بشرطين أساسيين.. كيف يمكن "للإبلاغ" عن جريمة مخدرات أن يعفيك من السجن؟.. "النيابة" تشرح

النيابة العامة بالمملكة العربية السعودية.
كتب بواسطة: ليلى سعد | نشر في  twitter

أكدت النيابة العامة في المملكة العربية السعودية أن الإبلاغ عن جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية قد يُعفي مرتكب الجريمة من العقوبة، إذا ما تم ذلك وفقًا للضوابط النظامية المحددة، في خطوة تهدف إلى تعزيز وعي المجتمع وتحفيز الأفراد على المساهمة في الحد من انتشار هذه الجرائم التي تمثل تهديدًا مباشرًا لأمن المجتمع وسلامته.

وأوضحت النيابة عبر بيان رسمي نشرته على حسابها في منصة "إكس" أن المادة الثالثة من نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية تتضمن نصًا صريحًا ينص على إمكانية إعفاء الجاني من العقوبة في حالتين محددتين، شريطة الالتزام الكامل بشروط الإبلاغ، وتوفر الأثر الإيجابي للإجراء.


إقرأ ايضاً:تمويل للمشاريع القائمة.. "مسار" تنفذ صفقتي بيع في وجهتها التطويريةفرصة ذهبية للسعوديين.. التعليم تفتح باب الابتعاث لدراسة الطب في البحرين بشروط محددة

وتشير المادة إلى أن الحالة الأولى التي يُعفى فيها الجاني من العقوبة تتمثل في أن يبادر بالإبلاغ عن الجريمة قبل علم السلطات المختصة بها، مما يدل على نية التوبة والتعاون مع الجهات الأمنية، وهو ما يُعد عنصرًا مخففًا يُراعيه النظام ضمن أحكامه.

أما الحالة الثانية، فتتعلق بالمبادرة بالإبلاغ بعد علم السلطات المختصة بوقوع الجريمة، ولكن بشرط أن يسهم ذلك الإبلاغ في ضبط باقي الجناة أو كشف تفاصيل كانت مجهولة، ويُشترط أن يكون ذلك ممكنًا ومجدٍ من الناحية الأمنية، مما يضيف بُعدًا عمليًا لهذا الإعفاء القانوني.

وتأتي هذه الرسالة ضمن سلسلة الحملات التوعوية التي تطلقها النيابة العامة بشكل مستمر، في إطار جهودها للحد من انتشار جرائم المخدرات داخل المملكة، والتأكيد على أن النظام لا يهدف فقط إلى العقاب، بل يسعى كذلك إلى الإصلاح وفتح باب التوبة لمن يبادر بالتعاون مع السلطات قبل تفاقم الجريمة.

وتُعد المخدرات من أخطر الآفات التي تستهدف المجتمع، لاسيما فئة الشباب، لما تسببه من أضرار جسيمة على المستوى الصحي والنفسي والاجتماعي، فضلاً عن ارتباطها الوثيق بارتفاع معدلات الجريمة، مما يجعل مكافحتها أولوية قصوى لدى الجهات المعنية في الدولة.

ويحظى نظام مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في السعودية بصرامة واضحة، حيث يشمل عقوبات رادعة تصل إلى الإعدام في بعض الحالات، لكنه في الوقت نفسه يتضمن موادًا تدعو إلى إعادة تأهيل المدمنين وتشجع على التوبة والإبلاغ، مما يعكس التوازن بين الحزم والرحمة في التشريع.

وتؤكد النيابة العامة أن من يُبادر بالإبلاغ بموجب المادة الثالثة لا يُعد شريكًا في الجريمة من الناحية العقابية، طالما أن بلاغه كان سابقًا لضبطه أو ساهم في كشف الجناة، مشددة على أن النظام يشجع على التعاون ويُقدر المبادرات الصادقة التي تهدف إلى تصحيح المسار.

وتولي السلطات أهمية كبرى لجمع المعلومات الاستخباراتية والبلاغات الطوعية، كونها تسهم بشكل مباشر في تفكيك الشبكات الإجرامية وقطع طرق التهريب، خاصة أن الجرائم المرتبطة بالمخدرات أصبحت أكثر تعقيدًا من حيث الوسائل والتمويه.

ويُعد هذا التوضيح الصادر عن النيابة رسالة مزدوجة، فهي من جهة تحذر من خطورة ارتكاب هذه الجرائم، ومن جهة أخرى تمنح فرصة قانونية للعودة إلى الطريق الصحيح، وهو ما يفتح الباب أمام من تورط في فعل محظور ويرغب في التراجع عنه قبل فوات الأوان.

ويشهد المجتمع السعودي جهودًا حثيثة في مكافحة المخدرات، تقودها الجهات الأمنية بالتعاون مع النيابة العامة، من خلال حملات أمنية واسعة، وبرامج توعية مستمرة، ومتابعة دقيقة لحركة التهريب، سواء عبر المنافذ الحدودية أو الشبكات الإلكترونية.

وقد أسهمت هذه الحملات في ضبط كميات ضخمة من المواد المخدرة خلال السنوات الأخيرة، وشهدت مشاركة فعالة من المواطنين في الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة، وهو ما تؤكد النيابة أنه كان له الأثر الكبير في توجيه الضربات الاستباقية لهذه الشبكات.

وبحسب مختصين قانونيين، فإن المادة الثالثة من النظام تفتح نافذة قانونية لمن تورط بدافع الجهل أو التهديد أو الضعف، حيث تمنحه فرصة للتراجع دون أن يظل رهينة الخوف أو التستر، طالما أن البلاغ يتم وفقًا للشروط القانونية المعتمدة.

كما تعكس هذه المادة جانبًا من الفهم القانوني العميق لمتغيرات الواقع، حيث إن كثيرًا من الجرائم تتطلب مساهمة من داخل الشبكة لكشفها، وهو ما يوفره هذا النص من خلال تشجيع الجناة على تقديم المعلومات التي قد لا تصل إليها السلطات بوسائل تقليدية.

ويُذكر أن وزارة الداخلية والنيابة العامة وغيرهما من الجهات المعنية تقوم بشكل دوري بنشر مواد توعوية عن النظام، عبر منصاتها الرسمية، وتُحفز الأفراد على المساهمة في مكافحة هذه الظاهرة، مع التأكيد الدائم على سرية البلاغات وحماية المبلغين.

وفي الوقت الذي تتصاعد فيه التحديات المرتبطة بالمخدرات عالميًا، تواصل السعودية تعزيز أطرها القانونية والتنظيمية لحماية المجتمع، وتؤكد أن المكافحة لا تقتصر على العقاب بل تشمل التوعية والعلاج والاحتواء، ضمن منظومة متكاملة تتماشى مع المبادئ الشرعية والإنسانية.

وتعكس جهود النيابة العامة رؤية وطنية شاملة تهدف إلى القضاء على المخدرات من جذورها، وتوفير بيئة قانونية عادلة تضمن الأمن وتحتضن التوبة، وتشجع على التعاون بين المجتمع والسلطات، بما يحقق المصلحة العامة ويصون كيان المجتمع من التفكك والانحراف.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook