملامح تحالف رقمي استثنائي بين دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة الأميركية في سلسلة من الخطوات المتسارعة التي تعكس عمق العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، وخصوصاً في قطاع الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة.
وتُبرز زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى دولة الإمارات، وإعلانه رفقة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن تدشين المرحلة الأولى من مجمع الذكاء الاصطناعي في أبوظبي، واحدة من أقوى الإشارات إلى حجم الرهان الذي يضعه الطرفان على المستقبل الرقمي والتحول التكنولوجي العابر للحدود.
إقرأ ايضاً:حملة مرور شاملة تسفر عن ضبط 2144 مركبة مخالفة لمواقف ذوي الاحتياجات بالسعوديةمدينة الحجاج بالشقيق تُكمل استعداداتها لموسم حج 1446 بخدمات ذكية ومرافق متطورة
المجمع الجديد بسعة 5 غيغاوات يُعد الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة، ويشكل منصة إقليمية فريدة من نوعها تمكّن الشركات الأميركية من تقديم خدمات الحوسبة السحابية الضخمة لمناطق واسعة في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، مستفيدًا من البنية التحتية الإماراتية المتطورة والاستثمارات المتزايدة في الطاقة النظيفة.
ويأتي هذا المشروع في إطار شراكة استراتيجية أُطلق عليها اسم "شراكة تسريع الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة والإمارات"، وتهدف إلى تعزيز التكامل الرقمي والتقني بين الطرفين، ونقل المعرفة وتبادل الخبرات، وبناء نظام بيئي مستدام قائم على الابتكار.
هذه الخطوة لم تأتِ بمعزل عن الجهود المستمرة لدولة الإمارات لترسيخ موقعها كمركز إقليمي وعالمي للذكاء الاصطناعي، فمنذ عام 2017، حين عينت أول وزير للذكاء الاصطناعي في العالم، ومروراً بإطلاق "جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي"، وصولاً إلى استراتيجيتها الوطنية الطموحة في هذا المجال، لم تتوقف الدولة عن بناء قاعدة علمية وتكنولوجية قوية، مدعومة بشراكات دولية واسعة، أبرزها مع الولايات المتحدة الأميركية.
ويُنظر إلى هذا التعاون الإماراتي الأميركي على أنه نقطة تحول في توازنات القوة التكنولوجية العالمية، خاصة في وقت تُعد فيه القدرات في مجال الذكاء الاصطناعي عاملًا حاسمًا في التنافس الجيوسياسي.
وقد أكد العديد من الخبراء أن الإمارات، من خلال هذا المشروع، ترسل رسالة واضحة بأنها ليست مجرد مستهلك للتكنولوجيا، بل طرف فاعل في صناعتها وتطويرها، وهو ما أكده الدكتور حسين العمري، أستاذ علم الحاسوب في كاليفورنيا، بقوله إن الإمارات باتت تمثل بيئة مثالية لتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، نتيجة البنية التحتية الرقمية القوية، والالتزام السياسي والتنموي العميق.
كما أشار المستشار الأكاديمي بجامعة سان خوسيه، أحمد بانافع إلى أن الإمارات تستثمر كذلك في بناء مراكز بيانات داخل الولايات المتحدة، في صورة تعكس عمق الترابط المتبادل، هذه الزيارة، بما حملته من اتفاقات استراتيجية، تمثل دفعة قوية لجهود البلدين نحو بناء اقتصاد معرفي يرتكز على الابتكار والتكنولوجيا، ويعزز من مكانة الإمارات كشريك رئيسي للولايات المتحدة في المنطقة.
من خلال هذه الشراكة تتحول أبوظبي إلى نقطة ارتكاز رئيسية في شبكة الذكاء الاصطناعي العالمية، بما يدعم تطلعاتها في أن تصبح مركزًا عالميًا للتقنيات المتقدمة، ويعكس رؤيتها بعيدة المدى في تحويل الذكاء الاصطناعي إلى ركيزة للنمو والتنمية المستدامة.