برنامج سعودي يحدث تحولًا بيئيا مذهلًا.. إنقاذ سلالة نادرة من الصقور من خطر الانقراض

صقور الوكري
كتب بواسطة: صالح سدير | نشر في  twitter

في خطوة وُصفت بأنها "قفزة نوعية في مسار الاستدامة البيئية"، تمكن نادي الصقور السعودي من تحقيق إنجاز استثنائي بعد نجاحه في رفع أعداد صقور "الوكري" النادرة من زوجين فقط إلى أربعة عشر صقرًا خلال فترة وجيزة، ضمن برنامجه الرائد "هدد" الهادف إلى حماية التنوع الحيوي وصون السلالات الأصيلة في المملكة.

هذا الإنجاز، الذي اعتُبر ثمرة لجهود علمية دقيقة، أعاد الأمل بإحياء واحدة من أندر السلالات التي كانت على شفا الانقراض، حيث أكد المتحدث الرسمي باسم النادي، وليد الطويل، أن صقر "الوكري" يُعد من أكثر الأنواع المهددة بالخطر، وهو رمز للهوية البيئية والثقافية المرتبطة بتراث الصقارة في المملكة.


إقرأ ايضاً:"الغذاء والدواء" تكشف تجاوزات خطيرة في الصيدليات..19 منشأة مخالفة وغرامات تتجاوز 4 ملايين ريال رغم عروض روشن القوية.. اتفاق موناكو يغير مسار "بوغبا" والصفقة تقترب من الحسم

وأشار الطويل إلى أن نادي الصقور السعودي اعتمد خطة شاملة تم تطويرها بعناية، تستند إلى البحوث العلمية والممارسات الدولية المعتمدة، وتهدف إلى ترسيخ مفاهيم الاستدامة وتعزيز التوازن البيئي من خلال إعادة توطين هذه السلالة في موائلها الطبيعية.

وقد حظيت المبادرة بدعم واسع من المهتمين بالبيئة وممارسي الصقارة التقليدية، كونها تمثل نموذجًا فريدًا للتكامل بين الحفاظ على الإرث الثقافي وصون التنوع الحيوي، ما يعكس انسجام المشروع مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في محور البيئة والتنمية المستدامة.

وبيّن الطويل أن النادي لم يكتفِ بتوفير البيئة الآمنة لهذه الصقور النادرة، بل عمل أيضًا على تهيئة الظروف المناسبة لتكاثرها، من خلال استحداث مواكر مشابهة لبيئتها الأصلية، وتوفير رعاية بيطرية ومتابعة دقيقة لضمان نموها بشكل طبيعي وآمن.

كما أوضح أن إشراك المجتمع المحلي في هذا المشروع كان عنصرًا حاسمًا في نجاحه، إذ تم العمل على رفع الوعي العام بأهمية الحفاظ على الصقور النادرة، وتدريب عدد من المواطنين على تقنيات المتابعة والرصد والمراقبة البيئية، ما ساهم في دعم الجهود الميدانية بشكل مباشر.

ويطمح النادي لأن يتحول إلى مركز وطني مرجعي لحماية السلالات النادرة من الصقور، من خلال تبني برامج تطويرية مستقبلية، تستند إلى أحدث ما توصلت إليه تقنيات الإكثار والإطلاق البيئي في العالم، بالتعاون مع جهات محلية ودولية متخصصة.

ويواصل نادي الصقور تنفيذ سلسلة من المبادرات النوعية التي تهدف إلى المحافظة على الصقور المهددة بالانقراض، وإعادة إحياء هواية الصقارة بأساليب تراعي المعايير البيئية والإنسانية، لتكون رافدًا من روافد السياحة الثقافية والبيئية في المملكة.

وتعمل فرق العمل داخل النادي على تطوير منظومة الرصد البيئي باستخدام أجهزة تتبع متقدمة، تُمكّن المختصين من مراقبة حركة الصقور في البراري السعودية، والتأكد من مدى تأقلمها مع البيئة الجديدة، وتحديد التحديات التي قد تواجهها لتجاوزها بسرعة وكفاءة.

وقد لاقت جهود النادي إشادة من منظمات حماية الحياة الفطرية، التي اعتبرت المشروع خطوة رائدة في حماية الأنواع المحلية من الانقراض، خاصة في ظل التهديدات التي تواجه التنوع البيولوجي في مناطق شبه الجزيرة العربية.

ويمثل نجاح "هدد" نقلة نوعية في مفهوم التعامل مع الكائنات المهددة، حيث جمع المشروع بين الرؤية العلمية والعمل الميداني المدروس، مع دمج واضح للعنصر الثقافي والتاريخي الذي تحمله الصقور في ذاكرة الجزيرة العربية.

وتعكس هذه الجهود التزام نادي الصقور السعودي بدوره البيئي والثقافي، ليس فقط على مستوى الحفاظ على الطيور النادرة، بل أيضًا في إعادة تعريف الصقارة بوصفها إرثًا وطنيًا يجب حمايته من التلاشي والتشويه.

كما أن مشروع إعادة توطين "الوكري" يُعد قصة نجاح ملهمة في كيفية تحويل القلق البيئي إلى عمل جماعي يثمر عن نتائج ملموسة، ويعزز الانتماء البيئي والثقافي في آن واحد، خصوصًا لدى الأجيال الجديدة.

ويأمل القائمون على المشروع في استمرار التوسع مستقبلاً، ليشمل أنواعًا أخرى مهددة من الطيور الجارحة، بهدف تحويل المملكة إلى مركز إقليمي رائد في حماية وتكاثر الصقور وسائر الكائنات المهددة بالانقراض.

ومع تصاعد الوعي العالمي بأهمية التنوع البيئي، يبرز "هدد" بوصفه أنموذجًا ملهمًا للتنمية المتوازنة، حيث يمكن للتراث أن يكون منصة للابتكار، وللبيئة أن تكون حاضنة للقيم الأصيلة والرؤى المستقبلية في آنٍ واحد.

وفي ختام هذا الإنجاز، بدا واضحًا أن نادي الصقور السعودي قد أعاد تعريف مفهوم الصقارة، لا كرياضة فحسب، بل كمسؤولية وطنية تجاه البيئة، وتراث حيّ يليق بأن يُحفظ للأجيال المقبلة.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Facebook