"المسند يكشف السر"... لماذا صيف محافظة الوجه أقل حرارة؟

كشف خبير المناخ ونائب رئيس جمعية الطقس والمناخ الدكتور عبدالله المسند، عن سرّ الاعتدال اللافت في درجات الحرارة خلال الصيف في محافظة الوجه والمدن الساحلية الواقعة شمال غرب المملكة، رغم اشتداد الحرارة في مناطق أخرى.
وأوضح المسند عبر حسابه الرسمي في منصة "إكس"، أن الوجه وضبا والمويلح وشرما والخريبة وقيال، ومعظم المناطق الساحلية في الشمال الغربي، تشهد درجات حرارة صيفية أقل حدة، بسبب تأثير نسيم البحر الرطب القادم من الغرب والشمال الغربي.
إقرأ ايضاً:هبوط أسعار الذهب.. فرصة أم مخاطرة والمحللون في حالة ترقب!"سالم الدوسري" يتربع على عرش مونديال الأندية لهذا العام!
وأشار إلى أن هذه الرياح البحرية تؤدي دورًا طبيعيًا في تلطيف الأجواء خلال ساعات النهار، إذ تهب من البحر الأحمر إلى اليابسة، ما يساهم في خفض درجات الحرارة، مقارنةً بالمناطق الصحراوية أو الساحلية جنوبًا.
وبيّن أن المسطحات المائية عادةً ما تكون أبرد من اليابسة في ساعات النهار، ما يتسبب في انتقال الرياح من البحر باتجاه البر، وهو ما يخلق حالة من التوازن الحراري تُسهم في تلطيف الجو في تلك المدن.
وأضاف أن متوسط درجات الحرارة في تلك المدن لا يتجاوز في عز الصيف عادة 37 درجة مئوية، مشيرًا إلى أن ارتفاعها إلى حدود 47 مئوية لا يحدث إلا في حالات نادرة كالموجات الحارة المفاجئة.
رغم هذا الاعتدال، نبّه المسند إلى نقطة مهمة تتعلق بالإحساس الحقيقي بالحرارة، موضحًا أن انخفاض الحرارة لا يعني بالضرورة راحة أكبر للإنسان، لأن الرطوبة الجوية تلعب دورًا رئيسيًا في تحديد الشعور بدرجات الحرارة.
وأوضح أن الرطوبة العالية تؤثر على كفاءة عملية التبريد الذاتي لدى الإنسان، لأن التعرق – الآلية الطبيعية لتبريد الجسم – لا يتبخر بسهولة، مما يؤدي إلى احتباس الحرارة داخل الجسم وارتفاع الإحساس بها.
ولفت إلى أن درجة الحرارة المقاسة ليست المعيار الوحيد، بل هناك ما يُعرف بـ"الحرارة الظاهرية" أو "الحرارة الحقيقية"، وهي التي تأخذ بعين الاعتبار نسبة الرطوبة وتأثيرها على الجسم.
وضرب مثالًا عمليًا لذلك قائلاً، قد يشعر الإنسان براحة أكبر في أجواء الرياض الحارة والجافة، حتى إن بلغت الحرارة 42 مئوية، مقارنةً بالوجه حيث قد تكون الحرارة 32 مئوية فقط، ولكن مصحوبة برطوبة مرتفعة تعيق التعرّق.
وأضاف أن هذا الفارق بين الحرارة الظاهرية والمقاسة يوضح سبب الإحساس العالي بالحرارة في المدن الساحلية، رغم أن درجات الحرارة فيها أقل بكثير من مثيلاتها في المناطق الصحراوية.
وشدد على أهمية عدم النظر إلى درجات الحرارة في المدن الساحلية بشكل مجرد، دون مراعاة عامل الرطوبة، لأن ذلك قد يعطي انطباعًا خاطئًا عن طبيعة الأجواء ومدى ملاءمتها للراحة.
وبيّن أن مقارنة الوجه بمدن المصايف الجبلية مثل أبها والباحة والطائف، ليست دقيقة، فبينما تتقارب درجات الحرارة نهارًا، إلا أن فارق الرطوبة والارتفاع يجعل أجواء الجبال أكثر راحة.
وأكد أن الأجواء في الوجه والمناطق الساحلية قد تتغير جذريًا عندما تهب الرياح من الداخل الصحراوي، إذ تقل الرطوبة ويرتفع مستوى الحرارة بشكل ملحوظ، ما يغير الإحساس العام بالطقس.
وأوضح أنه في هذه الحالة قد تسجل درجات الحرارة في الوجه نحو 47 درجة مئوية نهارًا، بينما يكون الإحساس بالحرارة مختلفًا تمامًا، وقد يميل إلى الجفاف مع زوال الرطوبة المعتادة.
كما أشار إلى أن الحرارة ليلًا في المناطق الجبلية أو الصحراوية تكون أقل منها في المناطق الساحلية، لأن البحر يعمل كخزان حراري يحتفظ بالحرارة ويعيد إشعاعها ليلاً.
وبيّن أن البحر الأحمر يؤثر على درجات الحرارة في السواحل القريبة، بحيث لا تنخفض كما هو الحال في الداخل، ما يجعل الأجواء الليلية في الوجه أكثر دفئًا من مثيلاتها في المناطق المرتفعة.
وختم المسند حديثه بالتأكيد على أن هذه الظواهر المناخية يجب فهمها بشكل علمي، مشددًا على أن الاعتدال النسبي في درجات الحرارة لا يعكس بالضرورة راحة مناخية كاملة، فالرطوبة قد تكون العامل الفاصل.