في إنجاز تاريخي: السعودية تستعد لإطلاق أول قمر صناعي بالتعاون مع "ناسا"

السعودية تستعد لإطلاق أول قمر صناعي بالتعاون مع
كتب بواسطة: فائزة بشير | نشر في  twitter

في خطوة رائدة تعكس طموح المملكة العربية السعودية نحو استكشاف الفضاء، أعلنت وكالة الفضاء السعودية عن توقيع اتفاقية تعاون مع وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، لإطلاق أول قمر صناعي سعودي مخصص لدراسة مناخ الفضاء، وذلك ضمن مهمة "أرتميس 2"، التي تُعد إحدى أكبر المبادرات الفضائية الدولية لاستكشاف القمر والكواكب لأغراض سلمية.

وجاء الإعلان عن هذه الاتفاقية خلال مراسم توقيع رسمية بين الجانبين، والتي نُظمت على هامش زيارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب إلى المملكة، وتمثل هذه الخطوة علامة فارقة في مسار الشراكة الاستراتيجية بين الرياض وواشنطن، وتفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مجالات الفضاء، والعلوم، والتقنية، والابتكار.


إقرأ ايضاً:حرس الحدود بجازان يوقف مخالفين للوائح الصيد البحريفي تصريحات من الدوحة: ترمب يتغنى بالشراكة مع الرياض

ويُعد إطلاق القمر الصناعي المرتقب تتويجًا لانضمام المملكة إلى اتفاقية أرتميس الدولية، وهي اتفاقية متعددة الأطراف تُشكّل تحالفًا عالميًا لاستكشاف الفضاء العميق، بما يشمل القمر والمريخ والكويكبات والمذنبات، وتُركّز على الأهداف السلمية والاستكشاف العلمي المسؤول.

وأكدت وكالة الفضاء السعودية في بيانها أن هذا القمر الصناعي سيمثل أول مساهمة تقنية للمملكة في مجال دراسة مناخ الفضاء وتأثيراته على الأنظمة التقنية والاتصالات الفضائية، وهو مجال يُعدّ من أكثر المجالات تطورًا في علوم الفضاء الحديثة، وسيتم تطوير القمر الصناعي وفق أعلى المعايير الهندسية بالتعاون مع مختصين من "ناسا"، حيث يُنتظر أن يحمل أدوات علمية دقيقة لرصد الرياح الشمسية، والأشعة الكونية، والتغيرات في طبقة الأيونوسفير، وغيرها من الظواهر المرتبطة بالفضاء الخارجي.

وتأتي هذه المبادرة ضمن جهود المملكة الرامية إلى تحقيق مستهدفات رؤية 2030، التي وضعت ضمن أولوياتها التحول نحو اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار، وتطوير قطاع الفضاء كأحد محركات النمو المستقبلي، كما تهدف هذه الرؤية إلى بناء كفاءات وطنية قادرة على قيادة المشاريع العلمية الكبرى، وترسيخ مكانة السعودية كشريك دولي فاعل في الأبحاث والمهمات الفضائية.

ومنذ إطلاق رؤية 2030، أبدت السعودية اهتمامًا متزايدًا بتطوير بنيتها التحتية الفضائية، فأنشأت هيئة الفضاء السعودية عام 2018، وتوالت بعد ذلك مبادرات بحثية وتعليمية لتهيئة الجيل القادم من العلماء والمهندسين في مجالات الملاحة والاستشعار عن بعد والاتصالات الفضائية، كما أطلقت المملكة برامج ابتعاث موجهة لتخصصات الفضاء، وأبرمت اتفاقيات مع مؤسسات دولية لتبادل المعرفة والتدريب العملي.

أما بالنسبة لـ"اتفاقية أرتميس"، فهي مبادرة أطلقتها "ناسا" عام 2020 بالتعاون مع عدد من الدول الصديقة، وتهدف إلى توحيد الجهود الدولية في استكشاف الفضاء بطريقة مستدامة ومسؤولة، وتعد مشاركة المملكة في هذا التحالف شهادة ثقة بقدراتها التقنية، واعترافًا بدورها المتصاعد في ميدان العلوم المتقدمة.

ويُعتبر "أرتميس 2" أول مهمة مأهولة ضمن البرنامج، إذ من المقرر أن تنطلق في عام 2025 حاملة على متنها طاقمًا دوليًا يدور حول القمر، دون الهبوط عليه، كخطوة تحضيرية للبعثات المستقبلية، ومن المقرر أن يتم دمج القمر الصناعي السعودي ضمن هذه المهمة، ليرافقها ويباشر مهمته العلمية من المدار القمري.

والاتفاقية بين السعودية و"ناسا" تتجاوز البُعد العلمي، لتؤسس لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين في مجالات المستقبل، فهي تأتي تأكيدًا على العلاقة التاريخية المتينة بين الرياض وواشنطن، وتدعم جهود توطين التكنولوجيا، ونقل المعرفة، وخلق بيئة محفزة للبحث العلمي في المملكة.

كما تعزز هذه الاتفاقية من حضور السعودية في المحافل الدولية، خصوصًا في ظل سعيها لتكون مركزًا إقليميًا للعلوم والابتكار، ومن المتوقع أن تفتح هذه الخطوة الباب أمام مزيد من المشاريع المشتركة مع "ناسا" وغيرها من وكالات الفضاء العالمية، ما من شأنه تسريع تحقيق أهداف المملكة في هذا القطاع الواعد.

ومع استعداد المملكة لإطلاق أول أقمارها الصناعية لدراسة مناخ الفضاء بالتعاون مع "ناسا"، فإنها تدخل فعليًا مرحلة جديدة من حضورها العلمي والتقني على الساحة الدولية، ويتوقع أن يشكل هذا المشروع بوابة لانطلاق المزيد من الإنجازات الفضائية السعودية، التي تجمع بين الطموح والرؤية، وتسعى لصنع المستقبل من قلب الصحراء إلى أعماق الفضاء.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook