مخالفات بيئية جسيمة في تبوك .. ماذا حدث وما القرارات التي اتخذها الأمن البيئي؟

مخالفات بيئية جسيمة في تبوك .. ماذا حدث وما القرارات التي اتخذها الأمن البيئي؟
كتب بواسطة: فائزة بشير | نشر في  twitter

في خطوة تؤكد استمرار الجهات المختصة في المملكة العربية السعودية بتكثيف رقابتها على المخالفات البيئية، أعلنت القوات الخاصة للأمن والحماية عن ضبط 11 مقيمًا من جنسيات مختلفة، لقيامهم باستغلال غير مشروع للرواسب الطبيعية في منطقة تبوك، مما يُعد مخالفة صريحة لنظام البيئة في المملكة.

وتأتي هذه العملية ضمن جهود متواصلة تهدف إلى حماية المكونات البيئية والحفاظ على التوازن الطبيعي في المناطق التي تتعرض لانتهاكات متكررة.


إقرأ ايضاً:احذروا الطريق اليوم.. الأرصاد تحذر من رياح وأتربة وأمطار تضرب بعد المناطق والأخرى تصيبها الحرارة.. فما هي تلك قرار فني حاسم يُبعد نجم إيفرتون عن الملاعب السعودية.. "بعد اتفاق كامل"

وبحسب البيان الصادر عن القوات الخاصة، فإن المضبوطين كانوا يستخدمون 11 معدة ثقيلة تقوم بتجريف التربة ونقل الرمال بطريقة غير نظامية، في مواقع لم تحصل على أي تصاريح مسبقة أو ترخيص من الجهات المعنية، مما دفع الفرق الميدانية إلى التحرك فور تلقيها بلاغات عن الأنشطة المخالفة، وضبطهم في حالة تلبس تام.

وأشار البيان إلى أن الجنسيات التي ينتمي إليها المخالفون شملت اليمنية والباكستانية والهندية، فيما لم يُوضح ما إذا كانت هناك جهة مشغّلة لهم أو أن العمل كان فرديًا، إلا أن طبيعة النشاط وعدد المعدات المستخدمة تشير إلى وجود تنظيم شبه ممنهج لاستغلال الثروات الطبيعية دون رقابة.

وتُعد هذه المخالفة واحدة من أبرز صور التعدي على الموارد البيئية التي تشهدها بعض مناطق المملكة، حيث يؤدي تجريف التربة واستخراج الرمال إلى أضرار بالغة على البيئة، أبرزها تدهور الأراضي، وتعطيل النظام البيئي المحلي، وتدمير الموائل الطبيعية للكائنات الحية، مما يجعل مثل هذه الأفعال محل متابعة صارمة من قبل الجهات الرقابية.

وبحسب نظام البيئة السعودي، فإن ممارسة أنشطة استغلال الموارد الطبيعية، كالرمال والحصى والرواسب، تتطلب الحصول على تراخيص محددة من الجهات المختصة، وتطبيق شروط فنية صارمة تضمن عدم الإضرار بالتوازن البيئي، وهو ما لم يتقيد به المخالفون، مما يستوجب تطبيق العقوبات المقررة في هذا الشأن.

وأكدت القوات الخاصة للأمن والحماية أنها اتخذت الإجراءات النظامية كافة بحق المخالفين، تمهيدًا لإحالتهم للجهات القضائية المعنية، مشددة في الوقت نفسه على أنها لن تتهاون مع أي ممارسات تهدد سلامة البيئة أو تتجاوز الأنظمة المعمول بها في المملكة.

ويُعد دور القوات الخاصة للأمن والحماية محوريًا في رصد ومتابعة المخالفات البيئية، خصوصًا في المناطق الصحراوية أو الجبلية التي تُستغل أحيانًا بعيدًا عن أعين الرقابة، إذ تعتمد القوات على فرق ميدانية مدربة، مدعومة بتقنيات رقابة حديثة تتيح لها تتبع النشاطات المشبوهة بدقة وكفاءة.

ويأتي هذا الإجراء في إطار حملة أوسع أطلقتها الحكومة السعودية خلال السنوات الماضية، بهدف التصدي لكل ما من شأنه الإضرار بالبيئة، انسجامًا مع رؤية المملكة 2030 التي تولي البيئة والاستدامة أولوية كبرى، وتؤكد على أهمية حماية الموارد الطبيعية للأجيال القادمة، والحد من الاستغلال الجائر للثروات.

كما تحث الجهات المعنية المواطنين والمقيمين على التعاون مع الأجهزة الأمنية، والإبلاغ عن أي مخالفات بيئية يتم رصدها، من خلال قنوات الاتصال المعتمدة، حيث تم تخصيص الرقم 911 في مناطق الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة والمنطقة الشرقية، و999 و996 لبقية مناطق المملكة، لتلقي البلاغات والتعامل معها فورًا.

ويشكل البلاغ المجتمعي أحد أهم أدوات الردع التي تساعد في الحد من هذه التجاوزات، حيث تُعزز من الرقابة المجتمعية، وتمنح الأجهزة المعنية القدرة على التدخل السريع، ومعالجة المخالفات في مهدها، قبل أن تتفاقم آثارها البيئية والاقتصادية.

ويؤكد متخصصون في البيئة أن استمرار مثل هذه الأنشطة دون ترخيص، قد يؤدي إلى نتائج كارثية على المدى البعيد، منها التصحر وفقدان التنوع البيولوجي، وانهيارات أرضية، وتغير في خصائص التربة، مما يتطلب تضافر جهود المجتمع والدولة لضبطها والحد منها.

كما أشاروا إلى أن تجريف التربة واستخراج الرمال يُعد من الأنشطة التي تؤثر سلبًا على المياه الجوفية، وتُضعف الغطاء النباتي في المناطق المجاورة، مما يفاقم من تحديات التغير المناخي، ويؤثر بشكل مباشر على المجتمعات التي تعتمد على هذه الموارد في حياتها اليومية.

وفي ظل التوجهات الجديدة للدولة نحو تطوير التشريعات البيئية، وتحديث آليات الرقابة، فإن ضبط مثل هذه المخالفات يُعد مؤشرًا على تصاعد مستوى الالتزام بالتطبيق العملي، ويُبرِز أهمية مواصلة تطوير القدرات الفنية والبشرية للأجهزة المعنية بهذا المجال.

وتُعد منطقة تبوك واحدة من أبرز المناطق التي تتنوع فيها التضاريس والمكونات الطبيعية، وهو ما يجعلها عرضة للاستغلال العشوائي من قبل البعض، وهو ما دفع الجهات الأمنية إلى تكثيف وجودها ومراقبة الأنشطة الميدانية فيها، منعًا لأي تجاوز قد يُلحق ضررًا بالبيئة المحلية.

وتشير هذه الواقعة إلى أن استغلال الرواسب دون ترخيص ليس مجرد مخالفة إدارية، بل جريمة بيئية تستدعي الردع، لما لها من تبعات جسيمة على المدى الطويل، سواء على التوازن البيئي أو الاقتصاد المحلي، مما يستدعي موقفًا حازمًا في التعامل معها.

ولا تزال الجهات المختصة تُذكّر الجميع بأهمية الالتزام بالأنظمة واللوائح التي تنظم العمل البيئي في المملكة، واحترام الموارد الطبيعية، والتعاون مع الجهات الرسمية في سبيل حماية مقدرات البلاد الطبيعية من العبث أو الاستغلال غير المشروع.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook