وداعاً لسنوات التقاضي.. كيف حسمت مُصلحة سعودية خصومة بـ150 مليون ريال في أسابيع عبر "تراضي

في مشهد يعكس تحوّلًا جوهريًا في آليات العدالة بالمملكة، نجحت مُصلحة سعودية في إنهاء واحد من أعقد النزاعات المالية عبر منصة "تراضي"، حيث توصل طرفا النزاع إلى اتفاق صلح أنهى خصومة بلغت قيمتها 150 مليون ريال، الإنجاز لم يكن قانونيًا فقط، بل مثّل نقلة نوعية في دور المرأة داخل قطاع العدالة.
المبادرة انطلقت بطلب تقدم به أحد الطرفين إلى مركز المصالحة في وزارة العدل، طالبًا حلاً وديًا بشأن مستحقات مالية تعود لعلاقة تعاقدية سابقة، ورغم استعداد الطرفين للمواجهة القضائية، إلا أن مجريات الأمور اتخذت منعطفًا جديدًا بفضل تدخل المُصلحة.
إقرأ ايضاً:"رئاسة الشؤون الدينية"... تعلن بدء خطة موسم عمرة 1447 هجريًا...خدمات متميزة للمعتمرين!هبوط أسعار الذهب.. فرصة أم مخاطرة والمحللون في حالة ترقب!
بدلاً من الاصطدام بجدران المحاكم، اختارت المُصلحة فتح أبواب الحوار، مستخدمة أدواتها القانونية ومهاراتها الإنسانية لإقناع الطرفين بأهمية التصالح كمسار قانوني يحفظ الحقوق دون كلفة زمنية أو مالية مرهقة.
المرأة التي قادت الجلسات لم تكن مجرد وسيط، بل كانت عنصرًا حيويًا في تقريب المسافات، مستندة إلى حضور مهني لافت، أدار جلسات الصلح بحيادية واحترام، وأعاد بناء الثقة بين طرفين كانت العلاقة بينهما قد وصلت إلى طريق مسدود.
نجحت المفاوضات بعد عدة جلسات في إعادة ترتيب المعادلة، حيث أبدى الطرف الثاني استعدادًا للوفاء بكامل المبلغ المستحق، وهو ما توج بتوقيع وثيقة صلح رسمية صدرت عن وزارة العدل، وأصبحت سندًا تنفيذياً ملزماً لا يقل قوة عن الأحكام القضائية.
هذه الواقعة لم تكن عابرة، بل كشفت عن فاعلية وسائل العدالة البديلة في حل النزاعات الكبرى، حتى تلك التي تمس مئات الملايين، كما سلطت الضوء على قدرة المرأة السعودية على تبوّء أدوار محورية في مجالات ظلت حكرًا على الرجال لسنوات.
الإصلاح المالي الذي تحقق هنا لم يكن فقط إنهاءً لخصومة، بل كان إثباتًا عمليًا لتقدم البنية العدلية الرقمية، التي باتت تتيح للأفراد فض النزاعات إلكترونيًا، من أي مكان، وفي وقت قياسي، عبر منصة "تراضي".
الوثيقة الموقعة تم اعتمادها كسند تنفيذ ملزم، ما يعني أنه في حال الإخلال بأي من بنود الاتفاق، يمكن للطرف المتضرر اللجوء فورًا إلى التنفيذ القضائي، دون المرور بإجراءات الدعوى من جديد.
ما حدث يعيد تعريف فكرة العدالة في العصر الرقمي، حيث لم تعد القضايا تُحلّ فقط في أروقة المحاكم، بل باتت تُنجز عبر شاشات، وفي أوقات مرنة، تحت إشراف مختصين معتمدين من وزارة العدل.
ويُعد مركز المصالحة نموذجًا حيًا للتحول الرقمي الذي تقوده الوزارة ضمن مستهدفات رؤية 2030، عبر تقليص زمن التقاضي، وخفض عدد القضايا، وتعزيز مفهوم العدالة الرضائية التي تحفظ العلاقات ولا تترك وراءها شروخًا.
المرأة التي أدارت هذا الملف الشائك أثبتت أن تمكين السعوديات لم يكن شعارًا، بل واقعًا يترجم في مواقف معقدة ومفصلية، حيث يتطلب الحسم ذكاءً قانونيًا، ومرونة تفاوضية، وحسًا إنسانيًا عاليًا.
اللافت أن القضية لم تستغرق سوى أسابيع قليلة، مقارنة بما كانت ستأخذه أمام القضاء من سنوات، ما يُبرز كيف أن الاختيار الذكي لمسارات الحل هو نصف النصر في أي نزاع.
منصة "تراضي" لم تكن فقط واجهة إلكترونية، بل بيئة متكاملة تدعم العدالة التفاعلية، وتمنح الأطراف فرصة الحوار بإشراف مختصين، في إطار قانوني آمن ومنضبط.
هذه القصة ليست فقط نجاحًا تقنيًا وعدليًا، بل قصة ثقة بُنيت بين الدولة ومواطنيها، حيث يشعر الفرد أنه شريك في الحل، وليس مجرد خصم ينتظر الحكم، وهو تحول ثقافي لا يقل أهمية عن التطور المؤسسي.