"تلاعب واحتيال وتضليل".. "هيئة السوق" تدين 10 مستثمرين وتمنعهم من التداول لسنوات

أصدرت هيئة السوق المالية قرارًا قطعيًا يدين عشرة مستثمرين في السوق المالية السعودية بمخالفات خطيرة تتعلق بسلوكيات السوق والتلاعب في أسعار الأوراق المالية، حيث أقرّت لجنة الاستئناف في منازعات الأوراق المالية مخالفتهم لأحكام نظام السوق المالية، وفرضت عليهم غرامات مالية ومنعتهم من التداول لفترات تصل إلى ثلاث سنوات.
ويأتي هذا القرار بعد تحقيقات دقيقة واستنادًا إلى دعوى جزائية عامة أقامتها النيابة العامة ضد المستثمرين، عقب إحالة ملف القضية من هيئة السوق المالية، لتثبت اللجنة بالأدلة ارتكابهم ممارسات مخالفة أثناء تداولهم على سهم شركة دار الأركان للتطوير العقاري خلال فترة امتدت لأكثر من عام بين فبراير 2019 ومايو 2020.
إقرأ ايضاً:تصريح التوصيل المنزلي.. خطوة حاسمة لإنهاء الفوضى وحماية المستهلك في السعوديةالمركز الوطني للأرصاد يحذر من موجة حارة وعواصف ترابية تجتاح المملكة
ووفقًا للبيانات الرسمية، فقد تركزت المخالفات على قيام المتهمين بإدخال أوامر شراء وبيع بأساليب تهدف إلى التأثير المصطنع في سعر السهم، كما قاموا بإدخال أوامر شراء في توقيتات حساسة بقصد رفع سعر مزاد الإغلاق، وهو ما اعتبرته الهيئة ممارسات تنطوي على تلاعب واحتيال وتضليل للمستثمرين في السوق.
وتضم قائمة المدانين كلًا من إبراهيم بن عبدالله الجنيدلي، وأحمد بن علي اليحي، وإسماعيل بن صالح الهذلول، وخالد بن عبدالله الشلاش، ودهام بن محمد الدهام، وعبدالرحمن بن عبدالله العريني، وعبدالملك بن عبدالعزيز السكيت، وعلي بن صالح العثيم، وماجد بن رومي الرومي، وسليمان بن محمد العثيم، ممن ثبتت إدانتهم بإجراء تداولات مخالفة باستخدام محافظهم الشخصية أو محافظ يديرونها.
وأشارت اللجنة إلى أن التصرفات التي تم توثيقها خلال التحقيقات أسفرت عن خلق انطباع خاطئ ومضلل لدى المستثمرين الآخرين حول القيمة العادلة لسهم الشركة، ما يُعد إخلالًا خطيرًا بمبادئ الشفافية والنزاهة التي تقوم عليها السوق المالية.
وبناءً على ما توصلت إليه اللجنة، أُلزم المدانون بدفع مبلغ إجمالي قدره 64.2 مليون ريال، نظير الأرباح غير المشروعة التي جنتها محافظهم الاستثمارية نتيجة لهذه الممارسات، وهو ما يمثل جزءًا من محصلة هذه التداولات التي سببت ضررًا مباشرًا على توازن السوق.
ولم تقتصر الغرامات المالية على المتهمين العشرة فقط، بل شملت مستثمرين آخرين استفادوا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من التداولات المخالفة، حيث ألزمتهم اللجنة بدفع ما مجموعه 31.9 مليون ريال إلى حساب هيئة السوق المالية كتعويض عن المكاسب غير النظامية التي حققوها بفعل الاستفادة من تلك الأنشطة المخالفة.
وقضت اللجنة كذلك بتغريم المدانين مجتمعين مبلغًا قدره 860 ألف ريال، مع فرض حظر عليهم من التداول بالشراء في السوق المالية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، لفترات تتراوح من سنتين إلى ثلاث سنوات، وذلك كإجراء وقائي للحد من تكرار هذه المخالفات مستقبلاً.
وتمثل هذه القضية واحدة من أكبر قضايا التلاعب في السوق السعودية خلال السنوات الأخيرة، وتعكس النهج الصارم الذي تتبناه الهيئة في ملاحقة أي ممارسات تخل بسلامة التعاملات المالية، سواء عبر المضاربات الوهمية أو التأثير المصطنع في أسعار الأسهم.
وشددت هيئة السوق المالية في بيانها على أن هذا القرار يأتي نتيجة التنسيق الفعال مع النيابة العامة والجهات المعنية، حيث تم توظيف جميع الأدوات الرقابية والقانونية المتاحة، ما ساعد في كشف التجاوزات وتوثيقها بطريقة تضمن الوصول إلى أحكام عادلة وقطعية.
وأكدت الهيئة التزامها الكامل بحماية السوق والمستثمرين من أي تصرفات احتيالية أو محاولات تلاعب، مشيرة إلى أن مثل هذه القضايا تُعد نموذجًا لما يمكن أن تتعرض له الأسواق في حال غياب الرقابة الصارمة وتطبيق الأنظمة بفعالية وشفافية.
وتعكس هذه القرارات القضائية الجهود المستمرة لهيئة السوق المالية لتعزيز الثقة في البيئة الاستثمارية المحلية، وضمان عدالة السوق عبر منع محاولات الكسب السريع غير المشروع على حساب صغار المستثمرين أو النظام الاقتصادي ككل.
ويأتي هذا التحرك في إطار سعي الهيئة لتحقيق أعلى درجات الانضباط في الأسواق المالية، بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030، التي تركز على تطوير الأسواق المالية وجذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية في بيئة قانونية موثوقة وشفافة.
ويرى مراقبون أن هذه القضية سترسل رسالة واضحة لكل من يحاول استغلال ثغرات النظام أو ممارسة أي نوع من التلاعب، بأن الأجهزة الرقابية على درجة عالية من الجاهزية وأن القانون سيُطبَّق على الجميع دون استثناء أو تهاون.
كما تُعد هذه الخطوة حافزًا إضافيًا للمستثمرين الملتزمين، الذين يطمحون إلى العمل في سوق مالية تحترم القواعد وتحمي الحقوق، بعيدًا عن الممارسات التي تشوه صورة السوق وتؤثر سلبًا على أدائها وسمعتها.
وتواصل هيئة السوق المالية مراقبة جميع التعاملات اليومية في السوق من خلال أنظمتها التقنية المتقدمة، وتقوم برصد أي نشاطات مشبوهة أو أنماط تداول غير اعتيادية، مع التأكيد على أن أية مخالفة يتم ضبطها تُحال فورًا إلى الجهات القضائية المختصة لاتخاذ اللازم.