لتأمين مستقبلهم بعد الاعتزال.. قرار جديد يمنح اللاعبين والمدربين السعوديين "شبكة أمان" لأول مرة

أعلنت وزارة الرياضة بالتعاون مع المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية عن بدء تطبيق نظام التأمينات الاجتماعية على اللاعبين والمدربين السعوديين اعتبارًا من يوم الثلاثاء المقبل، الموافق 1 يوليو 2025، وذلك في خطوة وصفها المتابعون بالتاريخية على صعيد التنظيم والتمكين للكوادر الوطنية العاملة في القطاع الرياضي، ويشمل النظام فئات محددة من الرياضيين السعوديين سواء داخل المملكة أو خارجها، في الأندية والاتحادات الرياضية الخليجية.
ويأتي هذا التطبيق تنفيذًا لما نص عليه نظام التأمينات الاجتماعية الصادر بموجب المرسوم الملكي بتاريخ 26 ذو الحجة 1445هـ، والذي فتح الباب أمام إدخال فئات جديدة ضمن مظلة التأمين، حيث تم إدراج اللاعبين السعوديين والمدربين في الأندية المحلية والخليجية ضمن الفئات المشمولة بالغطاء التأميني الرسمي، وبهذه الخطوة، تصبح ممارسة الرياضة بوصفها مهنة أكثر أمانًا واستقرارًا للعاملين فيها من السعوديين.
إقرأ ايضاً:خطوة جديدة نحو العالمية .. طيران ناس يعلن خطًا استثنائيًا إلى هذه العاصمة الأوروبيةإنزاجي مهدد بفقدان "جوكر الهلال" في الميركاتو الصيفي إليكم التفاصيل
ويهدف القرار إلى تحقيق حماية تأمينية شاملة للاعبين والمدربين من خلال تسجيلهم في فرعي المعاشات، والتأمين ضد التعطل عن العمل "ساند"، بحيث يتمكنون من الاستفادة من هذه المنافع وفقًا لما تنص عليه لوائح نظام التأمينات الاجتماعية، بما يضمن لهم الأمان المهني بعد انتهاء مسيرتهم الرياضية، وتُعد هذه الخطوة بمثابة اعتراف رسمي بمهنة الرياضي كوظيفة ترتبط بالتزامات الدولة تجاه مواطنيها.
ومنذ صدور القرار، عملت وزارة الرياضة والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بشكل مكثف على تنفيذ سلسلة من الإجراءات التوعوية، استهدفت شرح الجوانب القانونية والتنظيمية للمستفيدين، عبر ورش عمل متخصصة عقدت داخل الأندية الرياضية والاتحادات، مع تخصيص فرق متخصصة للرد على استفسارات اللاعبين والمدربين حول آليات التسجيل والاشتراك والتغطية التأمينية.
ويعكس هذا الجهد رغبة واضحة في تسهيل تطبيق النظام ورفع مستوى الوعي لدى المعنيين به، لا سيما أن العديد من الرياضيين لم تكن لديهم خلفية كافية عن نظام التأمينات الاجتماعية وآلية احتسابه وفوائده على المدى الطويل، وقد حظيت هذه الورش بتفاعل واسع من الأندية التي رحبت بالإجراء واعتبرته نقلة نوعية في التعامل مع منسوبيها.
وفي الوقت الذي طالبت فيه فئات رياضية بتوفير ضمانات مهنية لسنوات، يأتي هذا القرار استجابة عملية وطموحة ضمن سلسلة من الإصلاحات الشاملة التي تشهدها المنظومة الرياضية، خاصة بعد ما أظهرته السنوات الماضية من حاجة ماسة إلى تشريعات تحمي حقوق اللاعبين بعد اعتزالهم أو في حال تعطلهم عن العمل، ويأمل المتابعون أن ينعكس ذلك إيجابًا على أداء الرياضيين ورفع معنوياتهم.
ويُتوقع أن يسهم النظام الجديد في رفع مستوى الالتزام المهني داخل الأندية، بحيث يشعر اللاعب أو المدرب بأنه جزء من منظومة تحفظ حقوقه وتضمن مستقبله، سواء من خلال الراتب التقاعدي بعد انتهاء مشواره الرياضي، أو من خلال دعم تأميني فوري في حال فقدانه العمل لأي سبب مشروع، كما من شأن النظام أن يعزز استقرار القطاع على المدى الطويل.
وتُعد هذه الخطوة جزءًا من رؤية أكبر تسعى إلى تنظيم القطاع الرياضي بوصفه مسارًا مهنيًا له خصوصيته ومتطلباته، وليس مجرد نشاط مؤقت يرتبط بالعمر أو اللياقة البدنية، وبهذا النهج، تتحول الرياضة إلى رافد تنموي واقتصادي يتكامل مع غيره من القطاعات التي تشملها الرعاية الحكومية.
كما تفتح هذه الخطوة المجال أمام مزيد من الشفافية والحوكمة في عقود اللاعبين والمدربين السعوديين، إذ يُشترط أن يكون التعاقد مسجلًا بطرق رسمية مع توثيق الأجور، ما يحد من التلاعب أو الظلم الذي قد يتعرض له البعض في غياب الإجراءات التأمينية، وبذلك، يتم توحيد المعايير التنظيمية داخل الأندية وتعزيز النزاهة في التعاملات المالية.
وتُظهر التجربة أن غياب التأمينات الاجتماعية كان أحد أسباب القلق لدى الكثير من الرياضيين السعوديين، خاصة من الفئات التي لم تصل إلى النجومية أو تحظَ بعقود ضخمة، مما يجعلهم أكثر عرضة للمخاطر عند التقاعد أو الإصابة، لكن مع دخولهم ضمن النظام التأميني، فإنهم يملكون الآن شبكة أمان تضمن لهم الاستقرار المعيشي في المستقبل.
ويُمكن النظر إلى هذه الخطوة بوصفها امتدادًا للجهود الوطنية لتعزيز تمكين الكوادر السعودية في جميع القطاعات، حيث تسعى وزارة الرياضة بالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة إلى بناء منظومة احترافية متكاملة تُقدّر الموهبة الوطنية وتوفر لها بيئة عمل عادلة ومطمئنة، ويأتي ذلك انسجامًا مع مستهدفات رؤية 2030 التي تدعو لزيادة مشاركة السعوديين في سوق العمل الرياضي.
ويؤكد المتحدثون باسم الوزارة والمؤسسة أن القرار لا يشمل في هذه المرحلة اللاعبين والمدربين غير السعوديين، وإنما يقتصر على المواطنين العاملين في الأندية المحلية أو في دول الخليج، باعتبارهم الفئة المستهدفة حاليًا ضمن التوسع المرحلي للتغطية التأمينية، ومن المحتمل أن يشهد النظام في المستقبل القريب مراحل جديدة تشمل فئات أخرى.
ويُنتظر أن تشهد الفترة المقبلة مزيدًا من اللقاءات التوعوية وتحديثات فنية في أنظمة التسجيل الإلكتروني لضمان سرعة تطبيق القرار ودقة بيانات المشمولين، إلى جانب توفير قنوات تواصل مباشرة مع الرياضيين تتيح لهم متابعة اشتراكاتهم والاستفسار عن مزايا النظام، ويعكس ذلك تحولاً في نظرة الدولة نحو الرياضة كمجال عمل متكامل له خصوصيته ومقوماته.
ومع بدء التطبيق الفعلي يوم الثلاثاء المقبل، تدخل الرياضة السعودية مرحلة جديدة تُكرّس مفهوم الاحتراف الحقيقي، ليس فقط في الأداء والمنافسة، بل أيضًا في الحقوق والالتزامات، ما يعزز من جاذبية القطاع للشباب الباحثين عن مستقبل مستقر في مهنة الرياضة.