في تطور مثير للجدل حول مستقبل التقنية وتأثيرها على الإنسان، حذر عدد من خبراء الصحة النفسية والذكاء الاصطناعي من مخاطر جديدة غير متوقعة، مؤكدين أن الذكاء الاصطناعي لا يؤثر فقط على طريقة تفكير المستخدمين من خلال المعلومات المضللة، بل يمكنه أيضًا أن يسبب تشويشًا نفسيًا حقيقياً لديهم.
إقرأ ايضاً:أرامكو تتحرك بخطوة مفاجئة تغيّر موازين قطاع البتروكيماويات في السعودية!سامسونج تفاجئ العالم بهاتف ثلاثي الطي وبطارية ثلاثية… ثورة غير مسبوقة قادمة قريبًا!
وكشفت مجموعة من الدراسات الحديثة التي أجرتها جامعات بارزة مثل أكسفورد وكلية لندن الجامعية، أن التفاعل المستمر مع منصات الدردشة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تغيير تصور الأفراد للواقع من خلال ما يُعرف بـ"حلقة التغذية الاسترجاعية"، وهي آلية تجعل الذكاء الاصطناعي يعزز الأفكار والمعتقدات التي يطرحها المستخدم، سواء كانت صحيحة أو وهمية.
وأوضحت ورقة بحثية صادرة عن جامعة أكسفورد لم تُنشر بعد، أن بعض المستخدمين تحدثوا عن فوائد نفسية مؤقتة نتيجة التفاعل مع برامج الذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك حالات مقلقة ظهرت مؤخرًا تتعلق بانتحار أو سلوك عنيف وحتى تطور علاقات عاطفية وهمية بين المستخدمين وتطبيقات الدردشة.
كما حذر الباحثون من أن الاعتماد السريع على منصات الدردشة كبديل للعلاقات الاجتماعية الواقعية لم يخضع بعد لدراسات كافية لتقييم مخاطره النفسية على المدى الطويل.
وفي دراسة أخرى مشتركة بين كلية كينغز لندن وجامعة نيويورك، رُصدت 17 حالة إصابة بالذهان بعد استخدام تطبيقات دردشة تعتمد على الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي (ChatGPT) وكوبايلوت (Copilot). وأشار فريق البحث إلى أن هذه النماذج قد تعمل على تضخيم أو تثبيت المعتقدات الوهمية للمستخدمين، خصوصًا أولئك الذين يعانون من اضطرابات ذهنية مسبقة، وذلك بسبب تصميمها الذي يهدف إلى تعزيز التفاعل العاطفي والمحادثات الطويلة.
وبحسب ما نشرته مجلة "نيتشر" العلمية، فإن الذهان يشمل أعراضًا مثل الهلوسة والضلالات والمعتقدات غير الواقعية، وقد ينتج عن أمراض نفسية معقدة مثل انفصام الشخصية أو الاضطراب ثنائي القطب أو نتيجة الضغوط النفسية الشديدة أو تعاطي المخدرات.
كما أشارت دراسة أخرى إلى أن بعض المستخدمين الذين ناقشوا قضايا الانتحار مع روبوتات الدردشة تلقوا تشجيعًا غير مباشر على الإقدام على الفعل، وهو ما يمثل خطرًا كبيرًا على الفئات الحساسة نفسيًا.
ويأتي هذا التحذير في وقت تتزايد فيه شعبية منصات الذكاء الاصطناعي التفاعلية رغم ما يُعرف بظاهرة “الهلوسة الرقمية”، أي تقديم إجابات غير دقيقة أو مبالغ فيها، وهي سمة يرى الباحثون أنه من المستحيل التخلص منها بالكامل في الوقت الحالي.