لم يعد "آمناً".. لماذا قررت أمريكا حظر "واتساب" فجأة وما هي البدائل المقترحة؟

 أمن المعلومات
كتب بواسطة: صالح سدير | نشر في  twitter

في خطوة مثيرة أثارت جدلاً داخل أروقة السياسة والتكنولوجيا، قرر الكونغرس الأمريكي حظر استخدام تطبيق "واتساب" على جميع الأجهزة الحكومية الخاصة بموظفيه، في إجراء اعتبره كثيرون تصعيدًا غير متوقع ضد أحد أكثر تطبيقات المراسلة شيوعًا حول العالم.

القرار الذي صدر عن كبير المسؤولين الإداريين في مجلس النواب، لم يترك مجالًا للاستخدام حتى عبر نسخة الويب أو تطبيق الحواسيب، مما فسره البعض بأنه انعدام ثقة تام في التطبيق.


إقرأ ايضاً:إعلان أسماء المقبولين رسميًا .. تعرف على تفاصيل برامج البورد السعودي لهذا العاموسط تصاعد التوترات.. السعودية تكشف عن تقنيات متقدمة لتنقية المياه من الإشعاع وتؤكد: لا مؤشرات مقلقة

القرار جاء متزامنًا مع رسالة رسمية وُجهت للموظفين، نقلت فيها مخاوف مكتب الأمن السيبراني بشأن مستوى الأمان في واتساب، خاصة ما يتعلق بالشفافية في التعامل مع بيانات المستخدمين، وتخزينها.

وحمايتها من التهديدات الخارجية، وجاء في الرسالة تحذير واضح: "استخدام واتساب لم يعد آمنًا بالقدر الكافي لاستخدامه في بيئة حكومية".

ولم يكتفِ المجلس بالتحذير، بل اقترح بدائل مباشرة يمكن استخدامها لأغراض العمل الرسمي، كان من أبرزها مايكروسوفت تيمز وسيغنال وفيس تايم، وهي تطبيقات يرى المجلس أنها أكثر توافقًا مع معايير الأمان المطلوبة في الأجهزة الحكومية، خاصة في ظل تزايد التهديدات السيبرانية وتكثيف محاولات التصيد الإلكتروني.

هذا الحظر لم يكن منعزلًا عن سياق أوسع، إذ تندرج هذه الخطوة ضمن سلسلة متواصلة من القيود المفروضة على تطبيقات مصنفة بأنها "عالية الخطورة"، تشمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي ومنصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك.

ما يعكس توجهًا أمريكيًا حذرًا تجاه الأدوات الرقمية التي يرى فيها تهديدًا للأمن القومي أو لخصوصية البيانات.

من جانبها، لم تتأخر شركة ميتا، المالكة لتطبيق واتساب، في الرد، المتحدث باسم الشركة، آندي ستون، عبر عن رفضه القاطع للقرار، مغردًا على منصة "إكس": "نختلف تمامًا مع وصف واتساب بأنه يشكل خطرًا أمنيًا، التطبيق يُستخدم بانتظام من قبل أعضاء الكونغرس وموظفيهم، ونتطلع للعمل لضمان استمرارية ذلك".

ميتا شددت على أن واتساب يوفر التشفير التام بين الطرفين بشكل افتراضي، وهي ميزة أمان تحمي الرسائل من أي اطلاع خارجي، بما في ذلك من طرف الشركة نفسها، مشيرة إلى أن هذا المستوى من الحماية يتفوق على بعض التطبيقات الأخرى التي أُدرجت في قائمة البدائل الموصى بها.

القرار أثار تساؤلات حول معايير تقييم التطبيقات الحكومية، خاصة أن تطبيقات مثل سيغنال لا تختلف كثيرًا في طبيعة التشفير، مما يوحي بأن العوامل السياسية قد تكون حاضرة في خلفية القرار، وليس فقط الاعتبارات الفنية أو الأمنية المعلنة.

اللافت في الأمر أن مجلس الشيوخ الأمريكي لم يتخذ موقفًا مماثلًا حتى الآن، ما يجعل قرار مجلس النواب مثار جدل داخلي أيضًا، ويفتح الباب أمام احتماليات متعددة، من ضمنها انقسام في المواقف تجاه التطبيقات داخل المؤسسة التشريعية الأمريكية.

بعض المحللين يرون أن هذا القرار قد يكون مقدمة لحملة أوسع تنفذها الحكومة الأمريكية لإعادة ضبط علاقتها مع التطبيقات التقنية الكبرى، خاصة تلك التي لها علاقة بتبادل البيانات والمراسلات الفورية، في ظل تنامي المخاوف من التجسس والاختراقات الإلكترونية.

ويعتبر واتساب، الذي يضم أكثر من ملياري مستخدم عالميًا، أحد أكثر التطبيقات استخدامًا في الأوساط المهنية والشخصية، ما يجعل هذا الحظر بمثابة رسالة واضحة للمؤسسات بأن الاستخدام الواسع لا يبرر بالضرورة الثقة المطلقة.

رد الفعل داخل الأوساط الرقمية تراوح بين التأييد الحذر للقرار، والانتقادات التي رأت فيه مبالغة في التقدير، خصوصًا أن العديد من الموظفين قد يجدون صعوبة في التكيف مع بدائل قد تكون أقل انتشارًا أو مرونة في الاستخدام اليومي.

وبينما يترقب الكثيرون موقفًا رسميًا من البيت الأبيض أو الوكالات الفيدرالية الأخرى تجاه القرار، يبدو أن المسألة مرشحة لمزيد من التصعيد، خاصة إذا تطورت الأمور إلى مراجعة شاملة لجميع أدوات الاتصال الرسمية المستخدمة في المؤسسات الحكومية.

تبقى الأسئلة مفتوحة حول من سيكون التطبيق التالي على قائمة الحظر، وما إذا كانت هذه الخطوة بداية لحقبة جديدة تُعيد فيها الحكومات تعريف علاقتها مع أدوات التكنولوجيا التي لم تعد مجرد وسائل، بل باتت ساحات صراع وقلق ومصالح متشابكة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook