لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يفك شفرة شيخوخة الدماغ ويكشف عن أهم 4 عوامل لا نعرفها!

في تطور جديد يربط بين التقنية والعلوم العصبية، كشفت دراسة حديثة عن قدرة الذكاء الاصطناعي على تحديد أبرز العوامل المؤثرة في صحة الدماغ مع التقدم في العمر، الدراسة، التي أجريت في جامعة إلينوي الأميركية.
استعانت بخوارزميات تعلم آلي لتحليل بيانات مئات الأشخاص البالغين، ما أتاح للباحثين رصد العلاقات الخفية بين المؤشرات الصحية والسلوكيات اليومية والأداء المعرفي.
إقرأ ايضاً:الحرب تنتقل إلى الفضاء: أمازون تتحدى ايلون ماسك ومشاريعهاعتماد جديد لـ13 مركزًا صحيًا في جازان.. قفزة نوعية نحو رعاية أولية عالمية
اعتمد الباحثون على بيانات شملت 374 شخصًا، تتراوح أعمارهم بين 19 و82 عامًا، وجمعت المعلومات حول العمر، وضغط الدم، ومؤشر كتلة الجسم، إضافة إلى النشاط البدني والنظام الغذائي، وأُخضع المشاركون لاختبار عصبي يُعرف باختبار "المشتتات"، يقيس مدى قدرة الدماغ على التركيز واستبعاد المؤثرات الخارجية.
وكان الهدف هو معرفة العوامل التي تؤثر بوضوح في أداء الدماغ أثناء الاختبارات التي تتطلب تركيزًا عاليًا وسرعة في الاستجابة، وهنا برز دور الذكاء الاصطناعي، حيث ساعدت الخوارزميات في فحص تداخل المتغيرات وتحديد الأكثر تأثيرًا من بينها بدقة تتجاوز ما تتيحه الأساليب التقليدية.
النتائج كانت مفاجئة في بعض جوانبها، إذ ظهر أن العوامل الأكثر تأثيرًا في صحة الدماغ ليست النظام الغذائي أو ممارسة الرياضة كما هو شائع، بل العمر أولًا، ثم ضغط الدم الانبساطي، ويليه مؤشر كتلة الجسم، وأخيرًا ضغط الدم الانقباضي.
وبينما أظهرت الحمية الصحية والنشاط البدني تأثيرًا إيجابيًا في الأداء الإدراكي، فإن هذا التأثير كان أقل بكثير مقارنة بتأثير العوامل الفسيولوجية، وهو ما يتعارض جزئيًا مع ما ذهبت إليه دراسات سابقة كانت تعتبر الغذاء وممارسة الرياضة حجر الزاوية في دعم صحة الدماغ.
اللافت أن الدراسة لم تتجاهل أهمية تلك العوامل تمامًا، بل أوضحت أنها تلعب دورًا تكميليًا في التخفيف من آثار بعض العوامل السلبية مثل السمنة وارتفاع ضغط الدم، بمعنى أنها ليست الأساس، لكنها قد تُعدّل من آثار العوامل الأهم.
البروفيسور Naiman Khan، قائد الفريق البحثي، أكد أن استخدام الذكاء الاصطناعي منحهم رؤية أوضح للعلاقات المعقدة بين المتغيرات الصحية المختلفة، وأوضح أن الخوارزميات أتاحت فحص النماذج دون تحيّز، ومن ثم تحديد مدى قوة ارتباط كل عامل بالأداء المعرفي.
وأشار Khan إلى أن استخدام أدوات مثل خوارزميات التعلم الآلي يمثل نقلة نوعية في علم التغذية العصبية، حيث يمكن الآن تصميم تدخلات صحية دقيقة ومُخصصة لكل فرد وفقًا لتركيبته البيولوجية وسجله الصحي، وهي خطوة ضرورية في ظل تزايد مخاطر التدهور المعرفي مع تقدم السكان في السن.
الدراسة أوضحت كذلك أن النظام الغذائي الصحي، خصوصًا الغني بأوميغا-3 ومضادات الأكسدة، له تأثير إيجابي بالفعل، لكن ليس بالقدر الذي تم تصوّره سابقًا، التأثير موجود لكنه لا يُصنّف كعامل رئيسي عند مقارنته بالعمر أو ضغط الدم أو السمنة.
كما أوضحت النتائج أن النشاط البدني له أثر متوسط في تحسين صحة الدماغ، ما يعني أنه ليس عديم الفائدة، لكنه ليس العامل الأول في المعادلة، ورغم ذلك، فإن دمجه مع نظام غذائي صحي قد يساعد في الحد من بعض التأثيرات السلبية المرتبطة بالعوامل الأخرى.
وتقدّم الدراسة مثالًا واقعيًا على كيفية تفعيل الذكاء الاصطناعي في الأبحاث الطبية، من خلال توظيفه لرصد الأنماط الدقيقة غير الظاهرة بالعين المجردة، وهي تؤكد أن هذه الأدوات ليست فقط لأغراض صناعية أو تجارية، بل تمثل أداة واعدة لفهم أكثر عمقًا لجسم الإنسان.
الأهم في هذا البحث، أن استخدام الذكاء الاصطناعي لم يكن هدفًا في حد ذاته، بل وسيلة لتعزيز فهمنا للعوامل التي تحافظ على قوة الدماغ مع التقدم في السن، وهو ما يفتح آفاقًا جديدة لتطوير برامج وقائية وعلاجية شخصية.
ويبدو أن هذا التوجه الجديد في الأبحاث الطبية سيعيد تشكيل الأولويات الصحية للأفراد، فبدلًا من التركيز فقط على نمط الحياة، فإن مراقبة المؤشرات البيولوجية مثل ضغط الدم ومؤشر الكتلة ستصبح أكثر أهمية في الحفاظ على اللياقة الذهنية.
الباحثون أوصوا بضرورة اعتماد هذا النوع من التحليل المدعوم بالذكاء الاصطناعي في الدراسات المستقبلية، خاصة تلك التي تتناول قضايا الشيخوخة والوقاية من الخرف والأمراض العصبية، فالفهم الدقيق للتأثيرات المتداخلة للعوامل المختلفة قد يكون هو المفتاح لبناء أدمغة أقوى وأعمار عقلية أطول.