على ارتفاع آلاف الأقدام .. تفاصيل الرحلة التي انتهت بفاجعة على متن الخطوط السعودية

تفاصيل الرحلة التي انتهت بفاجعة على متن الخطوط السعودية.
كتب بواسطة: حاتم بن فهد | نشر في  twitter

في حادثة مؤثرة هزت قلوب زملائه وكل من عرفه، أعلنت الخطوط الجوية السعودية عن وفاة مدير المقصورة محسن بن سعيد الزهراني، الذي وافته المنية أثناء أداء عمله على متن الرحلة رقم SV119 المتجهة من جدة إلى لندن، بعد أن تعرض لعارض صحي مفاجئ لم يمهله طويلًا، لتتوقف نبضات قلبه على ارتفاع شاهق، وسط أجواء عمله المعتادة، وبين زملائه والركاب.

وكان الفقيد يؤدي مهامه في أجواء مهنية اعتيادية، قبل أن يشعر بتدهور مفاجئ في حالته الصحية، مما دفع طاقم الطائرة إلى تقديم الإسعافات الأولية له في محاولة لإنقاذه، إلا أن حالته الحرجة حالت دون ذلك، واضطر قائد الطائرة إلى تغيير مسار الرحلة بشكل طارئ، والتوجه إلى مطار القاهرة الدولي، بهدف إنزال الجثمان واتخاذ الإجراءات اللازمة.


إقرأ ايضاً:في عملية أمنية خاطفة.. شرطة الرياض تطيح بـ 3 مواطنين.. وتكشف عن جريمتهم"بشرائح ذكية.. التجارة السعودية تراقب 767 مركبة لحظة بلحظة وتكشف خطة ضخمة لتقليص الهدر فما هي؟!

وأوضحت الخطوط السعودية في بيان رسمي أن الزهراني كان أحد أبرز الكفاءات العاملة في الخدمة الجوية، واشتهر بروحه المهنية العالية، والتزامه الكبير، وسيرته العطرة، حيث كان نموذجًا يحتذى به بين زملائه، وترك بصمة واضحة في مسيرته العملية الطويلة.

وأضاف البيان أن الفقيد حاز خلال سنوات خدمته على جوائز عدة، تقديرًا لانضباطه وحرصه على تقديم أفضل مستويات الخدمة للمسافرين، كما كان يحظى باحترام واسع داخل أوساط الشركة، ويُعرف عنه تفانيه في أداء مهامه، وابتسامته الدائمة التي ترافقه في كل رحلاته.

وشهدت الرحلة التي تحولت إلى لحظة وداع صامتة، حالة من التماسك والاحترافية من قبل طاقم الطائرة، حيث تعاملوا مع الحادثة بقدر عالٍ من المهنية، مع الحرص على عدم إثارة القلق بين الركاب، ومواصلة الرحلة لاحقًا نحو وجهتها في لندن بعد استكمال الإجراءات في القاهرة.

وفي القاهرة، تم التنسيق السريع مع سفارة المملكة العربية السعودية، التي قامت بدورها باتخاذ كافة الترتيبات الرسمية لتسليم الجثمان واستكمال الإجراءات، في مشهد يعكس التعاون الرسمي والإنساني في مثل هذه الظروف المؤلمة، ويؤكد الدور الحيوي للبعثات الدبلوماسية في الخارج.

ولم يكن الزهراني مجرد موظف، بل كان رمزًا للالتزام والإنسانية في سماء الطيران، إذ شهد له كل من عمل معه بسعة صدره، وحبه للعمل، وقدرته على التعامل مع المواقف الصعبة بأعلى درجات الحكمة والهدوء، مما جعله من الأسماء البارزة في القطاع الجوي الوطني.

وتلقت أسرته النبأ المؤلم بحزن بالغ، بينما عبّر زملاؤه في الخطوط السعودية عن مشاعر الأسى لفقدان أحد أعمدة الطاقم الجوي، حيث تداول عدد منهم رسائل رثاء على منصات التواصل الاجتماعي، تفيض حزنًا وامتنانًا لمسيرته، وتستعيد مواقفه الطيبة وأخلاقه الحميدة.

وقدّمت الشركة تعازيها الصادقة لأسرة الفقيد، مؤكدة في بيانها أنها ستواصل دعمها الكامل لهم في هذا الظرف الإنساني، كما عبّرت عن امتنانها لتفهم الضيوف الكرام على متن الرحلة، وتعاونهم الكبير مع طاقم الطائرة، في موقف عكس وعيًا مجتمعيًا وتضامنًا إنسانيًا نادرًا.

وتعيد هذه الحادثة إلى الواجهة الجهود الكبيرة التي يبذلها العاملون في قطاع الطيران، خاصة طواقم المقصورات، الذين يؤدون عملهم في ظروف دقيقة ومهام متعددة، مما يتطلب منهم اليقظة، والانضباط، والقدرة على التصرف في كافة السيناريوهات المحتملة، بما فيها الطارئة منها.

كما تعكس الواقعة طبيعة المهنة الجوية التي تتجاوز أحيانًا الحدود الوظيفية، لتكون رسالة إنسانية في المقام الأول، فالعامل في الطائرة لا يؤدي مجرد وظيفة، بل يرافق المسافرين في رحلاتهم، يطمئنهم، ويوجههم، ويضمن راحتهم وسلامتهم في كل لحظة تحليق.

وكان الزهراني مثالًا لهذا المفهوم الإنساني الراقي، حيث خدم آلاف المسافرين بابتسامة صادقة، وحرص على أن تبقى السماء مكانًا آمنًا ومريحًا لكل من اختار الطيران وسيلةً للتنقل، وقد شاء القدر أن يكون رحيله الأخير وهو على متن طائرة، في إشارة بالغة الدلالة على مدى ارتباطه بعمله حتى اللحظات الأخيرة.

ويستحضر زملاؤه محطات كثيرة جمعتهم به، وأحاديث جانبية في استراحات المطارات، وضحكات خفيفة قبل الإقلاع، ونصائح مهنية لم يكن يبخل بها على الجدد، وكلها تحوّلت اليوم إلى ذكريات مؤثرة، تُجسد مكانة الراحل في قلوب من عرفوه.

ومن المؤكد أن اسمه سيبقى حاضرًا في أروقة الخطوط السعودية، كأحد الأسماء التي أعطت المهنة من القلب، وأثبتت أن العمل بروح المسؤولية والصدق، يترك إرثًا يفوق حدود الزمن، ويدوم في وجدان الزملاء والركاب على حد سواء.

ومع انقضاء الحادثة، يستمر الحديث بين الطواقم الجوية حول أهمية العناية الصحية المستمرة للعاملين في الأجواء، وضرورة تهيئة بيئة مهنية داعمة توازن بين الجهد والراحة، خصوصًا في الرحلات الطويلة، في خطوة نحو تعزيز جودة الحياة الوظيفية في القطاع.

وقد شكّلت وفاة الزهراني لحظة صمت حزينة في سماء الطيران السعودي، لكنها في الوقت نفسه، كانت شاهدة على حياة مهنية نزيهة وملتزمة، اختتمت في مشهد إنساني مؤثر، يؤكد أن المخلصين يرحلون بصمت، لكنهم يخلدون في ذاكرة الأصدقاء والمحبين.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook