بأكثر من 31 مليار ريال.. كيف أصبح عملاق التكنولوجيا الأمريكي "محركاً فعلياً" للاقتصاد السعودي؟

في مشهد رقمي يعكس تصاعد الحضور العالمي للتكنولوجيا في قلب الاقتصادات الوطنية، كشفت دراسة حديثة عن مساهمة منتجات Google بأكثر من 31،2 مليار ريال في الاقتصاد السعودي خلال عام 2024، في مؤشر قوي على الدور المحوري الذي باتت تلعبه الخدمات الرقمية في دعم مسيرة المملكة نحو التحول التقني الكامل.
تقرير شركة "Public First" الصادر مؤخرًا وضع أدوات Google في صلب منظومة النمو، مؤكدًا أن تطبيقات مثل محرك البحث، YouTube، Google Play، Google Ads، وGoogle Cloud لم تعد مجرد أدوات رقمية، بل محركات فعلية للناتج المحلي السعودي عبر تمكين الأفراد والشركات والمجتمعات.
إقرأ ايضاً:كيف تبدأ صيفك بأمان؟ .. تجمع الشرقية الصحي يُحذّر من أعراض الإجهاد الحراريتجاوز خطير في محمية الأمير محمد بن سلمان...القبض على مقيم يفرغ المواد الخرسانية!
هذا الزخم الرقمي ينسجم مع رؤية السعودية 2030، التي تسعى لتنويع مصادر الاقتصاد وتقليص الاعتماد على النفط، حيث أصبح التحول الرقمي اليوم أحد أعمدتها، ليس فقط كهدف، بل كوسيلة لإعادة تشكيل قطاعات الأعمال والتعليم والصحة والخدمات.
في طليعة هذا التحول يبرز الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي كشف التقرير أنه قادر على دفع الاقتصاد السعودي بـ727 مليار ريال إضافي بحلول 2030، وهو ما يعادل نحو 19% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس الإمكانات الكامنة في هذا المجال إذا ما استُثمر بفعالية.
وتُظهر الأرقام أن السعودية ليست فقط مستهلكًا للتقنية، بل باتت بيئة نشطة لاعتماد أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث أفاد 80% من البالغين باستخدامهم لها، فيما يستخدمها نحو ثلثهم يوميًا، وهي نسبة تفوق بكثير تلك المسجلة في دول متقدمة مثل الولايات المتحدة.
الشركات السعودية بدورها كانت جزءًا من هذا التبني السريع، إذ تعتمد 53% منها على الأقل على أداة ذكاء اصطناعي واحدة في عملياتها، بينما ترى 88% منها أن الذكاء الاصطناعي فرصة مهمة للاقتصاد الوطني، ما يشير إلى نضج متزايد في وعي السوق المحلي.
من حيث بناء القدرات، كان لـ Google دور حيوي، فقد دربت أكثر من 590 ألف شخص في المملكة منذ عام 2018 عبر مبادرة "مهارات من Google"، ما أسهم في خلق جيل جديد قادر على المنافسة الرقمية والابتكار المحلي.
ولا يقتصر التأثير على التدريب فحسب، بل يمتد إلى التوظيف المباشر، إذ ساهم نظام Android ومتجر Google Play في توليد نحو 29 ألف وظيفة محلية خلال العام الماضي، ما يعزز مكانة الاقتصاد الرقمي كرافد حقيقي لسوق العمل السعودي.
وعلى مستوى الأفراد، تشير بيانات التقرير إلى أن المستخدم السعودي يحصل على فائدة اقتصادية سنوية تقارب 6,775 ريالًا من خدمات Google، تشمل تسهيل البحث، التنقل، التعليم، والاستهلاك، وهي أرقام تعكس حجم الاعتماد اليومي على هذه الأدوات.
يُعد محرك البحث Google جزءًا لا يتجزأ من الحياة الرقمية اليومية لـ54% من السعوديين، بينما يثق 89% بنتائجه، ويستخدمه 92% من الشباب أسبوعيًا لأغراض التسوق أو الاستكشاف، مما يعكس هيمنة واضحة في سلوك البحث الرقمي.
أما YouTube، فيواصل تمكين صناع المحتوى في المملكة، حيث ارتفع عدد القنوات التي تحقق عوائد مالية مليونية بالريال بنسبة 40%، في حين يشير ذلك إلى نضوج سوق المحتوى المحلي وتوسعه نحو العالمية.
كما أن منصة Google Maps وتطبيق Waze أصبحت أدوات ضرورية، إذ يستخدمها 88% من المواطنين لتجنب التوهان، و70% للعثور على متاجر محلية، ما يسلّط الضوء على دور التقنية في دعم حركة التجارة المحلية الصغيرة.
وبينما تتوسع Google Cloud، التي افتتحت أول منطقة سحابية لها في الدمام، توقّع التقرير أن تضيف هذه الخطوة وحدها ما مجموعه 409 مليارات ريال للاقتصاد السعودي حتى عام 2030، بالإضافة إلى خلق أكثر من 148 ألف وظيفة جديدة.
ولم يكن ذلك التحول ليكتمل دون مبادرات استراتيجية أوسع، مثل التعاون بين صندوق الاستثمارات العامة وGoogle Cloud لإنشاء مركز عالمي للذكاء الاصطناعي في المملكة، يُنتظر أن يضيف 266 مليار ريال للناتج المحلي ويوفر آلاف الفرص الوظيفية.
في ختام التقرير، يبرز Google كشريك رئيسي في مسيرة التحول السعودي، ليس فقط عبر أدواته الرقمية، بل من خلال مساهمته في التمكين، التدريب، التوظيف، ودعم الابتكار، وهو ما يجعل من الشركة عنصرًا فاعلًا في مستقبل المملكة الرقمي.