إنجاز بيئي غير مسبوق: إزالة 719 ألف طن من المخلفات في المحميات الملكية

في خطوة نوعية تعكس الالتزام الراسخ بالحفاظ على البيئة وتنميتها، أعلنت هيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية عن إزالة أكثر من 719 ألف طن من الأنقاض والمخلفات المتنوعة حتى نهاية الربع الأول من عام 2025، في واحدة من أكبر حملات تنظيف البيئة الطبيعية على مستوى المحميات الملكية في المملكة.
وشملت المخلفات التي تم التعامل معها كميات ضخمة من بقايا مواد البناء، كالأنقاض الأسمنتية، إلى جانب إطارات السيارات، والمعادن، والأخشاب، والمواد الأسفلتية، ومجموعة أخرى من النفايات التي تراكمت بفعل النشاط البشري العشوائي.
إقرأ ايضاً:أحمد عطيف يثير الجدل: الشباب أولى من النصر بدعم صندوق الاستثماراتفاجعة بحرية في إندونيسيا: مصرع 7 سياح وإصابة العشرات إثر غرق قارب قبالة سواحل بنغكولو
ويعد هذا الإنجاز البيئي ثمرةً لخطة طموحة تبنتها الهيئة ضمن استراتيجيتها الرامية إلى استعادة النظم البيئية الطبيعية، وتعزيز التوازن البيئي داخل محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية ومحمية الملك خالد الملكية، التي تعد من أبرز المناطق الطبيعية الغنية بالتنوع النباتي والحيواني.
وقد أكد المهندس زياد بن عبدالعزيز التويجري، مدير عام المشاريع والتشغيل في الهيئة، أن المشروع يستهدف بالدرجة الأولى معالجة مصادر التلوث البيئي التي تعد من أخطر العوامل التي تهدد سلامة النظام البيئي، مشيرًا إلى أن الإزالة الشاملة للأنقاض ليست مجرد مهمة تنظيف سطحي، بل هي خطوة جوهرية في إطار استعادة العافية البيئية للمحميتين.
وأوضح التويجري أن عمليات إزالة النفايات أسهمت بشكل مباشر في تحسين جودة الهواء والتربة والمياه داخل نطاق المحميتين، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على صحة واستدامة الكائنات الفطرية والنباتات التي تعتمد على بيئة نقية ونظام بيئي متوازن للعيش والنمو، وأضاف أن الهيئة تواصل العمل ضمن خطة منهجية لمعالجة الأراضي المتدهورة، تشمل إجراءات دقيقة تبدأ بإزالة الملوثات ثم إعادة تأهيل المناطق المتضررة، باستخدام تقنيات صديقة للبيئة تضمن عدم الإضرار بالتربة أو الموارد الطبيعية.
ويمثل هذا المشروع نموذجًا عمليًا لتطبيق أهداف رؤية المملكة 2030 في جانب الاستدامة البيئية، التي تهدف إلى رفع مستوى جودة الحياة، وحماية الموارد الطبيعية، وضمان توازن النظم البيئية للأجيال القادمة، فبينما يتسارع النمو الحضري والاقتصادي في مختلف مناطق المملكة، تأتي هذه المبادرات البيئية لتؤكد أن التطور لا يعني التضحية بالبيئة، بل يشملها ضمن أولويات التنمية الذكية والمستدامة.
وتعمل هيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد من خلال هذه المشاريع على تحويل المحميات الملكية إلى مناطق نموذجية في الحماية البيئية والإدارة المستدامة للموارد، بما يعزز من حضورها كمؤسسات فاعلة في دعم الاستقرار البيئي، ويزيد من وعي المجتمع تجاه أهمية المحافظة على الطبيعة، كما تسهم هذه الجهود في دعم التنوع الأحيائي، الذي يعد أحد أهم أركان البيئة السليمة، من خلال تهيئة موائل آمنة للكائنات المهددة بالانقراض، ومساعدة الغطاء النباتي على التعافي في ظل ظروف بيئية أكثر ملاءمة.
اللافت في هذا المشروع هو حجم الإنجاز، حيث تتطلب إزالة أكثر من 700 ألف طن من المخلفات جهودًا ضخمة على مستوى التخطيط والتنفيذ والتنسيق بين الفرق الميدانية، ما يعكس مدى جدية الهيئة في التعامل مع هذه المهمة كأولوية بيئية من الدرجة الأولى، ولم تكتف الهيئة بإزالة النفايات فحسب، بل وضعت خطة متكاملة تضمن عدم عودة التلوث مرة أخرى، من خلال برامج توعوية، ورقابة دورية، وتعاون مستمر مع المجتمع المحلي.
هذا المشروع يشكل علامة فارقة في سجل العمل البيئي الوطني، ويجسد تحولًا ملموسًا في الطريقة التي تدار بها المحميات الطبيعية في المملكة، عبر منهج يقوم على الحماية الفعالة، والتنمية البيئية، والشراكة المجتمعية، إنه ليس فقط استجابة بيئية للمخاطر، بل هو استثمار حقيقي في مستقبل أكثر نقاءً وازدهارًا.