هل تعود الدراسة إلى فصلين؟ .. ترقب واسع لقرار وزارة التعليم بشأن تعديل العام الدراسي

يعيش الوسط التعليمي في المملكة العربية السعودية حالة من الترقب والانتظار، مع اقتراب نهاية الفصل الدراسي الثالث للعام 1446 هـ، وذلك على خلفية الحديث المتزايد عن توجه محتمل لتعديل نظام العام الدراسي، وعودة محتملة إلى نظام الفصلين الدراسيين بعد ثلاث سنوات من تطبيق نموذج الفصول الثلاثة الذي أحدث نقلة نوعية في هيكلة التقويم الدراسي.
وتتجه الأنظار نحو وزارة التعليم التي لم تُصدر حتى اللحظة أي بيان رسمي يؤكد أو ينفي نيتها في إجراء تعديل جذري على التقويم الدراسي، مما يعزز حالة الترقب في أوساط المعلمين والطلاب وأولياء الأمور، ويزيد من مساحة التكهنات حول ما سيكون عليه شكل العام الدراسي الجديد 1447 هـ، سواء من حيث المدة الزمنية أو عدد الفصول الدراسية أو حتى طريقة توزيع الإجازات والاختبارات.
إقرأ ايضاً:ضمك يفاجئ الجميع ويعلن مدربه الأوروبي الجديد"الشنيف يفجر المفاجأة"... مقترح بـ10 أجانب يزلزل الشارع الرياضي
وبحسب ما نقلته مصادر مطلعة، فإن الوزارة تدرس فعليًا خيار العودة إلى نظام الفصلين الدراسيين، وذلك بعد دراسة شاملة لنظام الفصول الثلاثة، تتضمن مراجعة نتائج تطبيقه، ومدى انعكاسه على تحصيل الطلاب وجودة العملية التعليمية، ومستوى رضا المعلمين وأولياء الأمور، فضلًا عن مدى انسجام النظام مع الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030.
ويُعد نظام الفصول الثلاثة من أبرز التعديلات التي طالت التعليم في السنوات الأخيرة، حيث أُقر في عام 1443 هـ كجزء من خطة شاملة لإعادة هيكلة النظام التعليمي، وتوزيع العام الدراسي على ثلاثة فصول بدلًا من فصلين، بهدف تقليص فترات الانقطاع الطويلة، وزيادة عدد أيام الدراسة الفعلية، وتحسين نواتج التعلم لدى الطلاب.
ورغم أن تطبيق هذا النظام قوبل في بدايته بمزيج من القبول والتحفظ، إلا أن السنوات الثلاث الماضية شهدت تباينًا في الآراء حول فعاليته، إذ يرى بعض التربويين أنه ساهم في رفع مستوى الالتزام والانضباط الدراسي، بينما يرى آخرون أنه زاد من الإرهاق على الكادر التعليمي وأحدث ضغطًا نفسيًا وزمنيًا على الطلبة.
وتؤكد مصادر قريبة من ملف التعليم أن التوجه نحو التغيير لا يعني بالضرورة فشل النظام الثلاثي، بل يأتي ضمن آليات المراجعة والتقييم الدورية التي تعتمدها الوزارة لتطوير العملية التعليمية، واتخاذ ما يلزم من قرارات تضمن تعزيز الكفاءة وتحقيق التوازن بين مكونات النظام التعليمي.
ويأتي هذا التوجه وسط مطالب متزايدة من بعض أولياء الأمور والمعلمين بضرورة تخفيف العبء الناتج عن تقارب الفصول والاختبارات، معتبرين أن العودة إلى نظام الفصلين قد تُسهم في منح مساحة أكبر للتخطيط التربوي وتنظيم الإجازات والاستعداد النفسي والذهني للطلاب.
وفي المقابل، يرى فريق آخر أن نظام الفصول الثلاثة وفر فرصًا أوسع لتنويع المناهج وزيادة المحتوى التعليمي، كما أتاح للطلاب فترات راحة قصيرة موزعة على مدار العام، الأمر الذي ساعد في تجديد النشاط ورفع مستوى التركيز، لا سيما في المراحل المتوسطة والثانوية.
ولا تزال النقاشات محتدمة على مواقع التواصل الاجتماعي وبين العاملين في القطاع التعليمي، حيث يتبادل المهتمون التحليلات والتوقعات بشأن القرار المنتظر، في ظل غياب إعلان رسمي من وزارة التعليم، التي تلتزم الصمت حتى استكمال دراساتها ورفع التوصيات النهائية للجهات المختصة.
ويُتوقع أن تُبنى التوصيات النهائية على تقارير شاملة أعدتها فرق متخصصة تابعة للوزارة، تتناول مؤشرات الأداء التعليمي، ومعدلات التحصيل الأكاديمي، ومدى تحقيق الأهداف التربوية، بالإضافة إلى التغذية الراجعة التي تم جمعها من الميدان التربوي خلال السنوات الثلاث الماضية.
ومن المرجح أن تُعلن الوزارة عن تفاصيل القرار الجديد خلال الأسابيع المقبلة، بالتزامن مع التحضيرات للعام الدراسي الجديد، إذ تسعى الجهات المعنية إلى توضيح الرؤية مبكرًا لتمكين المدارس من إعادة جدولة برامجها التعليمية، وتوفير الوقت الكافي للتجهيزات الإدارية والتنظيمية.
وتسير وزارة التعليم في المملكة ضمن خطط إصلاحية متسارعة، تستند إلى تطوير شامل للمناهج، والتوسع في تقنيات التعليم الرقمي، وتنمية المهارات المستقبلية للطلاب، ويُعد هيكل العام الدراسي أحد العناصر الحيوية التي تتكامل مع هذه الجهود وتؤثر بشكل مباشر في تحقيق مخرجات تعليمية عالية الجودة.
وتشير التجارب العالمية إلى أن هيكلة التقويم الدراسي تخضع عادة لعوامل متعددة، أبرزها عدد أيام الدراسة، وفترات الإجازة، ومستوى التحصيل، وقدرة النظام التعليمي على التكيف، ما يجعل أي قرار في هذا السياق بحاجة إلى توازن دقيق بين الجودة، والمرونة، وراحة الأطراف المعنية.
ويظل التساؤل المطروح الآن هو: هل ستعود الدراسة في السعودية إلى نظام الفصلين الدراسيين كما كانت لعقود طويلة، أم ستستمر الوزارة في تبني نموذج الفصول الثلاثة مع تعديلات طفيفة؟ سؤال لن تطول الإجابة عليه في ظل الحراك الحالي والاستعدادات المتسارعة للعام الجديد.