"نقلة نوعية" في قطاع النقل.. توقيع عقود تاريخية ستعيد رسم خريطة الخدمات اللوجستية في المملكة

شهدت المملكة اليوم توقيعًا استثنائيًا لعقود تخصيص محطات البضائع متعددة الأغراض في ثمانية موانئ سعودية، ضمن صفقة استثمارية ضخمة من القطاع الخاص تجاوزت 2.2 مليار ريال، لتفتح الباب أمام فصل جديد من التمكين اللوجستي والنمو الاقتصادي المتسارع.
المراسم التي احتضنتها الهيئة العامة للموانئ "موانئ" تمّت بالتعاون مع المركز الوطني للتخصيص، وجمعت بين شركتي "السعودية العالمية للموانئ" و"محطة بوابة البحر الأحمر"، وذلك ضمن نموذج البناء والتشغيل والنقل (BOT) الممتد لعشرين عامًا.
إقرأ ايضاً:وداعاً لنجوم السيتي؟ قائمة صادمة من 17 لاعبًا مهددة بالخروج من قلعة جوارديولا الصيفيةالحرب تنتقل إلى الفضاء: أمازون تتحدى ايلون ماسك ومشاريعه
جاء التوقيع بحضور وزير النقل والخدمات اللوجستية، المهندس صالح بن ناصر الجاسر، الذي يرأس مجلس إدارة الهيئة، إلى جانب نخبة من كبار المسؤولين، والرؤساء التنفيذيين للشركات الاستثمارية المعنية، وسط اهتمام بالغ من الأوساط الاقتصادية.
وأكد الجاسر في كلمته أن هذه الخطوة تمثل انعكاسًا مباشرًا للثقة الكبيرة التي باتت تحظى بها الموانئ السعودية، مشيرًا إلى أن دعم القيادة الرشيدة أسهم في تحقيق قفزات غير مسبوقة على مستوى الكفاءة التشغيلية والتصنيفات العالمية.
وأضاف أن القطاع اللوجستي في المملكة يشهد اليوم تحولًا نوعيًا، وأصبح محطة جذب للاستثمارات الوطنية والدولية، بفضل البيئة التنافسية والتسهيلات التنظيمية التي تعزز من مكانة السعودية كمركز تجاري عالمي محوري.
من جهته، شدد مهند باسودان، الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للتخصيص، على أهمية هذه العقود باعتبارها نموذجًا عمليًا لتمكين القطاع الخاص، وتفعيل دوره في تطوير البنية التحتية وتعزيز كفاءة الخدمات البحرية واللوجستية.
وأشار إلى أن المملكة تمضي بثقة نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030 في قطاع النقل، من خلال فتح المجال أمام الشراكات المستدامة، وتحويل الموانئ إلى محركات اقتصادية تدعم الناتج المحلي وتوفر فرص عمل نوعية للمواطنين.
وبحسب تفاصيل العقود، ستتولى "الشركة السعودية العالمية للموانئ" تشغيل المحطات متعددة الأغراض في موانئ الساحل الشرقي، بينما ستدير "محطة بوابة البحر الأحمر" المحطات الواقعة على الساحل الغربي، ضمن خطة توزيع إستراتيجية.
وتتضمن الأعمال التشغيلية تطوير المعدات والأنظمة، وتحسين زمن دوران السفن والشاحنات، ورفع كفاءة سلاسل الإمداد، ما من شأنه تقليل التكاليف وتعزيز مستويات الخدمة وفقًا للمعايير العالمية المعتمدة.
كما تستهدف هذه الخطوة رفع الطاقة الاستيعابية للموانئ، وتعزيز القدرة التشغيلية لاستيعاب النمو المتوقع في حجم التجارة العابرة والداخلية، خاصة مع تنامي الطلب على الخدمات اللوجستية إقليميًا وعالميًا.
وكانت اللجنة الإشرافية للتخصيص في قطاع النقل قد منحت موافقتها النهائية على هذه العقود، بعد مراجعة شاملة لمتطلبات المشروع ومؤشرات الجدوى الاقتصادية والاستدامة التشغيلية طويلة المدى.
ويمثل توقيع هذه العقود تتويجًا لجهود مستمرة امتدت لأشهر، شهدت مراحل دقيقة من الدراسة والتخطيط، لضمان مواءمة المشروع مع تطلعات المملكة المستقبلية ومكانتها الريادية في قطاع النقل البحري.
وتعكس الشراكات القائمة مع شركات وطنية وعالمية الرغبة الجادة في الاستفادة من الخبرات الدولية، ونقل المعرفة الفنية والإدارية، وتحقيق أقصى استفادة من التجارب الناجحة في إدارة الموانئ وتطويرها.
ويُعد الاستثمار في المحطات متعددة الأغراض نقلة نوعية من حيث تنوع الأنشطة، حيث تشمل البضائع العامة والحاويات والبضائع السائبة، ما يعزز من مرونة الموانئ وقدرتها على التكيف مع متغيرات السوق.
ويرى محللون اقتصاديون أن هذه الخطوة تمثل جزءًا من سياسة اقتصادية شاملة تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط، من خلال تعزيز قطاع الخدمات اللوجستية وتحويل الموانئ إلى أصول اقتصادية ذات عوائد مستقرة ومتنامية.
كما تسهم هذه المبادرة في توسيع قاعدة المشاركة في التنمية، وتوفير بيئة محفزة للمستثمرين، بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية في إدارة وتشغيل المرافق العامة الحيوية.
ومن المتوقع أن تسهم العقود الجديدة في تحسين ترتيب المملكة في مؤشرات الأداء اللوجستي، وجذب مزيد من الشحنات الدولية، بما يرفع من تنافسية الموانئ السعودية في منطقة الشرق الأوسط والعالم.