هل شوارعنا جاهزة للسيارات ذاتية القيادة؟ "كود" سعودي جديد يمهد الطريق لثورة في عالم النقل

في خطوة تعكس توجه المملكة العربية السعودية نحو تطوير منظومتها التحتية بشكل علمي ومنهجي، أعلنت الهيئة العامة للطرق عن بدء تطبيق كود الطرق السعودي، الذي يُعد مرجعًا فنيًا شاملًا يحدد معايير تصميم وإنشاء الطرق، بما في ذلك تحديد سماكة الرصف بناءً على نوع الطريق وظروفه المناخية والجغرافية.
ويهدف الكود الجديد إلى تحقيق أعلى معايير الجودة والسلامة والكفاءة في شبكة الطرق الوطنية، ويعتمد على تصنيف دقيق لأنواع الطرق، سواء كانت سريعة أو شريانية أو تجميعية أو محلية، لتحديد متطلبات السماكة المناسبة لكل فئة على حدة، بما يضمن الاستدامة ويقلل من تكاليف الصيانة على المدى الطويل.
إقرأ ايضاً:وداعاً لزيارة "الأحوال المدنية".. "أبشر" تطلق خدمة جديدة تمكنك من إصدار "أهم وثيقة" لأسرتك من منزلكالأحساء على وشك أن تتغير إلى الأبد... انطلاق مشروع ضخم يَعِد بنقلة نوعية في حياة السكان!
ويأخذ الكود في اعتباره حجم الحركة المرورية المتوقعة على كل طريق، مع تنفيذ اختبارات دقيقة للتربة في المواقع المستهدفة، وذلك لضمان قدرتها على تحمل الأحمال العالية دون تعرض البنية التحتية لمظاهر التدهور مثل التشققات أو الهبوط، التي قد تؤثر سلبًا على سلامة المستخدمين.
وتؤكد الهيئة أن الكود السعودي لا يكتفي بالجوانب الفنية البحتة، بل يراعي أيضًا التغيرات المناخية التي تؤثر على أداء الطرق، مثل درجات الحرارة المرتفعة أو الانخفاضات المفاجئة أو هطول الأمطار، حيث تم تصميم المعايير بما يجعل الطرق أكثر مقاومة للتمدد والانكماش والتآكل، وهو ما يُعزز من العمر الافتراضي للطريق.
ويمثل هذا الكود تحولًا نوعيًا في قطاع الطرق بالمملكة، إذ يُلزم الجهات المعنية، بما فيها الوزارات وأمانات المدن وهيئات تطوير المناطق، باتباع إجراءات موحدة وواضحة عند تخطيط أو تنفيذ أو صيانة الطرق، ما من شأنه رفع كفاءة التنفيذ وضمان سلامة الطرق لجميع المستخدمين.
وبحسب الهيئة، فإن الكود يتضمن كذلك قوائم تدقيق وإرشادات فنية دقيقة ورسومات معيارية تسهل على المهندسين والمخططين اتخاذ قرارات دقيقة، وتوفر مرجعية واضحة تسهم في توحيد مخرجات البنية التحتية في مختلف مناطق المملكة، بغض النظر عن الجهة المنفذة.
ويُعد كود الطرق السعودي أحد أهم إنجازات الهيئة العامة للطرق، التي أُنيطت بها مهام الإشراف على قطاع الطرق وتنظيمه، بما في ذلك وضع التشريعات والمعايير الفنية، في إطار الجهود الحكومية لتطوير البنية التحتية والنهوض بجودة الحياة في المملكة.
وكان العمل بهذا الكود قد بدأ بشكل استرشادي خلال الفترة الماضية، قبل أن يبدأ تطبيقه رسميًا على جميع الجهات الحكومية في بداية العام الجاري، على أن يشمل القطاع الخاص في منتصف العام ذاته، وذلك ضمن خطة زمنية منظمة لضمان التدرج في التطبيق وتجنب أي تعثر في المشاريع الجارية.
وتُعول المملكة على هذا الكود في دعم مستهدفاتها الإستراتيجية لقطاع الطرق، والتي ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية، تشمل السلامة المرورية وجودة تنفيذ المشاريع والتحكم في الكثافة المرورية، بما يسهم في تقديم تجربة تنقل أفضل وأكثر أمانًا لجميع المستخدمين.
ويُذكر أن كود الطرق ينسجم مع رؤية السعودية 2030، التي تسعى إلى تحسين ترتيب المملكة عالميًا في مؤشرات البنية التحتية، إذ تهدف الجهات المختصة إلى الوصول إلى المرتبة السادسة عالميًا في جودة الطرق بحلول نهاية العقد الجاري، من خلال تطوير المعايير وتبني أفضل الممارسات الدولية.
ويأتي ذلك في وقت تشهد فيه المملكة طفرة عمرانية كبرى، تتطلب تعزيز البنية التحتية الداعمة للنقل والتنقل، خاصة في ظل المشاريع العملاقة مثل نيوم والقدية والبحر الأحمر، التي تعتمد على وجود شبكات طرق متطورة تربط بين مختلف مناطق المملكة والمشاريع الكبرى.
وتؤكد الهيئة أن الكود الجديد لا يُعنى فقط بطرق المركبات التقليدية، بل يأخذ في اعتباره أيضًا متطلبات المركبات ذاتية القيادة والتقنيات الحديثة في النقل، مما يجعله مواكبًا للتغيرات التقنية ويضمن جاهزية البنية التحتية للمستقبل.
كما يشدد الكود على ضرورة مراعاة الجوانب البيئية في التصميم والتنفيذ، بما يضمن تقليل الأثر البيئي لمشاريع الطرق، ويعزز من التوازن بين التنمية الحضرية وحماية الموارد الطبيعية، وهو ما يمثل بعدًا استراتيجيًا في السياسة التنموية للمملكة.
وتنطلق هذه الجهود في وقت تتزايد فيه التحديات المرتبطة بكثافة الحركة المرورية في بعض المدن الكبرى، ما يستدعي تطبيق معايير بناء صارمة تضمن القدرة الاستيعابية للطرق وتخفيف الازدحام، مع الحفاظ على السلامة العامة وتقليل الحوادث.
وتعمل الهيئة على رفع كفاءة شبكة الطرق في المملكة من خلال التحديث المستمر للأنظمة والمعايير، إضافة إلى إطلاق عدد من المبادرات الرقمية والرقابية التي تُمكّن الجهات المعنية من تتبع حالة الطرق بدقة واتخاذ قرارات مبنية على بيانات آنية وموثوقة.
وتؤكد الهيئة أن تحقيق مستهدفات قطاع الطرق يتطلب تعاونًا وتنسيقًا مستمرًا بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمقاولين والاستشاريين، حيث يشكل الكود السعودي أداة توجيهية تساعد على ضبط جودة التنفيذ وتحقيق الاتساق الفني والهندسي بين المشاريع.
ويُعد كود الطرق السعودي نموذجًا وطنيًا يُحتذى به في العمل المؤسسي القائم على التخطيط طويل المدى، ويعكس التزام المملكة بتقديم حلول متقدمة ومستدامة تواكب متطلبات التنمية والتطور السكاني والتقني، في ظل الطموحات الكبيرة لرؤية 2030.