قفزة اقتصادية جنوب المملكة .. نجران تحتل التعدين العالمي بثروة تفوق 145 مليار ريال

نجران تحتل التعدين العالمي بثروة تفوق 145 مليار ريال.
كتب بواسطة: فائزة بشير | نشر في  twitter

تشهد منطقة نجران في جنوب المملكة العربية السعودية تحولًا تدريجيًا نحو أن تكون إحدى أبرز المناطق التعدينية والصناعية على مستوى المملكة، مستفيدة من ثروات طبيعية هائلة وتضاريس جيولوجية فريدة، جعلتها مركز جذب للاستثمار في قطاع المعادن والصناعات التحويلية ذات الصلة، في خطوة تعكس توجه المملكة نحو تنويع مصادر الدخل ورفع مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي.

وتشير التقديرات إلى أن نجران تمتلك ثروات معدنية تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 145 مليار ريال، تتوزع بين معادن ثمينة مثل الذهب والفضة، ومعادن أساسية كالنحاس والزنك والرصاص، بالإضافة إلى مواد صخرية مهمة تشمل الرخام والجرانيت والبازلت والرمال السيليكية، وهي عناصر تجعل من المنطقة بيئة خصبة للاستثمارات التعدينية الضخمة.


إقرأ ايضاً:الجليدان يقترب من الرحيل .. والفتح يرفع السقف لـ 50 مليونعرض أوروبي لضم نجم الأهلي في الصيف.. القرار النهائي في يوليو

وقد ساعدت الطبيعة الجبلية الصلبة للمنطقة في جعلها مقصدًا مثاليًا للتنقيب والاستخراج، الأمر الذي أسهم في استقطاب أكثر من 14 شركة وطنية متخصصة في قطاع التعدين، أبرزها تلك التي تعمل ضمن مجمع بئر عسكر، والذي يُعد من أبرز المواقع التعدينية في المنطقة نظرًا لتنوع موارده الجيولوجية وجودتها العالية.

ويُسجل مجمع بئر عسكر إنتاجًا سنويًا يبلغ نحو 4500 متر مكعب من الجرانيت، وسط خطط لرفع حجم الإنتاج خلال السنوات القادمة، تماشيًا مع الطلب المتزايد على الجرانيت النجراني الذي أثبت جودته واستخدم في عدد من المشاريع الوطنية الكبرى، من أبرزها توسعة الحرمين الشريفين وعدد من المجمعات والمرافق الحكومية في أنحاء المملكة.

وفي سياق تعزيز القيمة المضافة للموارد الطبيعية، تم إنشاء مدينة صناعية متكاملة في نجران على مساحة تتجاوز 6.5 مليون متر مربع، وتضم حاليًا أكثر من 90 مصنعًا، باستثمارات تتجاوز 4.8 مليار ريال، تتوزع بين عدة قطاعات صناعية أبرزها الصناعات المرتبطة بالمعادن غير المعدنية، إلى جانب صناعات غذائية ودوائية وكيماوية وبلاستيكية.

ويأتي هذا التوسع ضمن جهود متكاملة لربط قطاع التعدين بالتصنيع التحويلي، بما يضمن استدامة اقتصادية أكبر وخلق فرص عمل للسكان المحليين، وقد حصلت هذه المدينة على دعم حكومي تمثل في قروض صناعية تتجاوز 880 مليون ريال، في إطار برامج تمكين الصناعات الوطنية وزيادة المحتوى المحلي.

ويعمل حاليًا في المدينة الصناعية أكثر من 6000 موظف، بينهم نحو 1855 مواطنًا سعوديًا، مما يعكس نجاح جهود التوطين ورفع نسب السعودة، ويعزز من قدرة المنطقة على خلق بيئة عمل محفزة ومستقرة تواكب تطلعات سوق العمل المحلي.

وتستفيد نجران أيضًا من شبكة طرق حديثة تربطها بعدة موانئ ومدن رئيسة داخل المملكة، وهو ما يوفر ميزة لوجستية تسهم في تعزيز القدرة التصديرية للمنتجات، خاصة منتجات الجرانيت التي يتم تصديرها حاليًا إلى أكثر من 25 دولة حول العالم، من بينها الولايات المتحدة، وألمانيا، وفرنسا، وكوريا الجنوبية، ما يعكس الثقة الدولية في جودة المنتج النجراني.

ومع تصاعد حجم الإنتاج، بات من المتوقع أن تسهم الموارد المحلية في دعم صناعات تحويلية جديدة في المنطقة، تشمل تصنيع القرميد، والحجر الجاهز، والرخام المصقول، وسبائك الذهب والنحاس، وهي خطوات من شأنها رفع مستوى التكامل الصناعي وتعزيز مساهمة القطاع في الناتج المحلي.

وفي ظل هذه التطورات، تستعد نجران لتنظيم "منتدى نجران للاستثمار 2025" يومي 25 و26 من الشهر الجاري، وهو حدث اقتصادي بارز يجمع بين القطاعين العام والخاص، ويهدف إلى استعراض الفرص الاستثمارية وتحفيز القطاع الخاص على ضخ مزيد من الاستثمارات في المشاريع التنموية.

وقد وصف رئيس مجلس إدارة غرفة نجران، بدر المعجل، المنتدى المرتقب بأنه محطة نوعية في مسار التنمية الاقتصادية للمنطقة، مؤكداً أن المنتدى سيكون بمثابة منصة تحويل للفرص الكامنة إلى مشاريع ملموسة تسهم في تعزيز مكانة نجران على خارطة الاقتصاد الوطني، وتدعم مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تنمية المناطق.

ويُنتظر أن يستقطب المنتدى عددًا كبيرًا من المستثمرين المحليين والدوليين، إلى جانب الجهات الحكومية ذات العلاقة، لمناقشة سبل تطوير البنية التحتية الاستثمارية وتفعيل الشراكات النوعية في القطاعات ذات الأولوية، لا سيما في مجالي التعدين والصناعة التحويلية.

كما تأتي هذه الجهود في سياق الاستراتيجية الوطنية للتعدين، التي أطلقتها المملكة بهدف تطوير القطاع ليكون الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني، بعد النفط والبتروكيماويات، وتعزيز مساهمته في الناتج المحلي بما يصل إلى 240 مليار ريال بحلول عام 2030.

وتراهن نجران في هذا الإطار على المقومات الطبيعية والبشرية واللوجستية التي تمتلكها، إلى جانب الدعم الحكومي السخي والبنية التنظيمية المحفزة، من أجل تحويل الثروات الكامنة في باطن الأرض إلى فرص تنموية واقعية تدفع بالمنطقة إلى مصاف المناطق الصناعية الرائدة في المملكة.

وتحظى المنطقة بمتابعة حثيثة من الجهات المختصة، بما في ذلك وزارة الصناعة والثروة المعدنية، والتي تولي أهمية قصوى لتعزيز القدرات التنافسية لمناطق المملكة المختلفة، مع التركيز على تنمية الأقاليم الواعدة ورفع جودة الحياة فيها عبر مشاريع اقتصادية مستدامة.

ويعكس مسار نجران التعديني والصناعي نموذجًا لما يمكن أن تحققه المناطق الجغرافية ذات الموارد الطبيعية الغنية، عندما تتكامل الجهود بين الدولة والقطاع الخاص، ويُبنى التخطيط على أسس استراتيجية تراعي متطلبات التنمية وتحديات المستقبل.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook