بعد 34 عامًا من الغياب: أسطورة ميلان يرفع علم فلسطين في احتفالات صعود بيزا للدوري الإيطالي

أسطورة ميلان يرفع علم فلسطين.
كتب بواسطة: صالح سدير | نشر في  twitter

في مشهد استثنائي تجاوز حدود الرياضة، خطف المدرب الإيطالي فيليبو إنزاغي الأضواء ليس فقط بصعوده التاريخي مع نادي بيزا إلى الدوري الإيطالي الممتاز بعد غياب دام 34 عامًا، بل أيضًا برفعه علم فلسطين خلال احتفالات الفريق بالتأهل، في لقطة أثارت اهتمامًا واسعًا وردود فعل متباينة على المستويين الرياضي والسياسي.

وإنزاغي، أسطورة نادي ميلان السابق، الذي يشغل حاليًا منصب المدير الفني لفريق بيزا، قاد ناديه إلى وصافة دوري الدرجة الثانية الإيطالي، ليضمن بذلك بطاقة التأهل إلى دوري الكالتشيو للموسم المقبل، رفقة نادي ساسولو، وهذا الإنجاز جاء تتويجًا لموسم حافل بالجهد والتخطيط، تميز فيه الفريق بأداء منضبط وهجومي، أعاد إلى المدينة الإيطالية الصغيرة حلمها الكروي بعد أكثر من ثلاثة عقود من الغياب عن الأضواء.
إقرأ ايضاً:لوائح جديدة للصحة المهنية والعقار والحرفيين عبر "استطلاع" بانتظار مرئياتكمصدمة في النصر: أوتافيو يفاجئ الإدارة بقرار حاسم ويكشف حقيقة "الارتباط" برونالدو

وخلال الاحتفالات التي أعقبت المباراة الختامية للدوري، والتي شهدت حضورًا جماهيريًا كثيفًا، ظهر فيليبو إنزاغي في مقطع مصور وهو يحمل علم فلسطين عاليًا، متجولًا به بين الجماهير واللاعبين، وسط هتافات الفرح والانتصار، ولم يكن العلم مرفوعًا بعشوائية أو جاء صدفة؛ بل بدا إنزاغي متمسكًا به ومعتزًا بإظهاره أمام الكاميرات، في رسالة أثارت تساؤلات حول خلفيات هذا التصرف ومغزاه في هذا التوقيت.

 واللقطة انتشرت كالنار في الهشيم على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أشاد الكثيرون بموقف إنزاغي، معتبرين إياه تعبيرًا إنسانيًا عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في ظل ما يعانيه من أزمات إنسانية متواصلة، فيما اعتبر آخرون أن إدخال الرموز السياسية في الأحداث الرياضية قد يفتح بابًا للتأويلات والانقسامات.

وداخل إيطاليا، لاقت اللقطة تفاعلًا إعلاميًا لافتًا، خاصة في الصحافة الرياضية التي ركزت على رمزية ما فعله إنزاغي، وناقشت الأبعاد الممكنة لتصرفه، في وقت تشهد فيه البلاد انقسامًا سياسيًا واضحًا بشأن قضايا الشرق الأوسط، كما تداولت العديد من وسائل الإعلام العربية والدولية الحدث، مشيرة إلى أن ما قام به إنزاغي يُعد موقفًا نادرًا بين الرياضيين الأوروبيين في مثل هذه المناسبات الاحتفالية.

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، انهالت التعليقات المشيدة بالمدرب الإيطالي، حيث وصفه البعض بأنه "بطل داخل الملعب وخارجه"، فيما كتب آخرون: "إنزاغي لا يكتفي بتسجيل الأهداف في الماضي، بل يسجل اليوم موقفًا إنسانيًا لا يُنسى".

ويُعد إنزاغي أحد أعمدة الكرة الإيطالية في العصر الذهبي، إذ لعب لعدد من الأندية أبرزها يوفنتوس وميلان، وحقق مع الأخير دوري أبطال أوروبا مرتين، بالإضافة إلى عدد من الألقاب المحلية، وعلى المستوى الدولي، مثّل إنزاغي منتخب إيطاليا وساهم في تتويجه بكأس العالم عام 2006، وبعد اعتزاله، اتجه للتدريب وحقق نجاحات متفاوتة، كان أبرزها صعود فرق مثل بينيفينتو وبيزا إلى الدرجة الأولى.

ويُعرف عن إنزاغي التزامه المهني وحرصه على بناء فرق تنافسية رغم محدودية الموارد، وهو ما تجلّى في قيادته لنادي بيزا الذي لا يُعد من الفرق ذات التاريخ الكبير في الكرة الإيطالية، لكنه تمكن من فرض نفسه هذا الموسم كمنافس شرس، وحقق نتائج لافتة قادته إلى مرافقة ساسولو في رحلة الصعود.

وتُعد عودة نادي بيزا إلى دوري الدرجة الأولى الإيطالي إنجازًا كبيرًا للمدينة التي غابت عن أجواء الكالتشيو منذ عام 1991، والفريق خاض موسما صعبًا ضمن الدرجة الثانية، وتمكن من التماسك في مراحله الأخيرة بفضل توجيهات إنزاغي وقيادة فنية محنكة أسهمت في تعزيز ثقة اللاعبين وتحقيق نتائج إيجابية في الجولات المصيرية.

ويترقب عشاق النادي الموسم المقبل بشغف، خاصة أن الإدارة الرياضية وعدت بتعزيز الفريق بعناصر جديدة تمكنه من المنافسة وعدم الاكتفاء بلعب دور الفريق الصاعد فقط، كما أشارت بعض التقارير إلى اهتمام عدد من المستثمرين بالدخول على خط دعم النادي ماليًا، ما يعزز من طموحات بيزا في البقاء ضمن نخبة الكالتشيو.

ورغم أن إنزاغي لم يصدر بيانًا رسميًا يوضح فيه دوافع رفعه لعلم فلسطين خلال الاحتفالات، إلا أن سياق اللقطة وما تحمله من رمزية جعل الكثيرين يربطونها بمواقف إنسانية تتعلق بالأوضاع الصعبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة مؤخرًا.

ومع أن قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الأوروبي (يويفا) تحظر استخدام الرموز السياسية خلال الأحداث الرياضية، فإن ما قام به إنزاغي لم يكن داخل أرض الملعب أو أثناء المباراة، بل جاء ضمن احتفال شخصي، ما يجعل من الصعب تصنيفه كخرق مباشر للقوانين الرياضية، وحادثة رفع علم فلسطين في يد مدرب أوروبي خلال احتفال كروي تحمل في طياتها رسائل متعددة، تعكس تقاطع الرياضة مع القضايا الإنسانية، وتُظهر كيف يمكن للأحداث الرياضية أن تكون منصة لتسليط الضوء على قضايا تتجاوز حدود الملاعب.

وتصرف فيليبو إنزاغي، سواء فُسّر كموقف شخصي أو كرسالة تضامن، يعكس جانبًا إنسانيًا مهمًا في شخصية أحد أبرز نجوم كرة القدم الإيطالية، ويؤكد في الوقت ذاته أن الرياضة ليست بمعزل عن العالم، بل هي في قلب نبضه، وأحيانًا، في قلب معاركه.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook