ابتداءً من هذا الموعد .. رفع تدريجي في استقطاع التقاعد للموظفين الجدد حتى 2028

تبدأ المملكة العربية السعودية، يوم الثلاثاء المقبل الموافق 1 يوليو 2025، في تطبيق المرحلة الأولى من خطة الرفع التدريجي لنسب الاستقطاع الخاصة بالمعاش التقاعدي، وذلك على الموظفين السعوديين الجدد المنضمين إلى نظام التأمينات الاجتماعية بعد تاريخ 3 يوليو 2024، في خطوة تنظيمية تهدف إلى تعزيز الاستدامة المالية للنظام التقاعدي وضمان استمراريته على المدى الطويل.
ويأتي هذا التعديل ضمن سلسلة من السياسات الإصلاحية التي تتبناها المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، حيث تم رفع نسبة الاستقطاع الخاصة بالموظف من 9% إلى 9.5% من إجمالي الأجر الخاضع للاشتراك، والذي يشمل الراتب الأساسي وبدل السكن والعمولات الشهرية، ما يعني أن الخصم من دخل الموظف الشهري سيشهد زيادة طفيفة بداية من الشهر المقبل.
إقرأ ايضاً:الهلال يواصل التألق بمونديال الأندية...مانشستر سيتي في الانتظار!حالة الطقس اليوم.. حر شديد ورياح مثيرة للغبار تجتاح عدة مناطق بالمملكة!
كما يشمل التعديل الجديد أيضًا رفع نسبة استقطاع المعاش من صاحب العمل لتصبح 9.5% بدلًا من النسبة السابقة البالغة 9%، وهو ما يعكس توجهًا نحو توزيع أكثر توازنًا لأعباء تمويل المعاشات التقاعدية بين العامل وصاحب العمل، وتهيئة البنية التحتية التمويلية التي يحتاجها النظام في المستقبل.
وسيتم تطبيق هذا الرفع بشكل تدريجي سنوي، حيث ستُضاف نسبة 0.5% إلى كل من طرفي الاشتراك، أي الموظف وصاحب العمل، مع بداية يوليو من كل عام حتى عام 2028، لتصل النسبة النهائية إلى 11% لكل طرف، وبذلك يبلغ إجمالي الاستقطاع 22% من الأجر الخاضع للاشتراك بحلول منتصف عام 2028.
ويستهدف هذا التعديل فئة الموظفين الجدد فقط، وهم الذين لم يسبق لهم الاشتراك في أنظمة التقاعد المدني أو التأمينات الاجتماعية قبل 3 يوليو 2024، إذ لن يتأثر الموظفون الحاليون بهذه الزيادة، مما يوفر وضوحًا وعدالة في تطبيق التغييرات الجديدة دون المساس بحقوق المشتركين السابقين.
ويُعد هذا التغيير واحدًا من أبرز خطوات الإصلاح في نظام التقاعد، حيث تسعى المملكة من خلاله إلى معالجة التحديات المستقبلية المرتبطة بارتفاع متوسط الأعمار وزيادة معدلات التوظيف في القطاعين العام والخاص، إلى جانب السعي لتحقيق التوازن بين مدفوعات التقاعد والاشتراكات الفعلية.
وتُشير توقعات الخبراء إلى أن النظام الحالي كان بحاجة إلى تعزيز في تدفقاته المالية لضمان استمرارية دفع المعاشات مستقبلاً، خاصة في ظل تزايد عدد المستفيدين، وهو ما يتطلب إعادة تقييم مستمرة للنسب والآليات التمويلية بما يتوافق مع الواقع الاقتصادي والديمغرافي.
وبحسب اللوائح المحدثة للتأمينات الاجتماعية، فإن سن التقاعد النظامي في النظام الجديد سيكون عند بلوغ المشترك سن الخامسة والستين عامًا ميلاديًا، فيما يظل التقاعد المبكر متاحًا اعتبارًا من سن الخامسة والخمسين، وفقًا للضوابط والمعايير التي حددتها المؤسسة.
وقد أكدت المؤسسة العامة للتأمينات أن هذا التعديل لا يؤثر على الحقوق المكتسبة للمشتركين الحاليين، ولا يمس بأي شكل من الأشكال المعاشات التي تصرف حاليًا أو التي ستُصرف للمشتركين القدامى، ما يعزز من مصداقية النظام ويقلل من المخاوف المجتمعية المحتملة حيال التعديلات.
ويأتي رفع نسبة الاستقطاع في إطار خطة أوسع تشمل تحسين كفاءة إدارة أموال التأمينات، وزيادة العوائد الاستثمارية للصندوق، إلى جانب تعزيز برامج التوعية المالية للمشتركين، بما يُمكّنهم من فهم تأثير هذه التغييرات على دخلهم التقاعدي المستقبلي.
ويُلاحظ أن المملكة تبنّت في السنوات الأخيرة خطوات جريئة لإعادة هيكلة منظومة الحماية الاجتماعية، بدءًا من توحيد أنظمة التقاعد، ومرورًا بدمج المؤسسات المعنية، ووصولًا إلى تعديل سن التقاعد ونسب الاستقطاع، وذلك ضمن سياق رؤية المملكة 2030 الرامية لبناء اقتصاد مرن ومستدام.
وتسعى التأمينات الاجتماعية من خلال هذا التغيير إلى بناء نظام تقاعدي أكثر متانة واستقرارًا، بما يلبي تطلعات المشتركين من جهة، ويعزز من قدرة المؤسسة على الوفاء بالتزاماتها من جهة أخرى، في وقت تزداد فيه الحاجة إلى إصلاحات هيكلية تتماشى مع التحولات الكبرى في سوق العمل.
ويتوقع أن تُعلن المؤسسة خلال الأسابيع المقبلة عن حملات توعوية مكثفة لشرح تفاصيل التعديل الجديد للفئات المستهدفة، وتوضيح آلية حساب الاستقطاعات، والرد على التساؤلات الشائعة، لتفادي أي لبس قد يطرأ لدى الموظفين الجدد أو أصحاب العمل.
ويشكل هذا القرار خطوة حيوية في مسار الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في المملكة، حيث تتجه الجهات المختصة إلى مراجعة شاملة للأنظمة الاجتماعية بما يضمن قدرتها على تلبية الاحتياجات المتنامية للسكان، دون أن يشكل ذلك عبئًا غير متوازن على مكونات سوق العمل.
ويأمل مراقبون أن تسهم هذه الخطوة في رفع الوعي لدى الأجيال الجديدة بأهمية التخطيط المبكر للتقاعد، وفهم العلاقة بين المساهمات التقاعدية والمنافع المتوقعة، مما يعزز من ثقافة الادخار والاستعداد المالي للمستقبل بين أفراد المجتمع.