البيوت المحمية: ثورة تكنولوجية تحمي الإنتاج الزراعي وتعزز الأمن الغذائي

البيوت المحمية تضاعف الإنتاج الزراعي
كتب بواسطة: حاتم بن فهد | نشر في  twitter

تشهد المملكة العربية السعودية تحولاً جذرياً في القطاع الزراعي مع انتشار تقنية "البيوت المحمية" التي أصبحت ركيزة أساسية في تعزيز الأمن الغذائي وتنويع مصادر الاقتصاد الوطني. هذه التقنية المبتكرة باتت تمثل خياراً استراتيجياً لمواجهة التحديات المناخية القاسية التي تواجه المزارعين في مختلف مناطق المملكة، وتفتح آفاقاً واعدة نحو زراعة متطورة ومستدامة على مدار العام.

تتكون البيوت المحمية من هياكل معدنية متينة تتشكل بأقواس مغطاة بمواد شفافة كالبلاستيك أو الزجاج، وتعمل هذه المواد على السماح بمرور أشعة الشمس الضرورية لنمو النباتات مع توفير حماية فعالة من الظروف المناخية الصعبة مثل درجات الحرارة المرتفعة والصقيع والرياح العاتية والآفات الزراعية المختلفة. وقد أظهرت التجارب العملية أن هذه التقنية تسهم بشكل ملحوظ في مضاعفة الإنتاج الزراعي وتحسين جودة المحاصيل والخضروات على مدار السنة، مما يضمن استمرارية توفر المنتجات الزراعية في الأسواق المحلية بأسعار مناسبة.


إقرأ ايضاً:3 غيابات في دفاع الهلال أمام الفتح والشلهوب يبحث عن بديلالهلال يحسم قراره النهائي وخطوة واحدة تفصله عن "مدرب بورنموث الإنجليزي"

تتنوع البيوت المحمية في المملكة حسب التصاميم والخامات المستخدمة لتناسب مختلف الاحتياجات والميزانيات، فمنها البيوت البلاستيكية التي تعتبر الخيار الأكثر شيوعاً بين صغار المزارعين نظراً لتكلفتها المعقولة وسهولة تركيبها وصيانتها، وهناك أيضاً البيوت الزجاجية التي تتميز بتوفير عزل حراري ممتاز وإضاءة مثالية للنباتات رغم ارتفاع تكلفتها الأولية، وأخيراً البيوت المعدنية أو الهيكلية التي تستخدم غالباً في المشاريع التجارية الكبيرة وتتميز بمتانتها وطول عمرها الافتراضي. وتأتي هذه التنوعات لتلبي احتياجات مختلف الفئات من المستثمرين والمزارعين وفقاً لحجم مشاريعهم وأهدافهم الإنتاجية.

ويشير المزارعون المخضرمون إلى أن استخدام البيوت المحمية في المملكة بدأ يتسع قبل نحو 15 عاماً وقد أسهم ذلك في إحداث نقلة نوعية في القطاع الزراعي، حيث تضاعف الإنتاج وتنوعت المحاصيل التي يمكن زراعتها محلياً. وقد أكد أحد المزارعين ذوي الخبرة أنه اكتسب مهارات متقدمة في استخدام هذه التقنية وتسويق منتجاتها في الأسواق المحلية، مما مكنه من التوسع في زراعة أصناف متنوعة لم تكن متاحة سابقاً في البيئة المحلية مثل الفراولة والفلفل بأنواعه المختلفة والطماطم والخيار والكوسة، وهذا التنوع يسهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد من الخارج.

من أبرز المزايا التي توفرها البيوت المحمية للمزارعين السعوديين هي إمكانية التحكم الدقيق في العوامل البيئية مثل درجات الحرارة والرطوبة والإضاءة ومستويات ثاني أكسيد الكربون، مما يؤدي إلى ترشيد استهلاك المياه بنسب كبيرة تتجاوز 70% مقارنة بالزراعة التقليدية. كما أن هذه البيئة المحكمة تقلل بشكل كبير من الحاجة إلى استخدام المبيدات الكيميائية، وهو ما يعزز سلامة المنتجات الزراعية وجودتها وقيمتها الغذائية. وعلى الرغم من التحديات التي تواجه المزارعين مثل ارتفاع تكلفة التأسيس الأولية والحاجة إلى تدريب متخصص لإدارة البيوت المحمية بكفاءة، إلا أن العائد الاقتصادي على المدى المتوسط والبعيد يبرر هذه الاستثمارات الأولية.

تعد البيوت المحمية ركيزة أساسية في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 المتعلقة بالأمن الغذائي وتنويع مصادر الدخل الوطني، حيث تدعم الحكومة السعودية المزارعين من خلال تقديم التسهيلات اللازمة والدعم الفني والمادي لتبني هذه التقنيات المتطورة. وبفضل هذا الدعم والتوجه الاستراتيجي، أصبحت البيوت المحمية تلعب دوراً محورياً في تحقيق الاكتفاء الذاتي من العديد من المنتجات الزراعية وتحسين دخل المزارعين وتوفير فرص عمل جديدة في القطاع الزراعي، مما يعزز استدامة هذا القطاع الحيوي ويضمن استمراريته لخدمة الأجيال القادمة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook