"شلل جوي في الخليج بسبب التوتر العسكري": انهيار حركة الطيران بعد انسحاب الشركات وإلغاء مئات الرحلات

طيران الخليج
كتب بواسطة: فائزة بشير | نشر في  twitter

شهد الشرق الأوسط مساء الإثنين 23 يونيو 2025 تطوراً دراماتيكياً، حين بلغت التوترات العسكرية بين إيران والولايات المتحدة نقطة الغليان، ما انعكس بشكل مباشر ومفاجئ على قطاع الطيران المدني في المنطقة، ففي تمام الساعة السابعة مساءً بتوقيت الخليج، بدأ عدد من الدول الخليجية بإغلاق مجالها الجوي، لتدخل المنطقة في واحدة من أكثر الليالي اضطراباً في تاريخها الملاحي.

وسرعان ما أعلنت كل من قطر، والإمارات، والبحرين، والكويت عن تعليق حركة الطيران، بالتزامن مع تصاعد التصريحات والتكهنات حول احتمالات تصعيد عسكري قد يشمل ضربات جوية أو تحركات بحرية واسعة في مضيق هرمز، الذي يُعد شرياناً حيوياً للطاقة والنقل الجوي والبحري.


إقرأ ايضاً:النصر يحسم الجدل: سيماكان باقٍ رغم العروض الإيطاليةرغم رغبة مورينيو، فنربخشة يغيّر خططه ويتراجع عن ضم نجم الهلال

بيانات موقع Flightradar24 العالمي لتتبع الرحلات الجوية كشفت أن ثمانية مطارات رئيسية توقفت عن العمل بشكل مفاجئ، ما أدى إلى فوضى لحظية في حركة الملاحة الجوية، خاصة للرحلات التي كانت تحلّق بالفعل في سماء المنطقة وقت صدور الأوامر، واضطرت إما للعودة أو التحويل إلى مطارات بديلة.

وأظهرت الإحصاءات الأولية أن أكثر من 243 رحلة جوية دولية أُلغيت خلال الساعات الست الأولى فقط من الأزمة، فيما تحوّلت مئات الرحلات الأخرى إلى مطارات بديلة في سلطنة عُمان، والهند، والسعودية، حيث استقبل مطارا مسقط ومومباي العدد الأكبر من الطائرات المحوّلة.

في مطار دبي الدولي، أحد أكثر مطارات العالم ازدحاماً، تم تسجيل إلغاء ما يزيد على 26 رحلة، في حين علّقت شركة "إير إنديا" 25 رحلة كانت متجهة إلى دبي خلال يوم الإثنين فقط، مما تسبب في أزمة تنسيق للركاب وشركات الطيران على حد سواء.

اللافت أن أكثر من 40 شركة طيران حول العالم سارعت إلى إعلان تعليق مؤقت لرحلاتها نحو منطقة الخليج، خوفاً من تدهور الأوضاع، من بين هذه الشركات الخطوط الجوية الإماراتية، وطيران الاتحاد، والخطوط الجوية القطرية، إضافة إلى شركات عالمية مثل مصر للطيران، الخطوط التركية، البريطانية، السنغافورية، وفايناير.

واتخذت بعض الشركات إجراءات استثنائية غير معهودة، حيث عمدت شركات مثل "إنديجو" و"إير إنديا" إلى تحويل مسارات طائراتها إلى مطارات بعيدة عن التوتر، منها أبها ومسقط ومومباي، تجنباً لأي مخاطر غير محسوبة، كما أغلقت شركتا "قنتاس" و"فيرجين" مكاتبها مؤقتاً في مطاري الدوحة وأبوظبي.

عاشت المطارات الخليجية ليلة مليئة بالضغط، حيث سادت حالة من القلق والترقب بين المسافرين والموظفين، وتكررت مشاهد طوابير الاستعلامات، ومحاولات إعادة جدولة الرحلات، في ظل غياب المعلومات المؤكدة بشأن موعد إعادة فتح الأجواء.

ومع حلول صباح الثلاثاء 24 يونيو، بدأت بعض الدول الخليجية بإعادة فتح مجالها الجوي تدريجياً، فكانت قطر أول من أعلن عن ذلك عند الساعة الثالثة فجراً، وتبعتها الإمارات والبحرين والكويت في الساعات اللاحقة، وسط ترتيبات معقّدة لإعادة تسيير الرحلات المتراكمة.

مطارا دبي والدوحة أصدرا بيانين منفصلين أكدا فيهما بدء تنفيذ خطة طوارئ متكاملة لتقليل الآثار المترتبة على الإغلاق المؤقت، من خلال نشر فرق دعم إضافية في صالات السفر، وتوفير خطوط مباشرة للمسافرين من أجل إعادة الحجز واسترجاع التذاكر وإعادة التسكين في الفنادق.

ودعت سلطات الطيران المدني في الخليج المسافرين إلى التواصل المباشر مع شركات الطيران قبل التوجه إلى المطارات، مشددة على ضرورة مراجعة تحديثات الرحلات والحجوزات، خاصة بعد أن تجاوز عدد الركاب المتأثرين بعشرات الآلاف في أقل من 12 ساعة.

ورغم قصر مدة الإغلاق – لم تتجاوز عشر ساعات – إلا أن تداعياته كانت كبيرة بما يكفي لإعادة رسم خريطة الملاحة الجوية في المنطقة بشكل مؤقت، والتذكير مجدداً بأن الاستقرار السياسي هو حجر الأساس لأي حركة اقتصادية أو سياحية.

ورأى مراقبون أن هذا الحدث يعد من أقوى المؤشرات على مدى هشاشة البنية اللوجستية في وجه المتغيرات السياسية والعسكرية، خصوصاً في منطقة تتقاطع فيها المصالح الدولية وتُستخدم كمحور أساسي في حركة الطيران بين آسيا وأوروبا.

واعتبر خبراء الطيران أن الأزمة كشفت عن مدى اعتماد شركات النقل الجوي على المرور الآمن عبر الخليج، وهو ما دفع شركات عدة إلى التفكير بجدية في وضع خطط بديلة طويلة الأمد، تشمل تعديل المسارات واللجوء إلى ممرات جوية جديدة قد تكون أطول لكن أكثر أماناً.

ويبقى السؤال مطروحاً حول ما إذا كانت شركات الطيران العالمية ستُعيد النظر في خططها التشغيلية في المنطقة، أم أن عودة الهدوء النسبي ستعيد الأمور إلى نصابها السابق، في انتظار أي مستجد سياسي قد يُشعل فتيل أزمة جديدة في سماء المنطقة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook