لتعزيز "مرونته المالية".. صندوق الاستثمارات العامة يطلق "أداة تمويلية" جديدة لأول مرة في تاريخه

في خطوة استراتيجية تعكس تطور أدواته المالية وتوسع نشاطه في الأسواق العالمية، أعلن صندوق الاستثمارات العامة عن تأسيس أول برنامج عالمي للأوراق التجارية، ليضيف بذلك أداة تمويلية جديدة إلى منظومته الشاملة، في إطار استراتيجيته الرامية إلى تنويع مصادر التمويل وتعزيز المرونة المالية على المدى القصير والطويل.
ويأتي هذا البرنامج الجديد في وقت تتزايد فيه أهمية الأدوات المالية المرنة في تمكين الصندوق من تحقيق أهدافه الاستثمارية الطموحة.
إقرأ ايضاً:أيام البليهي في الهلال تقترب من نهايتها.. تصريحات نارية تكشف الغموض!140 كجم قات و7 مهربين في قبضة أمن جازان
ويتيح البرنامج الجديد لصندوق الاستثمارات العامة إصدار أوراق تجارية قصيرة الأجل من خلال شركات ذات أغراض خاصة يتم تأسيسها خارج المملكة، مما يمنح الصندوق قدرة أكبر على الوصول إلى أسواق المال الدولية والاستفادة من تنوعها، ويعزز من حضوره كمصدر موثوق للتمويل في الأسواق العالمية.
ويتكون البرنامج من شقين فرعيين، الأول أمريكي والثاني أوروبي، مما يضمن تغطية جغرافية واسعة تعكس طموحات الصندوق التوسعية.
وحصل برنامج الأوراق التجارية للصندوق على أعلى التصنيفات الائتمانية ضمن فئته، إذ منحت وكالة موديز البرنامج تصنيف "P-1"، فيما منحت وكالة فيتش تصنيف "F1+"، مما يعكس القوة الائتمانية للصندوق وثقة المؤسسات المالية الدولية في قدرته على الوفاء بالتزاماته المالية قصيرة الأجل، ويؤكد هذا التصنيف المتقدم المكانة المالية المرموقة التي يحتلها الصندوق بين المؤسسات الاستثمارية العالمية.
ويدعم البرنامج الجديد مستويات عالية من المرونة التمويلية، ويسهم في تنويع أدوات إدارة السيولة قصيرة الأجل، ما يتيح للصندوق مواكبة التغيرات السريعة في الأسواق العالمية، ويكمل في الوقت ذاته جهوده التمويلية طويلة الأجل، ويعد اعتماد الأوراق التجارية ممارسة شائعة في أسواق المال الكبرى، إذ توفر للمؤسسات قدرة فورية على تأمين السيولة بشروط تنافسية.
ومن جهته، أوضح فهد السيف، رئيس الإدارة العامة للتمويل الاستثماري العالمي، ورئيس الإدارة العامة لاستراتيجية الاستثمار والدراسات الاقتصادية في صندوق الاستثمارات العامة، أن إطلاق هذا البرنامج يعكس التزام الصندوق بتنفيذ استراتيجية تمويل مرنة وفعالة، تتماشى مع أولوياته الاستثمارية بعيدة المدى، وأضاف أن البرنامج الجديد يمثل امتدادًا طبيعيًا للمسار الذي انتهجه الصندوق خلال السنوات الأخيرة من خلال تنويع أدواته التمويلية.
وتشمل استراتيجية الصندوق التمويلية متوسطة الأجل مجموعة متنوعة من الأدوات مثل الصكوك والسندات والقروض، وهي أدوات أثبتت فاعليتها في دعم أهداف الصندوق وتحقيق معدلات نمو متسارعة في حجم أصوله واستثماراته المحلية والدولية.
وتتيح هذه الاستراتيجية مرونة عالية في هيكلة التمويل، وتوفر للصندوق القدرة على التفاعل السريع مع المتغيرات المالية والاقتصادية العالمية.
وكان الصندوق قد أصدر في أكتوبر 2022 أول سندات خضراء من نوعها بين الصناديق السيادية العالمية، في مبادرة نوعية شملت إصدار سندات تستحق بعد مئة عام، مما يدل على التزامه بالاستدامة المالية والبيئية على حد سواء.
وفي وقت لاحق، أعلن الصندوق عن تسعير طرحه الأول من الصكوك الدولية بقيمة 3.5 مليارات دولار، مما يعزز من تنوع قاعدة المستثمرين الذين يثقون بقوة المركز المالي للصندوق.
ويحمل صندوق الاستثمارات العامة تصنيفًا ائتمانيًا عند مستوى "Aa3" من وكالة موديز، مع نظرة مستقبلية مستقرة، إلى جانب تصنيف "A+" من وكالة فيتش بنفس النظرة، وهي مؤشرات تعكس صلابة الجدارة الائتمانية للصندوق، وقدرته على الالتزام المالي في ظل مختلف الظروف الاقتصادية، وتُعد هذه التصنيفات من بين الأعلى بين المؤسسات الاستثمارية السيادية على مستوى العالم.
وتأتي هذه الخطوات ضمن مساعي الصندوق لتعزيز دوره الريادي كمحرك رئيسي للتحول الاقتصادي في المملكة، تماشيًا مع رؤية السعودية 2030، حيث يعمل الصندوق على تنمية أصوله وتنويع استثماراته بما يعزز الناتج المحلي الإجمالي ويوفر فرص العمل ويدعم القطاعات الواعدة.
ويُعتبر الصندوق اليوم أحد أبرز المستثمرين عالمياً، حيث يملك استثمارات في قطاعات تشمل التقنية، الطاقة، البنية التحتية، السياحة، والترفيه.
ويمثل إطلاق البرنامج الجديد جزءًا من استراتيجية أوسع تهدف إلى ترسيخ مكانة الصندوق في الأسواق المالية العالمية، وتحقيق كفاءة أكبر في إدارة الموارد المالية، من خلال الجمع بين التمويل التقليدي والمبتكر.
ومن المتوقع أن يسهم هذا البرنامج في تعزيز قدرة الصندوق على التفاعل مع احتياجات الأسواق المتغيرة، ومواصلة دعم المشاريع التنموية الكبرى داخل المملكة وخارجها.
ويُنتظر أن يكون لبرنامج الأوراق التجارية تأثير إيجابي مباشر على قدرة الصندوق في إدارة السيولة، بما يتيح له الحفاظ على مستوى عالٍ من الجاهزية التمويلية، دون التأثير على الالتزامات طويلة الأجل.
ويمثل ذلك تقدمًا مهمًا في إدارة المحافظ المالية السيادية، ويمنح الصندوق مرونة في تنفيذ استثمارات استراتيجية بسرعة وفعالية.
وتؤكد هذه المبادرة أن صندوق الاستثمارات العامة لا يكتفي بلعب دور تقليدي كمصدر استثماري، بل يتبنى نهجًا ديناميكيًا وشاملًا لإدارة الموارد والفرص المالية، بما يواكب المتغيرات في الأسواق العالمية، ويعزز من قدرة المملكة على تحقيق أهدافها الاقتصادية والتنموية.
ويبدو أن هذه الخطوة ليست سوى بداية لمزيد من التحركات في مجال التمويل المبتكر خلال الفترة المقبلة.