مشروع مروري ضخم يعيد تنظيم حركة الحجاج في العاصمة المقدسة

في قلب العاصمة المقدسة، يتألق طريق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، المعروف بالدائري الرابع، كأحد أهم الشرايين الحيوية التي تعزز كفاءة النقل والحركة، لاسيما خلال موسم الحج الذي يشهد فيه الملايين من ضيوف الرحمن تدفقًا مستمرًا نحو المشاعر المقدسة.
فهذا الطريق لم يصمم فقط لتسهيل حركة المرور فحسب، بل جاء كجزء من رؤية استراتيجية تهدف إلى إعادة تنظيم منظومة التنقل في مكة المكرمة بما يحقق أعلى مستويات الانسيابية والأمان والكفاءة، ويقلص من الاختناقات المرورية التي طالما عانت منها المدينة في مواسم الذروة.
إقرأ ايضاً:وزارة الحج تحذر: الإقرار الجمركي إلزامي لمن يحمل مقتنيات ثمينةموريتانيا تطوي صفحة سياسية بصدور حكم ضد رئيسها الأسبق
يمتد الطريق الدائري الرابع على مسافة تبلغ 65 كيلومترًا، تبدأ من طريق السيل وتصل إلى العوالي، مرورًا بمحاور رئيسية كالعكيشية وبطحاء قريش وأم الكتاد، إلى جانب ارتباطه بمحاور استراتيجية مثل طريق الهدا، وطريق جدة السريع، وطريق جدة القديم أم الجود، وصولًا إلى العمرة وطريق المدينة المنورة.
ويتميز الطريق بعرض يبلغ 100 متر، يضم أربع حارات مرورية في كل اتجاه للطريق الرئيس، وثلاث حارات لطريق الخدمة في كل اتجاه، مما يمنحه قدرة استيعابية هائلة تسهم في الحد من الازدحامات المتكررة التي تشهدها مكة المكرمة، خاصة في فترات الحج والعمرة.
ولا يقتصر الدور الحيوي لهذا الطريق على نقل الحجاج والمعتمرين فقط، بل يتعداه ليشكل محورًا هامًا لأهالي المدينة، حيث يسهل حركتهم اليومية ويربط بين أطراف العاصمة المقدسة، محدثًا بذلك نقلة نوعية في البنية التحتية المرورية.
وقد صممت الجزيرة الوسطية التي يبلغ عرضها 20 مترًا لاستيعاب مشاريع النقل العام المستقبلية، فيما توفر الجزيرة الفاصلة التي يبلغ عرضها 8 أمتار مداخل ومخارج آمنة وفعالة بين الطريق الرئيس وطريق الخدمة، وهو ما يعكس رؤية هندسية متقدمة تواكب طموحات التوسع الحضري والتنظيم المروري الحديث.
وقد حرصت الجهات المنفذة، بإشراف مباشر من أمانة العاصمة المقدسة، على تضمين المشروع بأعلى المعايير الفنية والهندسية، حيث يضم الطريق 11 تقاطعًا تربط بينه وبين الطرق المحورية الأخرى، من أبرزها تقاطع طريق مكة - جدة السريع، وطريق مكة - جدة القديم، والطائف - السيل، وطريق المدينة المنورة، وطريق الأمير نايف، وشارع إبراهيم الجفالي، وتقاطع الليث، وجبل ثور، مما يوفر شبكة مرور متكاملة تخدم مختلف الاتجاهات وتخفف الضغط على شبكة الطرق الداخلية.
ولم تغفل الجهات المختصة الجانب الجمالي والوظيفي في تنفيذ الطريق، حيث تم تزويده بـ20 جسرًا هندسيًا صممت بعناية لتوفير الانسيابية والربط السلس بين المحاور، فضلًا عن إنارة الطريق عبر 2,222 عمودًا توفر مستوى إضاءة مرتفعًا يسهم في رفع مستوى السلامة المرورية، خاصة في أوقات الليل والظروف الجوية غير المستقرة.
ويأتي هذا المشروع كترجمة فعلية لجهود المملكة المتواصلة في تطوير البنية التحتية لخدمة الحجاج والزوار، ضمن منظومة متكاملة تهدف إلى توفير طرق بديلة ذات كفاءة عالية، تسهل الوصول إلى المسجد الحرام والمشاعر المقدسة دون عناء أو تأخير، ويمثل هذا الطريق ركيزة مهمة في التحكم بالتدفقات المرورية خلال موسم الحج، وتنظيم حركة الدخول والخروج من المشاعر، بما ينعكس إيجابًا على تجربة الحجاج ويقلل من الأوقات المستغرقة في التنقل.
وقد أشرفت على تنفيذ هذا الإنجاز الحضاري أمانة العاصمة المقدسة، عبر كوادر وطنية سعودية مؤهلة، أثبتت كفاءتها في تنفيذ المشاريع الكبرى وفق أعلى المعايير العالمية، وهو ما يعكس توجه الدولة نحو تمكين الكفاءات الوطنية وتعزيز قدراتها في ميادين البناء والتطوير.
إن طريق أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليس مجرد طريق جديد يضاف إلى شبكة النقل في مكة، بل هو رمز من رموز التنمية الحديثة التي تتجلى في مشاريع البنية التحتية العملاقة، والتي تهدف في المقام الأول إلى خدمة الإنسان وراحته، سواء كان من أبناء المدينة أو من الحجاج والمعتمرين القادمين من شتى بقاع الأرض.