بأكثر من 1000 فيديو.. خطوة سعودية فريدة تعيد صياغة التعليم التحكيمي في كرة القدم

الاتحاد السعودي لكرة القدم.
كتب بواسطة: فائزة بشير | نشر في  twitter

في خطوة غير مسبوقة على مستوى الاتحادات المحلية، أطلق الاتحاد السعودي لكرة القدم منصة الحكام التعليمية الرقمية، والتي تُعد إحدى أكثر المبادرات تطورًا في مجال تطوير الأداء التحكيمي وتعزيز الثقافة الرياضية، من خلال إتاحة محتوى تعليمي مكوّن من أكثر من 1000 فيديو تحكيمي تم انتقاؤه من مباريات رسمية وتحليله بدقة فنية عالية.

وتُعتبر المنصة الجديدة مرجعًا رقميًا متكاملًا يستهدف الارتقاء بمستوى حكام كرة القدم في المملكة وخارجها، عبر توفير مكتبة تعليمية متاحة للاستخدام من أي مكان وفي أي وقت، حيث يستطيع الحكام من مختلف الدرجات مراجعة الحالات التحكيمية والتفاعل مع السيناريوهات الحقيقية بشكل تفاعلي وشامل.


إقرأ ايضاً:انطلاقة جديدة نحو الرقمنة: المجموعة 23 تدخل عصر الفوترة الإلكترونية المتكاملة في مارس 2026تصريح التوصيل المنزلي.. خطوة حاسمة لإنهاء الفوضى وحماية المستهلك في السعودية

وقد تم تطوير المنصة من خلال تعاون مباشر بين إدارة الحكام في الاتحاد السعودي وإدارة تقنية المعلومات، ضمن إطار أوسع من التحول الرقمي يشهده الاتحاد عبر نظام MySAFF، الذي يضم عدة منصات إلكترونية تهدف لتطوير العمليات الإدارية والفنية داخل المؤسسة الرياضية.

ويأتي إطلاق هذه المنصة ضمن استراتيجية وطنية متكاملة تسعى لتأهيل الكوادر التحكيمية السعودية وفق أعلى المعايير الدولية، إذ توفر المنصة للحكام إمكانية دراسة الحالات المصنفة تحت ستة أقسام رئيسية، تشمل التنافس، منطقة الجزاء، الأخطاء التكتيكية، لمسات اليد، إدارة المباريات، والحكام المساعدين، وهو ما يمنح المستخدم تجربة تعليمية منظمة ومتكاملة.

وتتميز المنصة بإتاحة الفيديوهات التعليمية بشكل تحليلي، حيث يُمكن للمستخدمين مشاهدة اللقطات المرتبطة بحالات تحكيمية محددة، ومراجعة التحليل الفني المقدم من قِبل مجموعة من المحاضرين المعتمدين من الاتحاد، ما يسهم في تعزيز فهم الحكام للسياقات المتعددة التي قد يواجهونها خلال المباريات.

ووفق ما أعلنه الاتحاد، فإن المحتوى يتم تحديثه باستمرار، تماشيًا مع التغيرات في قوانين اللعبة، ومع الحالات المستجدة التي تظهر في البطولات المحلية والعالمية، وهو ما يعكس التزام الاتحاد بالتطوير المستدام والعمل على توفير مصادر تعليمية تتماشى مع الواقع المتجدد للميدان التحكيمي.

ولا تقتصر فوائد المنصة على الحكام وحدهم، بل إنها مفتوحة أمام الجمهور المهتم، من مدربين ولاعبين ومشجعين وحتى إعلاميين، ما يوسع من قاعدة الوعي التحكيمي ويُسهم في خلق بيئة رياضية أكثر فهمًا وتقديرًا للقرارات التحكيمية، ويقلل من حدة الانتقادات المبنية على سوء الفهم أو نقص المعرفة.

وتُمثل هذه المنصة انعكاسًا واضحًا للنهج التطويري الذي يتبناه الاتحاد السعودي، خاصة بعد أن تصاعدت وتيرة الاعتماد على الوسائل الرقمية في مختلف مجالات العمل الرياضي، حيث باتت التقنية ركيزة أساسية في إعداد وتأهيل الكوادر البشرية، وتقديم خدمات تتماشى مع المعايير العالمية.

ويرى مختصون في الشأن الرياضي أن هذه الخطوة ستُحدث نقلة نوعية في واقع التحكيم السعودي، خصوصًا وأن المنصة تتيح للحكام فرصة التعلم الذاتي والمتابعة المستمرة لأحدث المستجدات، بما يرفع من جاهزيتهم الميدانية ويمنحهم أدوات عملية لتحسين أدائهم داخل الملعب.

ويعد إطلاق هذه المنصة امتدادًا لسلسلة من المشاريع الرقمية التي أطلقها الاتحاد مؤخرًا، في مسعى لتعزيز الشفافية ورفع كفاءة العناصر الفنية والإدارية، حيث تأتي هذه الخطوة بعد نجاحات حققتها منصات مشابهة في تسجيل اللاعبين والمدربين وإدارة البطولات إلكترونيًا.

كما أن هذه المبادرة تعزز من فرص التعاون الدولي في المجال التحكيمي، حيث يُمكن للمحاضرين والخبراء من خارج المملكة الاستفادة من المنصة والمشاركة في تحليل الحالات أو تقديم تقييمات، ما يجعلها مركزًا مرجعيًا مفتوحًا للعالم العربي والمهتمين بمجال التحكيم عالميًا.

ويُتوقع أن تكون هذه المنصة أداة مركزية في تطوير أداء الحكام الذين يشاركون في البطولات المحلية مثل دوري روشن وكأس الملك، وكذلك في مشاركات الحكام السعوديين على الساحة الدولية، حيث يُمكن استخدامها في التحضير للمباريات والاختبارات النظرية والعملية التي يجريها الاتحاد الدولي لكرة القدم.

ويرى مراقبون أن المنصة قد تُسهم أيضًا في خفض نسبة الأخطاء التحكيمية في المباريات السعودية، عبر تمكين الحكام من مراجعة أخطائهم السابقة والاطلاع على توصيات فنية دقيقة، وهو ما يعزز من جودة التحكيم ويمنح المباريات مصداقية أعلى لدى الجماهير.

وتُعتبر هذه الخطوة جزءًا من التحولات الكبرى التي تشهدها الرياضة السعودية، والتي أصبحت اليوم تحظى باهتمام عالمي بعد الطفرات الاستثمارية والاحترافية التي شهدتها الأندية والاتحادات، إذ تسعى المملكة إلى بناء منظومة رياضية متكاملة تجمع بين الكفاءة والبنية التحتية الرقمية.

وتبقى المنصة الجديدة مثالًا حيًا على قدرة الاتحادات الوطنية على استثمار التقنية في تقديم حلول تعليمية حديثة وفعالة، بعيدًا عن الطرق التقليدية التي تعتمد على المحاضرات الورقية أو الدورات المحدودة، ما يعكس الفهم المتقدم لأهمية التعليم الرقمي في التكوين الرياضي الحديث.

ويأمل القائمون على المنصة أن تُصبح خلال السنوات القادمة مرجعًا معتمدًا على مستوى الشرق الأوسط، وأن تكون نواة لمنصة أوسع تشمل لغات متعددة، بحيث تستقطب مستخدمين من خارج المملكة، وترسّخ حضور الكرة السعودية في ساحة التطوير الرياضي العالمي.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook