"غش ممنهج" في الرياض.. "التجارة" تداهم مستودعاً سرياً يمارس هذا النشاط الخطير

في حملة رقابية حاسمة، تمكنت الفرق الميدانية التابعة لوزارة التجارة من ضبط مستودع غير مرخص تابع لإحدى المنشآت التجارية في مدينة الرياض، يُستخدم في عمليات غش ممنهجة تتعلق بمنتج الأرز، في مخالفة جسيمة تمثل تهديدًا مباشرًا لصحة وسلامة المستهلكين، وكشفت الوزارة أن المستودع كان يُدار خلف واجهة تجارية، وتمت مداهمته بعد متابعة دقيقة وتحريات موسعة.
وخلال الوقوف الميداني على الموقع المخالف، تبين أن المستودع يمارس نشاطه بعيدًا عن الأنظمة، ويقوم بتعبئة أكياس الأرز منتهية الصلاحية في عبوات تحمل علامات تجارية معروفة، مع تزوير تواريخ الإنتاج والصلاحية لإيهام المستهلكين بجودة المنتج، ويُعد هذا السلوك مخالفة صريحة لنظام مكافحة الغش التجاري ويعرض مرتكبيه لعقوبات صارمة.
إقرأ ايضاً:لهذا السبب .. التجارة تُلزم 24 وكالة سيارات بنشر أسعار قطع الغيار إلكترونيًاوعدوهم بسيارات وآيفونات مقابل عطر!.. التجارة السعودية تفضح خدعة كبرى وتشهر بالمتورطين وبمنشأة شهيرة
وفي عملية نوعية تمت بالشراكة مع الهيئة العامة للغذاء والدواء، تم ضبط 208 أكياس من الأرز زنة تتجاوز 2،7 طن، جاهزة للتوزيع في الأسواق، وحرصت الجهات الرقابية على التحفظ على الكميات المضبوطة وإغلاق المستودع فورًا، لمنع تسرب أي من المنتجات المغشوشة إلى الأسواق المحلية، وأكدت الوزارة أن التحقيقات لا تزال جارية لتحديد جميع المتورطين.
وتعد هذه الحادثة من أبرز القضايا التي تم ضبطها مؤخرًا، خاصة أن الأسلوب المتبع في الغش كان دقيقًا ومحترفًا، ما يعكس مدى خطورة مثل هذه العمليات على الأمن الغذائي، وتعمل وزارة التجارة وفق استراتيجية رقابية صارمة، تستند إلى التعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة لرصد أي مخالفات تمس صحة المستهلك.
ويأتي ضبط هذه الكميات الكبيرة كرسالة واضحة لكل من تسول له نفسه العبث بسلامة الغذاء، بأن الجهات الرقابية لن تتهاون في تنفيذ الأنظمة، ولن تتردد في استخدام كافة الصلاحيات التي كفلها النظام لإيقاف المخالفين وإحالتهم للجهات العدلية، كما أن الإجراءات القانونية التي تُتخذ في مثل هذه الحالات تضمن توقيع أقصى العقوبات الممكنة.
وتنص أحكام نظام مكافحة الغش التجاري على أن العقوبات قد تصل إلى السجن لمدة ثلاث سنوات، وغرامة مالية تصل إلى مليون ريال، أو بهما معًا، مع إبعاد العمالة الأجنبية المتورطة، والتشهير بالمخالفين عبر وسائل الإعلام بعد صدور الأحكام القضائية النهائية، وتسعى هذه الإجراءات إلى ردع المخالفين وتحقيق العدالة، وحماية الأسواق من المنتجات غير الآمنة.
وأكدت وزارة التجارة أنها تواصل تنفيذ حملاتها الرقابية المكثفة على المنشآت التجارية والمستودعات ومراكز التوزيع في جميع مدن المملكة، مشددة على أن أي تهاون في تطبيق الأنظمة الرقابية قد يؤدي إلى عواقب وخيمة تمس الاقتصاد المحلي وسلامة المواطنين والمقيمين على حد سواء.
وتدعو الوزارة جميع المستهلكين إلى التعاون معها والإبلاغ الفوري عن أي ممارسات تجارية مشبوهة، سواء عبر تطبيق "بلاغ تجاري" أو من خلال الرقم المخصص لاستقبال البلاغات، مؤكدة أن دور المواطن لا يقل أهمية عن دور الجهات الرقابية في محاربة الغش التجاري، فالتبليغ المبكر يساهم في سرعة التدخل والحد من الأضرار.
كما شددت وزارة التجارة على أن الغش في المواد الغذائية يُعد من أخطر أشكال الغش، لأنه يمس صحة الناس بشكل مباشر، مشيرة إلى أن المستهلكين يثقون بما يُعرض في الأسواق، ولا يجب أن يُخدعوا بمنتجات مغشوشة تُظهر تواريخ صلاحية مزورة، وأوضحت أن هذه الممارسات تشكل جريمة متكاملة الأركان.
وتواصل الهيئة العامة للغذاء والدواء دورها الفاعل في التعاون مع الجهات الرقابية الأخرى، لضمان مطابقة المنتجات الغذائية للمواصفات السعودية والخليجية، مؤكدة أن سلامة الغذاء مسؤولية جماعية تبدأ من المنتج وتنتهي عند المستهلك، كما تقوم الهيئة بتحليل المنتجات المشكوك فيها وتوفير الدعم الفني اللازم في مثل هذه القضايا.
وتؤكد الجهات الرقابية أن تعاونها المشترك أثمر عن نتائج ملموسة خلال الأشهر الماضية، حيث تم ضبط العديد من الحالات المشابهة، ما يعكس فاعلية التنسيق الحكومي في مكافحة هذه الظواهر، وتمثل هذه الجهود جزءًا من منظومة وطنية تسعى لتعزيز الثقة في جودة المنتجات المتداولة في الأسواق السعودية.
وتُعد هذه القضية تذكيرًا مهمًا بضرورة التزام المنشآت التجارية بالأنظمة واللوائح، وعدم الانسياق وراء المكاسب غير المشروعة على حساب صحة المجتمع، فالرقابة وحدها لا تكفي دون وجود وعي تجاري وأخلاقي لدى أصحاب المنشآت، إضافة إلى دور المستهلك في الانتباه لمصدر المنتجات وتواريخ صلاحيتها.
ويتوقع أن تشهد الأيام المقبلة استكمال التحقيقات وإحالة كافة المتورطين إلى الجهات القضائية المختصة، تمهيدًا لإصدار الأحكام النهائية بحقهم، وسيتم نشر تفاصيل العقوبات عند صدورها، في إطار سياسة الوزارة التي تركز على الشفافية والتشهير بالمخالفين كوسيلة ردع وحماية للمجتمع من التلاعب والتزوير في المنتجات.