لهذا السبب .. شركات طيران تخفّض أسعار التذاكر وسط موجة إلغاءات مفاجئة

في ظل تصاعد الأحداث الأمنية في المنطقة، شهد قطاع السفر والسياحة موجة غير مسبوقة من الإلغاءات لحجوزات السفر الخارجية، نتيجة القلق المتزايد من تصاعد التوتر بين بعض دول الإقليم، خاصة بعد التبادل الأخير للضربات بين إيران وإسرائيل، ما دفع العديد من المسافرين المحتملين إلى إعادة النظر في خططهم للسفر خلال إجازة الصيف.
وأكد عاملون في وكالات السفر أن الأيام الأخيرة شهدت تدفقًا ملحوظًا من الاتصالات والاستفسارات من قبل العملاء، حول إمكانية تأجيل أو إلغاء الرحلات المقررة إلى الخارج، حيث أعرب الكثير منهم عن خشيتهم من تطورات محتملة قد تؤثر على سلامة رحلاتهم أو استقرار الأوضاع في وجهاتهم السياحية.
إقرأ ايضاً:قرار استثنائي.. النيابة العامة تؤكد الإعفاء التام من العقوبة في هذه الحالة!نداء هام لجميع المعتمرين القادمين.. "الجوازات" تشدد على هذا الشرط الأساسي قبل الوصول
وقال أحمد اليافعي، وهو موظف في إحدى وكالات السفر، إن الحركة بدأت تتباطأ بشكل ملحوظ منذ منتصف الأسبوع الماضي، لكن مع حلول يوم الأحد الماضي، تزايدت الطلبات بشكل حاد لإلغاء الرحلات، مشيرًا إلى أن بعض العملاء ألغوا رحلاتهم بشكل كامل، رغم تأكيد الوكالات أن المسارات الجوية قد تم تعديلها لتجنب المناطق المتوترة.
وأوضح اليافعي أن شركات الطيران تعاملت مع المستجدات الأمنية بتغيير مسارات بعض الرحلات وتجنب المرور فوق الأجواء المحاذية للمناطق المتأثرة، مما أدى إلى زيادة زمن بعض الرحلات بواقع ساعة إلى ساعتين، لكن ذلك لم يكن كافيًا لطمأنة كثير من المسافرين الذين فضّلوا التراجع عن فكرة السفر بشكل مؤقت.
وأشار أنطوان ياسر، موظف آخر في وكالة سياحية، إلى أن الإلغاءات لم تقتصر على من لم يسافر بعد، بل شملت أيضًا مسافرين كانوا قد غادروا إلى وجهاتهم بالفعل، إذ بادر عدد منهم بالاتصال بطلب تقديم موعد العودة، في حين ألغى آخرون حجوزاتهم بالكامل رغم اقتراب موعد السفر.
وبيّن أن من بين الفئات الأكثر تضررًا من الإرباك الحاصل، أولئك الذين كانوا يعتزمون السفر بعد انتهاء الاختبارات المدرسية أو في عطلة نهاية الأسبوع، حيث قرر كثير منهم الانتظار إلى حين وضوح الأوضاع الجيوسياسية بشكل أكبر، مما أدى إلى انخفاض مفاجئ في الحجوزات على عدد من الخطوط الجوية.
ومن جانبه، أكد عدنان فتحي، أحد العاملين في وكالة سفر، أن معظم الطلبات التي وردتهم مؤخرًا تمحورت حول الإلغاء الكامل واستعادة مبالغ الحجز، في حين اكتفى البعض بطلب تأجيل الرحلات إلى مواعيد لاحقة، مرجحين أن تكون عودتهم للتخطيط للسفر مرتبطة بتحسّن الظروف الأمنية.
وفي المقابل، لم تُعلن شركات الطيران عن أرقام محددة لحالات الإلغاء، إلا أن رصدًا ميدانيًا أظهر تراجعًا كبيرًا في الطلب على الرحلات الخارجية، مما انعكس بوضوح على أسعار التذاكر، إذ تهاوت أسعار بعض الوجهات بشكل لافت، لتبلغ في بعض الحالات نصف السعر السابق.
وأظهر رصد أُجري على أسعار الرحلات أن تكلفة السفر إلى شمال تركيا انخفضت إلى 900 ريال فقط للمسارين، بعد أن كانت تبلغ في السابق أكثر من 2,100 ريال، كما سجلت شركة طيران أخرى انخفاضًا من 2,400 ريال إلى 1,200 ريال، ما يشير إلى تأثر واضح في حركة السوق.
ويُعزى هذا الانخفاض المفاجئ إلى تراجع معدلات الإشغال وتدني الإقبال على الحجز، خاصة مع دخول موسم الصيف الذي يُعد من أكثر فترات السنة ازدحامًا في قطاع السياحة، وهو ما يفرض على شركات الطيران إجراء تخفيضات لمحاولة جذب المسافرين وتعويض الخسائر المحتملة.
ويرى مراقبون أن التوترات الجيوسياسية في المنطقة باتت تؤثر بشكل مباشر على صناعة السفر، خصوصًا في الدول المجاورة لمناطق النزاع أو تلك التي تعتمد على الطيران فوق مناطق متوترة، الأمر الذي قد يغير من توجهات السياحة خلال الفترة المقبلة.
كما أن المواطنين والمقيمين أصبحوا أكثر حذرًا في اتخاذ قرارات السفر، حيث بات عنصر الأمان يشكل أولوية قصوى، مقارنة بالإغراءات التقليدية كالعروض والتخفيضات، مما يتطلب من شركات الطيران والجهات السياحية مراجعة سياساتها وإعادة بناء الثقة مع العملاء.
وتُعد هذه الموجة من الإلغاءات الأكبر منذ سنوات في منطقة الخليج، خاصة أن توقيتها يتزامن مع موسم العطلات، ما دفع وكالات السفر إلى إعادة تقييم برامجها، وتأجيل بعض رحلات المجموعات السياحية التي كانت موجهة نحو وجهات قريبة من بؤر التوتر الإقليمي.
وفي ظل غياب أي مؤشرات قريبة على تهدئة التوترات، تبقى الأنظار متجهة إلى تطورات الأوضاع الأمنية، باعتبارها العامل الأهم في تحديد مستقبل الحركة السياحية هذا الصيف، سواء من حيث الإقبال أو أسعار التذاكر أو الوجهات المفضلة للمسافرين.
ويدعو خبراء في مجال الطيران إلى أهمية تنويع المسارات وخطط الطوارئ لدى شركات النقل الجوي، للتعامل بمرونة أكبر مع التقلبات الجيوسياسية، وضمان استمرار الخدمة دون تعطيل، مع الالتزام بإبلاغ الركاب بأي تغييرات محتملة قد تؤثر على رحلاتهم.
وفي ظل الأوضاع الراهنة، يُرجّح أن تستفيد الوجهات الداخلية والسياحة المحلية من هذا التراجع في السفر الخارجي، حيث يتجه بعض المواطنين إلى قضاء إجازاتهم داخل المملكة، مستفيدين من تطور المرافق السياحية وتحسّن مستوى الخدمات في مختلف المناطق.
ويُتوقع أن تستمر حالة الترقب لدى المسافرين خلال الأسابيع المقبلة، وسط مخاوف من تفاقم الوضع، مما ينعكس على قرارات السفر، ويعيد تشكيل خريطة السياحة مؤقتًا في دول الخليج، حتى اتضاح الرؤية بشأن المسار الذي ستتخذه الأزمة الإقليمية الحالية.