موريتانيا تطوي صفحة سياسية بصدور حكم ضد رئيسها الأسبق

رئيس موريتانيا الأسبق
كتب بواسطة: سماح عبده | نشر في  twitter

أصدرت محكمة الاستئناف المختصة بقضايا الفساد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، يوم الأربعاء، حكمًا قضائيًا بالسجن خمسة عشر عامًا نافذة على الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، بعد إدانته في قضايا تتعلق باستغلال النفوذ، وسوء استخدام الوظيفة العامة، وإخفاء عائدات إجرامية، في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في تاريخ البلاد السياسي والقضائي.

وجاء الحكم بعد أشهر طويلة من المحاكمة التي تابعتها الأوساط الموريتانية عن كثب، حيث أثارت فصولها تفاعلاً واسعاً من الرأي العام، نظرًا لحجم الاتهامات الموجهة ضد الرئيس الذي حكم البلاد لعقد كامل، وفور النطق بالحكم، اندلعت احتجاجات داخل قاعة المحكمة من قبل أنصاره، ما دفع قوات الأمن للتدخل وفرض النظام داخل القاعة حتى انتهاء تلاوة الحكم من قبل رئيس المحكمة.


إقرأ ايضاً:وزارة الحج تؤكد: الإقرار الجمركي للحجاج عند حمل مبالغ مالية تتجاوز 60 ألف ريالالأمير سلطان بن سلمان يطلق شراكة بحثية عالمية لتعزيز الصحة الذكية

وقضت المحكمة كذلك بتغريم الرئيس السابق مبلغ مليار أوقية موريتانية، أي ما يعادل نحو أربعة ملايين دولار أميركي، في إطار الأحكام المالية المصاحبة للإدانة، والتي تستهدف استعادة جزء من الأموال التي تشير التحقيقات إلى أنها تحصّلت بطرق غير مشروعة خلال فترة رئاسته.

كما امتد الحكم ليشمل أفراداً من دائرته المقربة، حيث قررت المحكمة حبس صهره، إلى جانب المدير العام لشركة الكهرباء، لمدة عامين نافذين لكل منهما، بعد إدانتهما بتهم تتعلق أيضًا باستغلال النفوذ وتحقيق منافع شخصية بطرق غير قانونية، وأشارت الوثائق القضائية إلى أن التحقيقات كشفت عن شبكة معقدة من المصالح والامتيازات غير المشروعة التي استفادت منها شخصيات بارزة في عهد الرئيس السابق.

وفي خطوة أخرى لاقت اهتماماً واسعاً، حكمت المحكمة أيضًا بحل "هيئة الرحمة" الخيرية التي كان يديرها نجل الرئيس السابق، ومصادرة أملاكها، بعد ثبوت تورطها في عمليات غسيل أموال واستغلال العمل الخيري كغطاء لتمرير الأموال المشبوهة، بحسب ما خلصت إليه هيئة المحكمة.

محمد ولد عبد العزيز، الذي تولى حكم موريتانيا في الفترة ما بين 2009 و2019، كان قد غادر السلطة بعد تسليمها للرئيس المنتخب محمد ولد الشيخ الغزواني، غير أن العلاقة بين الرجلين ساءت لاحقًا، خاصة بعد محاولة ولد عبد العزيز استعادة النفوذ داخل الحزب الحاكم، ما أدى إلى تصعيد سياسي انعكس في توسيع التحقيقات وفتح الملفات التي أدت إلى محاكمته.

وكانت السلطات الموريتانية قد بدأت التحقيق مع الرئيس السابق في عام 2021، حيث تم وضعه تحت الرقابة القضائية، ثم لاحقًا تم توقيفه على ذمة التحقيقات، قبل أن تُحال القضية إلى المحكمة بعد استكمال جمع الأدلة والشهادات المتعلقة بثرواته ومصادرها، والتعاملات المشبوهة التي أجراها خلال فترة توليه الرئاسة.

ويُنظر إلى هذا الحكم على نطاق واسع كعلامة فارقة في تاريخ العدالة الموريتانية، حيث إنها المرة الأولى التي يُدان فيها رئيس سابق بتهم فساد ويحكم عليه بالسجن لفترة طويلة، في ظل محاكمة علنية وتغطية إعلامية كبيرة، وهو ما يراه مراقبون مؤشراً على تحولات محتملة في المشهد السياسي والقضائي في البلاد.

من جانب آخر، تعكس هذه التطورات تزايد الضغوط الشعبية والرسمية من أجل مكافحة الفساد وتحقيق الشفافية، خصوصًا في ظل السياق الإقليمي والدولي الذي يشهد تشديدًا على ملاحقة الشخصيات السياسية المتورطة في قضايا مالية، وتعزيز استقلال القضاء في مواجهة مراكز النفوذ السابقة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook