تحالف "سعودي-صيني" تاريخي.. كيف ستغير هذه الشراكة الجديدة خريطة الشحن الجوي في آسيا والعالم؟

في مشهد يعكس الطموحات السعودية المتسارعة نحو العالمية، أعلنت شركة الخطوط السعودية للشحن عن ولادة كيان جديد يحمل اسم «السعودية للشحن العالمية»، جاء تتويجًا لعلاقة استراتيجية طويلة مع مجموعة «تام» الصينية، وقد اختيرت هونغ كونغ، القلب النابض للتجارة الآسيوية، مقرًا لهذه الانطلاقة الجديدة.
التدشين الرسمي لهذا المشروع الحيوي حظي بحضور رفيع المستوى ضم ممثلين دبلوماسيين وتجاريين من الجانبين السعودي والصيني، في إشارة واضحة إلى حجم الرهان على هذا التعاون، ومدى عمقه المتجذر منذ أكثر من ثلاثة عقود.
إقرأ ايضاً:15 مليون يورو تضع أسطورة البرازيل على أعتاب دوري روشنملف التجديد يشعل الميركاتو.. الهلال يترقب رد الثنائي على عرض التجديد
يأتي هذا الإعلان ليترجم توجه «السعودية للشحن» نحو التوسع المدروس، إذ تسعى الشركة إلى تأكيد حضورها في السوق الصينية من خلال تقديم حلول متكاملة تعزز من تدفق البضائع بين الشرق الأوسط وآسيا وتعيد رسم خطوط الإمداد العالمية.
الخطوة لا تقتصر على تعزيز القدرات التشغيلية، بل تعكس الرغبة في التمركز في واحدة من أكثر البيئات اللوجستية تطورًا، حيث تلتقي الخبرة السعودية بشبكات «تام» المحلية لخلق نموذج لوجستي جديد مرن وسريع.
الرئيس التنفيذي لشركة السعودية للشحن، المهندس لؤي مشعبي، وصف هذه الشراكة بأنها تمثل منعطفًا تاريخيًا في استراتيجية التوسع العالمي، مؤكداً التزام الشركة العميق بالسوق الصينية، وسعيها الدائم نحو الريادة.
مشعبي أشار إلى أن الشركة الجديدة ستعمل من خلال خمسة مراكز شحن متخصصة، بما يعزز مرونة الخدمات ويرفع من كفاءة التجارة الثنائية بين الرياض وبكين، مشددًا على أن ما يحدث اليوم هو ترجمة واقعية لأهداف رؤية السعودية 2030.
من جانبه، عبّر الدكتور تام وينغ كون، رئيس مجلس إدارة مجموعة «تام»، عن اعتزازه بتوسيع نطاق الشراكة مع الجانب السعودي، مشيرًا إلى أن هذا المشروع هو ثمرة سنوات طويلة من العمل المشترك والتفاهم العميق بين الجانبين.
وأكد تام أن السوق الصينية تعيش تحولات متسارعة، الأمر الذي يجعل من هذه الشراكة أداة فعالة للاستجابة الذكية لتحديات قطاع الشحن الجوي، خاصة مع تمركز المشروع في موقع استراتيجي مثل هونغ كونغ.
وتستهدف «السعودية للشحن العالمية» تقديم باقة من الخدمات المصممة خصيصًا لاحتياجات الصين، من رحلات شحن عالية الكفاءة، إلى حلول التجارة الإلكترونية المتقدمة، وحتى الخدمات الدوائية التي تتوافق مع المعايير التنظيمية الدولية.
وفيما تتولى «تام» إدارة العمليات محليًا، تبقى الرؤية التشغيلية منسجمة تمامًا مع المعايير المؤسسية للسعودية للشحن، بما يضمن تقديم خدمة موثوقة سريعة الاستجابة، قادرة على المنافسة في أسواق متسارعة النمو.
وتنطلق الشركة الجديدة تحت شعار يعكس التوازن بين الأصالة والطموح: «ريادة عالمية في مجال الشحن الجوي، أصالة راسخة، ورؤية طموحة»، ما يبرز رغبتها في إعادة تعريف دورها في المشهد اللوجستي العالمي.
هذا التعاون ليس مجرد مشروع تجاري، بل امتداد لمسار تحولي تقوده السعودية نحو بناء شبكة عالمية متكاملة، ترتكز على الابتكار والتحول المؤسسي، وتتماهى مع شعار «حياة بلا توقف» الذي تتبناه الشركة الأم.
الاستراتيجية السعودية واضحة: تمكين القطاع اللوجستي ليكون أحد محركات النمو الاقتصادي، وتقليص الاعتماد على النفط من خلال رفع مساهمة التجارة والخدمات في الناتج المحلي، مستثمرة في شراكات ذكية وقارات متعددة.
ويُنتظر أن يكون هذا المشروع بمثابة منصة انطلاق لمزيد من التوسع نحو أسواق جديدة، بما في ذلك أوروبا وأمريكا، استنادًا إلى تجربة هونغ كونغ كنموذج أولي لنجاح التحالفات الدولية المدروسة.
ولعل ما يميز هذه الشراكة هو أنها لا ترتكز فقط على المصالح التجارية، بل تنبع من فهم عميق للاختلافات الثقافية، واستثمار طويل الأمد في بناء الثقة، ما يجعل منها مثالًا يحتذى في التعاون العابر للحدود.